عثر الدكتور ديفيد نابارو على زميله المفقود عمر مكي وهو طبيب سوداني وسط انقاض مبنى مقر الاممالمتحدة في بغداد الذي تعرض لتفجير بسيارة ملغومة يوم الثلاثاء.وقال نابارو فجأة عثرنا على هذا الشخص الذي فقد نصف وجهه وقد تدلت احدى شفتيه من فمه. انه عمر. لكنه لا يزال على قيد الحياة. وعلى مقربة منه يرقد ضحية اخرى. قال نابارو كان هناك رجل اخترق عمود حديدي رأسه. كان الرجل يتحدث لكن من الواضح انه كان يحتضر. وارتجف نابارو المسؤول الكبير في منظمة الصحة العالمية وهو يتذكر التفجير المدمر الذي تعرض له فندق القناة في العاصمة العراقية. ومن الواضح ان نابارو (54 عاما) وهو خبير بريطاني متخصص في الامراض في الدول النامية شعر بعدم ارتياح وهو يروي بعد ساعات من عودته من بغداد يوم الجمعة قصة نجاته من الموت باعجوبة. قال للصحفيين معتذرا هذا حوار مع النفس الى حد ما. انها المرة الاولى التي أتحدث فيها عنه التفجير منذ حدوثه. وكان نابارو في العراق ليساعد على وضع خطة لاعادة الخدمات الصحية وكان مع ثلاثة من زملائه في طابق يقع مباشرة اسفل الطابق الموجود به مكتب سيرجيو فييرا دي ميلو ممثل الاممالمتحدة في العراق. قال نابارو كنت اغادر للطابق الاعلي لارى نادية. وكانت المصرية نادية يونس معارة للعمل مديرة لمكتب دي ميلو من عملها الاصلي في منظمة الصحة العالمية في جنيف. وكانت هي ودي ميلو من بين 24 قتيلا في الهجوم. وتابع نابارو كلامه قائلا فجأة كان هناك هذا الصوت المكتوم غير العادي وشعرت كما لو انني ضربت على قفاي. وعلى الطرف الاخر من الطاولة صرخ راميرو لوبيز دي سيلفا منسق الاممالمتحدة للشؤون الانسانية في العراق أصبت. وأصيب دي سيلفا بشظايا زجاج في جبهته.كما أصيب محمد جامع من مكتب منظمة الصحة العالمية في القاهرة بجروح من شظايا الزجاج. وقال نابارو أرى ان دمه ما زال على دفتري. واستطرد قائلا كانت هناك رائحة شنيعة كما لو انك وضعت كمية من الالعاب النارية في برميل كبير... كان هناك غبار. ثم بدأنا نسمع صرخات وأنينا. وفي الخارج في طرقة مظلمة تناثرت بها الانقاض كان هناك رجل ممدد. قال نابارو كان قميصه غارقا في الدم وكان يتنفس بصعوبة لان شيئا ما اخترق رئته. ومضى يقول لم ندرك أنها كانت قنبلة كبيرة حقا الا عندما خرجنا. كان الناس ينقلون للخارج ويتم وضعهم في فناء صغير امام المبنى. كان هناك اناس يحتضرون وأناس فارقوا الحياة.واناس جرحت وجوههم بالزجاج المتطاير. وعثرت مجموعة صغيرة من الاطباء على بعض معدات الاسعاف الاولي وضمادات. قال نابارو كان علينا ان نوقف النزيف لم نكن نريد أن يموت أحد بسبب النزيف. وتابع قائلا كنت أفكر.. كم من الوقت سيمضي كي يصل الجيش لانه كان لدينا عشرة أشخاص على الاقل كان يتعين نقلهم بسرعة... ثم كان هناك تكثيف في الوقت لان الدقائق العشرين او الثلاثين الاولى مرت كما لو كانت فيلما بطيئا جدا. ثم جاء الامريكيون وبدأنا نخرج... تعين علينا في البداية أن نعمل كما لو كانت هناك سحابة تخيم علينا وسط أصوات الصراخ والانين وفجأة جاء الجميع. قال نابارو انه انتقل عندئذ هو والاطباء الاخرون الى الجزء الاكثر تأثرا من المبنى. وقال ذهبنا الى هناك وأدركت أن من المؤكد تقريبا أن سيرجيو تحت الانقاض هناك وان نادية تحت الانقاض هناك.وفوق الانقاض كان الجنود يحاولون رفع قطع من الخرسانة حيثما استطاعوا. واستطرد نابارو قائلا لكن كانت بعض القطع كبيرة جدا ومن الواضح انهم /الجنود/ لم يرغبوا في ازاحة اي شيء يؤدي الى تساقط قطع صغيرة من الخرسانة على شخص قد يكون حيا... كان الامر صعبا للغاية. بدا كما لو أننا تعرضنا لزلزال. ولا يتفق نابارو مع قادة سياسيين وصفوا الهجوم بانه عمل شرير. قال بهدوء ليس هذا شرا. انه الجهل. وتابع قائلا اولئك الذين فعلوا هذا لم يدركوا الخير المطلق الذي يمثله اناس مثل سيرجيو ونادية.