ولي العهد لأمير قطر: عدوان إيران سافر لا يمكن تبريره    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على فيصل بن خالد    امتدادا لإستراتيجيته التمويلية المرنة.. صندوق الاستثمارات يؤسس برنامجه للأوراق التجارية    المملكة تنضم إلى توصية منظمة "OECD".. السعودية رائد عالمي في تعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي    مشيداً بدعم القيادة..الأمير سعود بن نايف خلال تدشينه منتدى الصناعة: السعودية تمتلك قاعدة صناعية متينة ومتطورة    قطر توجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الهجوم على قاعدة العديد الجوية    47 أسيرة في السجون الإسرائيلية.. الاحتلال يواصل انتهاكاته في غزة والضفة والقدس    وزارة الخارجية: المملكة ترحب بإعلان الرئيس الأمريكي التوصل لصيغة اتفاق لوقف إطلاق النار بين طرفي التصعيد في المنطقة    بعد حلوله وصيفاً ل" الرابعة".. الأخضر يواجه نظيره المكسيكي في ربع نهائي الكأس الذهبية    سيناريوهات عبور الهلال لربع نهائي مونديال الأندية    الهلال.. زعامة آسيوية وتألق عالمي    الإطاحة ب 4 أشخاص لترويجهم أقراصاً خاضعة للتداول الطبي    شدد على تطوير "نافس" وحضانات الأطفال.. "الشورى" يطالب بربط البحث العلمي باحتياجات التنمية    " الدارة" تطلق مبادرة إتاحة الوثائق التاريخية    أشاد بالتسهيلات خلال المغادرة.. القنصل العام الإيراني: ما قدمته المملكة يعكس نهجها في احترام الشعوب وخدمة الحجاج    بمشاركة المملكة.. مجلس التعاون يناقش العدوان الإيراني على قطر    أسرة الفقيد موسى محرّق تشكر أمير المنطقة على مشاعره النبيلة وتعزيته    إعلان نتائج القبول بالبورد السعودي    نائب أمير منطقة جازان يتسلّم التقرير السنوي لسجون جازان للعام 2024م    أول ورشة متنقلة لصيانة مساجد وجوامع مكة في "جمعية تعظيم"    ولي العهد يؤكد لرئيس إيران موقف المملكة الداعم لتسوية الخلافات عبر الدبلوماسية    الغطاء النباتي وأرامكو ينثران 50 مليون بذرة في الربع الخالي    صور إنسانية من الماضي عن مدينة أبها    إنريكي: المنافسة الحقيقية في «مونديال الأندية» تبدأ الآن    أمانة الشرقية تستضيف الجولات التعريفية للسجل العقاري    قفزة هائلة في سوق الأسهم السعودية ب 254 نقطة    الكعبة المشرفة تتزين بكسوتها الجديدة لعام 1447 ه    أكثر من 400 رحلة حج تغادر مطار المدينة    مجمع إرادة بالرياض يحتفل بتخريج 30 متعافيًا من منزل منتصف الطريق والرعاية اللاحقة    42.5 مليون عملية إلكترونية عبر "أبشر" في مايو 2025    محافظ الأحساء يشيد بخيرية الجبر وبذلها نصف مليار ريال    الشؤون الإسلامية بالمدينة تكثف جهودها التوعوية    تسجيل محمية عروق بني معارض في القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة    أمين منطقة القصيم يوقع عقد مشروع صيانة الشوارع غرب مدينة بريدة بأكثر من 17 مليون ريال    في لبنان.. بلدة ريفية تحظر صياح الديوك    قاضية أميركية تعرقل خطة ترمب لإغلاق أبواب «هارفارد» أمام الطلاب الأجانب    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    قطاع خميس مشيط الصحي يُنظّم فعالية "الإسعافات الأولية"    حرارة شديدة ورياح على أجزاء من عدة مناطق