الغضب الاسرائيلي الكاسح الذي اجتاح الاوساط اليهودية في الدولة العبرية والولايات المتحدة بسبب استفتاء كانت نتيجته ان اسرائيل تحتل المركز الاول بين دول العالم التي تشكل تهديدا للسلام العالمي. هذا الغضب الكاسح, الذي قامت قيامته ولن تقعد بسهولة يعطي مؤشرا حقيقيا على ازدواجية المعايير التي تتحكم في العقلية اليهودية عموما والصهيونية بصفة خاصة, ورفض هذه النتيجة التي نشرتها المفوضية الأوروبية لا يغير من الأمر شيئا, فالواضح ان أسهم اسرائيل في أوروبا في انحدار ادى الى ان تكون نتيجة هذا الاستفتاء ان 59% من المشاركين فيه اختاروا اسرائيل كدولة تهدد السلم العالمي, وهو أمر يعرفه العرب جيدا, لكن ان تنتقل هذه المعرفة الى الدولة الأوروبية فهذا ما يغضب إسرائيل وأعوانها, وكما هي العادة فان معاداة السامية هي السلاح الذي تشهره اسرائيل في وجه كل من يعترض على سياستها التعسفية في الأراضي العربية المحتلة, في الوقت الذي تمارس فيه أبشع ألوان الاضطهاد للفلسطينيين, وتتفنن في ابتكار الوسائل للتهرب من أي سلام فعلي يحرمها من ممارسة عدوانها وغطرستها في المنطقة. ويغضب أعوان إسرائيل لهذه النتيجة, وينسون أنها ما فتئت تدمر اي مبادرات يتقدمون بها للسلام, بل يجدون لها الحجج الواهية لتبرير تهربها من أي مبادة سلام مطروحة, والأكثر من ذلك نهم يقابلون عدوانها بالمزيد من المعونات والاسلحة و(الفيتو) السيئ السمعة, فما بقي لم يقدموه لاسرائيل؟ ان تكون اسرائيل في مقدمة الدول الساعية الى تهديد السلم العالمي, فهذا ما يؤكده الواقع, وتثبته الأحداث المتتالية التي يشاهدها العالم, من خلال الفضائيات, وسواء رفضت اسرائيل نتيجة هذا الاستفتاء, او رفضها المتحدثون باسمها, فالأمر سيان, لأنه اعطى مؤشرا حقيقيا لموقف الدول الأوروبية التي تدين الممارسات الاسرائيلية البشعة, وتقف مع الفلسطينيين, دون الالتفات لأي اعتراض إسرائيلي او أمريكي حيال الموقف الأوروبي. يقظة العالم باتجاه الفهم الحقيقي لما يجري في الاراضي العربية المحتلة، تتسع دوائره مع الأيام, ومع ذلك فان اسرائيل سادرة في غيها, ماضية في استخفافها بكل القوانين والقرارات الدولية ونتائج الاستفتاءات في العالم أجمع. فهل من استهتار أكثر من هذا الاستهتار؟