في المملكة    جامعة أم القرى توقّع مذكرة تفاهم مع هيئة جامعة كامبردج لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي في تعليم اللغة الإنجليزية    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    "غرفة نجران :تستعد غدًا لإنطلاقة فعاليات منتدى نجران للاستثمار 2025"    الإسلام دين الرحمة والتسامح لا مكان للكراهية والعنف    روديغر يتهم لاعبي باتشوكا بالعنصرية    الأخضر السعودي لرفع الأثقال البارالمبية يحقق إنجازات عالمية في كأس العالم بالصين    أمير القصيم : عنيزة تمتاز بالسياحة الريفية والعلاجية    حكاية مؤرخ رحل    التوتر اضطراب طبيعي واستمراره خطر    دراسة تحذر من تأثير ضربات الرأس في كرة القدم    بيلينغهام يخضع للجراحة    واشنطن تصدر «تحذيراً عالمياً» للأميركيين    "البحوث والتواصل" يستقبل وفداً إعلامياً صينياً    السدو.. نسيج الذاكرة ومرآة الهوية    6000 موقع عمراني جديد في السجل الوطني للتراث العمراني    الاستثمار في سوريا    محمد بن سلمان: رؤية تُحوِّل الأحلام إلى حقائق    يرجى عدم المقاطعة!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقهنا الدعوي ابتلع فكرة الجاهلية
المحامي عبدالعزيز القاسم:
نشر في اليوم يوم 04 - 12 - 2003

حمل المحامي عبد العزيز القاسم على دعاة محاسبة من اتفق على تسميتهم بمشائخ الصحوة بشدة معتبراً تلك الدعوة جردة حساب شخصية متسائلاً أين كان هؤلاء في السابق ؟
وارجع القاسم سبب انفراد تيار واحدٍ بالمنابر إلى فشل التيارات الأخرى في تطوير خطابٍ يلامس هموم المجتمع وواقعه اليومي فأصبحت هذه التيارات أسيرة واقعها النخبوي المحدود كما كشف القاسم عن المسببات الأساسية لحالة الإرهاب التي يعانيها مجتمعنا بأن ذلك جزء من حالة عالمية وجدت لدينا ما يدعمها من فكرٍ تكفيري غالى منظروه في الدعوة إليه وهذه الحالة أدت إلى سهولة اختطاف الشباب السعودي مما جرنا إلى ساحة المنازلة مع تنظيماتٍ إرهابية مثل تنظيم القاعدة موضحاً ان تراجع الشيخين الخضير والفهد تحول ايجابي يلمس المجتمع بعض آثاره في جمهور معتبر من طيف هذا التيار مؤكداً إننا بحاجة إلى تطوير قنوات للحوار بين هذا التيار ورموزه من جهة وبين فقهاء ومفكري المجتمع للوصول إلى فكرٍ إسلامي معتدل.
سبب العنف الخلل بين
الأمة الإسلامية والعالم
ما المسببات الاجتماعية والفكرية والدينية التي أدت إلى نفق الإرهاب؟
العنف و حمل السلاح مرحلة من مراحل التفاعل الاجتماعي في المجتمع منذ خلق الإنسان فابنا آدم اقتتلا في حوار و تنافس اجتماعي و استمرت المسيرة ، و من التبسيط المخل أن نتجاهل الأسباب و المضمون الاجتماعي و الفكري و السياسي لظاهرة العنف إن أردنا المعالجة الفعالة الصادقة ، فإذا عدنا إلى موجة العنف التي نتحدث عنها فهي جزء من ظاهرة إسلامية عالمية أوسع وهي الاحتجاج الإسلامي على الأوضاع العالمية التي أوجدت خللا في العلاقة بين الأمة الإسلامية و العالم ، فالعنف حالة احتجاج فقدت طريقها الصحيح و اتجهت نحو التخريب والشغب، و من الظلم أن نتحدث عن أسباب محلية خالصة لظاهرة العنف فنحن جزء من العالم، وقد تحولنا إلى ساحة للمواجهة بين التحالف الشعبي العالمي المتمثل في تنظيم القاعدة بمفهومه الهلامي الممتد عبر آلاف المدن في العالم، بيد أن ذلك لا يعفينا من قراءة الأسباب المحلية لظاهرة الاحتجاج العنيف خصوصا اننا نتحول تدريجيا لساحة منازلة ، فلدينا أسبابنا المحلية التي جرفت شبابنا لتلك المجموعات ، فمن الأسباب أننا لم نطور فكرا سياسيا إسلاميا معتدلا الأمر الذي أدى إلى فراغ كان فرصة ذهبية لمن هب و دب يملؤه برسالته التجييشية حتى صار شبابنا وقودا لقضايا الآخرين بكل أسف ، فقد بالغنا في المرحلة السابقة و ركزنا على نصوص الصبر و الصمت و ترك ذلك مجالا لفقه الخروج و التمرد في أكثر صورها عنفا و تمردا ، و من الأسباب التوسع في التبديع وتضييق المجال المشروع للتعامل مع الآخرين فهم كفار لا تجوز موالاتهم ونفسر الموالاة بأنها كل علاقة مع الكافر حتى شملت التعامل الدنيوي الذي كان أضعافه موجودا في مجتمع الرسالة، وكان فقهنا التقليدي قد لجأ إلى هذا التصعيد خلال أزمات وظفت فيها تلك المفاهيم للمواجهة والصراع أكثر من أن تكون قراءة موضوعية للشريعة بدليل التجاهل الشديد للنصوص المخالفة لفقهنا المحلي التقليدي وشرح هذا الموضوع يطول، أما فقهنا الدعوي فقد ابتلع فكرة الجاهلية لدى المرحوم سيد قطب، و هي فكرة مطورة عن فكر تفجير التناقض الماركسية التي جوهرها تعبئة شبيبة الطليعة المناضلة بفكر لا يسمح بتسلل الخصوم إلى التيار و عناصره البشرية فالاتصال بالمجتمع غير البلوتاري تميع نضالي و ربما سماه غلاة المركسيين خيانة للقضية كما فعل ستالين مع التوفيقيين الأوربيين، و لهذا كانت صياغة سيد قطب رحمه الله لفكرة الجاهلية أقرب إلى فكرة تفجير التناقض منها إلى فقه الشريعة ويتجلى هذا قطعيا في استيعاب الشريعة للآخرين من خلال كم هائل من القنوات التي تمنح الشرعية لهم ومن ذلك استيعاب الشريعة لنظام الشورى العربي القرشي، ولنظام العاقلة العربي في تحمل الأقارب دية القتل الخطأ ، ولمعاملات عموم الجزيرة من بيع وشراء و سلم .. وغيرها ، ومن ذلك اتصال النبي صلى الله عليه وسلم بعتاة الأمم الأخرى اتصالا سلميا وقبل من النجاشي إسلامه بقدر طاقته فصلى عليه حين توفي ولم يعتبر ذلك تميعا ثوريا كما تقول الماركسية في صيغتها اللينينية التي استلهمها سيد قطب رحمه الله ، لقد أدى مفهوم الجاهلية إلى قطيعة وجدانية بين جيل الصحوة و الآخرين ، وابتلعنا نحن في المملكة هذه الفكرة بل بادر بعض السلفيين إلى تأصيل هذه الفكرة عبر إفراغ نصوص الولاء والبراء عليها ونصوص الغربة الأمر الذي أدى إلى تعميق مشروعية القطيعة مع الآخرين والقطيعة أساس وجداني و فكري و سياسي للمواجهة و العنف كما نعلم ، ومن الأسباب المهمة سياسة التعامل مع التجنيد الشعبي للجهاد في أفغانستان فقد تم ببساطة و عفوية خطيرتين أدت إلى تكوين جيوب فكرية مسلحة لديها رؤيتها الخاصة في محيطها و تعاملت معها السياسات بتجاهل تام لا يتناسب مع خطورة القضية ، الأمر الذي أدى إلى بناء مخزون بشري هائل قابل للاختطاف لصالح أي تيار احتجاجي مسلح لأنه يتناسب مع الثقافة التي كونتها العملية الأفغانية ، و هذا الجانب من أسباب موجة العنف الإسلامي العالمي تعاملت معه أمريكا بمنتهى اللؤم فقد صبت جام غضبها على العالم بأسره و أخرجت نفسها من مسؤولية أفغنة الثقافة و الشبيبة الإسلامية عبر أكثر من عقد من الزمن.
المسؤولية مشتركة
من يتحمل مسئولية المأزقين الاجتماعي و الديني الذي وصل له المجتمع السعودي؟
الجميع يتحمل قسطا من المسئولية ، فعلى سبيل المثال كانت السياسة التعليمية قد كتبت في أجواء المواجهة مع تيارات معينة و كانت المصلحة آنذاك تقتضي تعبئة الطالب برؤية معينة لمواجهة الاستقطاب بيد أن تلك الظروف قد زالت نهائيا بعد أشهر من اعتماد تلك السياسة ، فقد انهار النظام الناصري برحيل زعيمه وأخذت مصر اتجاها مناقضا بعد ذلك و بقيت المناهج تقدم نموذجا معينا قد يناسب تلك المرحلة لكن الظروف تغيرت بعده و عزز ذلك من تعميق اغتراب الطالب و شعوره بالخطر الفكري والعقائدي من الآخرين ، و قد أوجد ذلك مناخا اختطفته التيارات المتشددة و العنيفة بعد ذلك ، و من مسئوليات الدولة ضخ الحياة في سياسات الدولة و تكوين منظور وطني يترقب من خلاله المواطن حياته الكريمة المستقبلية و موقعه بين الأمم ، و من مسئوليات المؤسسة الدينية في هذه الأزمة ضعف الوعي بالتحولات التي طرأت على المجتمع الحديث الذي شكلت وسائل إعلامه مواطنيه بطريقة تختلف نهائيا عن البيئة التي تشكل فيها الفكر السياسي الإسلامي المحافظ التقليدي ، كما تجاهلت المؤسسة الدينية التقليدية متطلبات الحياة الحديثة في المعاملات و الحياة الاجتماعية و بقيت تنظر إلى الفقه من زوايا اجتماعية تجاوزها المجتمع الآن ، و لهذا انعزل المواطن تدريجيا عن تلك المؤسسة الأمر الذي ترك فراغا شرعيا و وجدانيا خطفته القاعدة و خطابها الثوري الجذاب عاطفيا ، أما المثقفون فقد كان لهم دور سلبي تمثل في الاشتغال بالقضايا الصغيرة و الهامشية و لم يبرز لهم صوت وطني مسموع يستطيع أن يملأ الجانب الدنيوي من حياة المواطن بحيث يشكل نقطة تعادل في مواجهة ثقافة العزلة و السلبية و التشدد التي اجتاحت المجتمع اليافع .. و هكذا تتعدد الجهات المسئولة كما نرى ..
المنابر لاتمنح
الكثير من الأطروحات والبيانات التي أصدرها المثقفون تلقي باللوم على انفراد تيار واحد دون غيره بالمنبر الاجتماعي والفكري في المجتمع مما ضيق الخناق على التيارات الأخرى فكيف ترون ذلك؟
حقيقة اختلفت تلك الأطروحات التي تدعي انفراد تيار واحد بالمنابر .. فالواقع أن المنابر لا تمنح بل تؤخذ غلابا ، و إذا أردنا الصراحة فإن التيار الذي تشير إليه استطاع أن يتعامل مع التوازنات المحلية المعقدة و ينفذ من خلالها إلى المنابر التي أشار إليها السؤال ، و السؤال الحقيقي هو لماذا فشل الآخرون في تطوير منابرهم أو في إيجادها ؟. هذا هو السؤال الجدير بالطرح و إن جاز لي أن أجيب عنه فإنني أبادر بالقول أن التيارات الأخرى قد فشلت في تطوير خطاب مسئول قادر على لمس تطلع الإنسان ، و بعيدا عن تعداد المثالب دعنا نفتش عن خطاب المثقفين الذي يمكن أن يلامس وجدان المواطن هل يمكن أن يكون في خطاب صحفي اختار التعبير المخملي المغضي حياء أو هيبة ؟. أم تراه في الخطاب النسائي الذي أضر بمصالح المرأة البسيطة واوجد ضجيجا حول هموم المرأة النخبة ، المرأة التي تصنع مطالبها وخطابها في منتجعات كان وبيروت والإسكندرية ؟. أم تراه في الخطاب الأكاديمي البارد الذي اشتغل بكل شيء سوى ما يهم المواطن و يقض مضجعه ؟. هل يمكن لهذه الخطابات أن تزاحم خطابا دينيا صاخبا تقمص فوبيا الهوية و الهيمنة و حرك بها أمواج المجتمع البشرية ؟. مجتمعنا دون شك بحاجة إلى نخبة جديدة تنجح في ابتكار خلطة ثقافية تستلهم الهوية الإسلامية و تلاحق المصالح المشروعة للإنسان و تطرح همومه بصيغة قابلة للعيش و الحركة ، هذا التيار مشكلته الأساسية أنه بحاجة إلى تطوير منظور نظري و ليس لدى معظم مثقفينا الجلد على ثني الركب و العمل الجاد لتطوير هذا المنظور ، كما أنه بحاجة إلى موقف مستقل و مسئول يستطيع أن ينفصل عن أجهزة العلاقات العامة الرسمية .. ربما كانت حسنة كارثة أيلول و ما تلاها أنها أوجدت بعض شروط اللعبة و الباقي يجب أن يتولاه المثقفون و المعتدلون من جميع التيارات خاصة مع الرحابة الجديدة للأفق السياسي للدولة مؤخرا ..
أين كان هؤلاء؟
طالب بعض الكتاب مشايخ الصحوة بالاعتذار عما تبنوه سابقاً من أفكار يرون أنها هي المسئولة عن الوضع الراهن ، فكيف ترون مشروعية ذلك؟ وهل سيكون لاعتذار المشائخ دور في كسر حلقة العنف أم ان الخرق اتسع كثيراً على الراقع؟
إذا كانت المسئولية عما يجري مشتركة فمن الظلم أن نطالب طرفا واحدا بالاعتذار لمجرد أن الرياح تسير بما لا يهوى . إنني بصراحة أشك في الصدقية الأخلاقية لذلك الطلب ، و هو يعبر بصراحة عن مأزق أخلاقي في المسئولية الاجتماعية. أين كتابنا هؤلاء عن مواقفهم المباركة لحملات التجنيد ( الإجباري ) إلى أفغانستان ؟. أين مواقفهم المباركة لسياسات التعليم و الإعلام ؟. أين مواقفهم المباركة لتخلف البنية الاجتماعية ؟. بهذه البساطة نتجاهل الجميع لنلطم وجوه المراجعين و المصححين ؟. إن التعامل المسئول مع الظاهرة يتطلب الدعوة إلى معالجة إجرائية تضمن عدم تكرار ما حدث فأن نوقد شمعة واحدة خير من أن نلعن الظلام .
أنصار القاعدة يعيشون بيننا
عندما تقع عمليتان إرهابيتان في قلب العاصمة ويعتقل بين العمليتين ما يقارب الستمائة مشتبه فيه فإلى أي مدى كان المجتمع السعودي مخترقا من قبل تنظيم القاعدة؟
هذا سؤال مشروع ، نعم مجتمعنا مخترق بشكل ملموس ، هؤلاء يعيشون بيننا ، وأنصارهم يملأون الإنترنت تنظيرا وتبريرا لما يجري ، وهذا يدعونا للأخذ بجدية في معالجة الظاهرة من جذورها هناك في الأسباب أو المدخلات و ليس في المخرجات كما يقول الاقتصاديون ، لقد أثبتت الأزمة الحالية للعالم بأسره و ليس لنا وحدنا أن الأفراد يمكن أن يلحقوا ضررا بليغا بالعالم يمكن أن يغيروا مجرى الحياة على ظهر الأرض تماما كما حدث في أيلول ، هذه الحقيقة الجديدة تماما على الفكر السياسي الإسلامي التقليدي و على فكرنا المحلي جديرة بأن نتعامل معها هذه المرة بطريقة غير تقليدية .
أليست مطالب القاعدة كافية؟
هل تعتقد أن هناك مطالب سيطالب بها الإرهابيون وقد نفذوا العملية الثانية دون إعلان مطالبهم؟ وما هدفهم من هذا الصمت؟
المطالب معلنة ! . الخلايا المحلية ليست سوى جهاز تنفيذي لتنظيم سمعنا رسالته السياسية بل هي رسالة أوصلها التنظيم للعالم كما لم يفعل تنظيم من قبل ، المشكلة ليست في رسالته المباشرة ، فقد تحدثوا عن الهيمنة الأمريكية أو الصليبية كما يقولون ، المشكلة الحقيقية في المضمون الحقيقي للرسالة ، ذلك أن الهيمنة الأمريكية مشكلة كونية فما معنى أن يتحملها سكان مجمع المحيا مثلا ؟. أو ما معنى أن يتصدى شبان السعودية لتأديب أمريكا نيابة عن العالم بأسره ؟. ثم لو فرضنا أن هؤلاء الشبان استطاعوا تأديب أمريكا أليس المستفيد الحقيقي هم خصوم أمريكا الكبار ؟. هل يمكن اختزال مشاكلنا في الهيمنة الأمريكية أم أن فكرة مواجهة الهيمنة الأمريكية مجرد راية ترفع لتحقيق شرعية لا تشوبها شائبة ليس فقط إسلاميا بل عالميا ، والهدف الحقيقي يكمن هناك خلف الرسالة المباشرة ، إن قراءة التحالف بين عناصر القاعدة يقودنا إلى استشراف الرسالة الحقيقية إنها في مخاطبة الوجدان الوطني المنكسر بسبب الفشل و الهزيمة و الإخفاق في الوطن العربي والإسلامي ، مخاطبته بلغة جديدة تضرب بكل قسوة في أخطر مناطق القوة لتكسر دفعة واحدة هيبة الشرعيات المحلية و لتصل بعد ذلك إلى تجنيد خط جماهيري مفتوح في جميع زوايا العالم يتحرك في الأطراف ضاغطا على الوسط على الداخل ، هذه الاستراتيجية جديدة على العالم ، كانوا بالعكس يضربون الأطراف الضعيفة للنيل من شرعية الخصم القوي ، الاستراتيجية الجديدة ناجحة إعلاميا و بكل المقاييس بدليل انجفال الجماهير خلفها من كوريا إلى الأرجنتين فضلا عن المنطقة المخاطبة بهذه الاستراتيجية المعضلة أن هذا النجاح سيقود إلى كوارث كوارث وطنية و أممية المسلمون جميعا سيكونون ضحية هذه السياسة المتهورة ، و المهم أن نتعامل مع الواقع الجديد تعاملا غير تقليدي، الزمن لا يحل هذه الأزمات كما كان بعضنا يتخيل سابقا .
من يحاور من
هل تعتقدون ان الحوار مع حملة السلاح سيكون مجديا فيما لو حدث ؟ وعلى أي الأسس سيبنى هذا الحوار؟
مشكلة الحوار انه بحاجة إلى طرف ثان ، في حالتنا من يحاور من ؟. الواقع الملموس أن مشكلة العنف الجديدة عالمية ، قد تعالج بالحوار أفرادا معينين و هذا مكسب فمن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا ، لكن اختزال الموضوع في حوار بهذا المعنى لن يكون مجديا لأن مركز الظاهرة ليس بين أيدينا ، الظاهرة معقدة ، وفيها أجندات كثيرة لن نستطيع بهذه البساطة أن نتعامل مع أجندة معينة منها ، الحوار الحقيقي مع الظاهرة لن يكون إلا بعزلها من خلال مشروع وطني يعالج الجذور و إذا تمكن وطننا من طرح مشروع يلتف عليه الناس ويبعث الأمل في قلوبهم و يجد صدقيته في التطبيق الجاد ساعتئذ ستبدأ العزلة الحقيقية ، و الحوار الوطني الذي بدأ قد يستطيع أن يصنع قنوات فكرية لتواصل التيارات بعضها مع بعض و بالتالي سيوجد وسطا معتدلا ينمو باطراد ، هذا هو الحوار المثمر في نظري .
الارهاب و ليد التطرف ولاجتثاث الإرهاب يجب القضاء على منابر التطرف ومشجعيه الا ترون ان القضاء على التطرف قد يولد تطرفاً آخر كيف يمكن الخلاص من هذه الازدواجية؟
لماذا تفترض أن يعالج التطرف بتطرف مضاد ؟. لماذا لا نصنع بيئة التعدد و الاعتدال برؤية وطنية متماسكة ، معالجتنا للأفكار في الأزمات السابقة كانت ظرفية ، و كانت تتنقل من تطرف إلى تطرف آخر ، الحل لن يكون سوى في بناء ثقافة اعتدال حقيقية تقوم على احترام الاجتهاد و حق المجتهدين و احترام حقوق الآخرين و مصالحهم المشروعة ، و أن يكون وصولنا إلى حقوقنا و تطلعاتنا من خلال الوسائل المشروعة عبر البناء الإيجابي الجاد و ليس البناء الأعمى .
ما مدى القناعة بهذا التحول !!
كيف ترون أهمية تراجع كل من الخضير والفهد عن فتاويهما السابقة؟ وهل التراجع كان عن المنهج أم عن الفتوى فقط؟
يعتبر الشيخان رمزين لتيار معين وتراجعهما أدى إلى آثار واسعة داخل ذلك التيار و هو تحول إيجابي في مصلحة الحياة الفقهية و الدينية للمجتمع فضظلا عن آثاره الأمنظية ، ونلمس بعض آثار هذا التحول في جمهور معتبر من طيف التيارين السلفي و الجهادي ، أما عن نوعية التحول هل هو عن المنهج أم عن الفتوى فالأمران متداخلان و ربما كان السؤال الأهم هو ما مدى عمق قناعتهما بهذا التحول ؟. أعتقد أن لديهما قناعة حقيقية بالتحول بيد أن تحديد جذورها الفكرية من المبكر أن يخاض فيه الآن ، إننا بحاجة إلى تطوير قنوات حوار بين هذا التيار و رموزه من جهة و بينه وبين فقهاء و مفكري المجتمع من جهة اخرى بالقدر الذي يؤدي إلى نضوج فكر إسلامي معتدل له رؤية إصلاحية معتدلة بحيث نضمن استقرار قنوات سلمية للتعبير والمشاركة تحقق فعالية اجتماعية و استقامة للفكر الاحتجاجي بدلا من ترك المبادرة لقادة الغلو و يبقى دور المجتمع و فعالياته أشبه بفرق المطافئ المستنزفة في ملاحقة الحرائق بدلا من بناء المدن الجديدة .
بيئة جديدة للحوار
تباينت الآراء حول هذا التراجع فهناك من يرى أن التراجع اسقط الخضير والفهد من زعامة التيار بينما التيار موجود سواء تراجعا أم بقيا بينما يرى آخرون أن التراجع هو بداية مراجعة منهجية لهذا الفكر كيف ترون ذلك؟
عادة ما يصاحب التحولات الفكرية انقسامات لدى جمهورها بل و منظريها ، وفي الغالب يؤثر كثيرا مضمون التحول وحججه و سياقه في عملية الاستقطاب الجديدة و هذا ليس خاصا بالتيار السلفي فحسب بل هو ظاهرة عامة في الفكر الإنساني ، من هنا كان تأثير الشيخ الفهد أوضح فقد استدل و استشهد و جادل بطريقة أكثر اتساقا ، و الرهان الحقيقي على بيئة الحوار الجديدة سواء داخل السجون أو خارجها و لهذا أدعو بإصرار إلى العمل الجاد على تكوين بيئة حوار صحية يمكن أن تحقق تحولا فكريا حقيقيا بدلا من التحولات المبتورة التي قد تتلاشى في صخب الجدل الاجتماعي بوسائله المفتوحة شديدة الفعالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.