في ظل التغيرات السعرية السوقية والعالمية اضافة الى طبيعة المعاملات المالية والنقدية الداخلية وبالتالي تأثيرها على الاسواق المحلية، اصبح التعرف على مصادر التضخم ومعالجتها من الضروريات التي من شأنها ان تحفظ وتنمي المدخرات والاستثمارات خصوصا في البلدان النامية. النتائج الاحصائية اثبتت عدم قدرة المعاملات النقدية على تفسير التضخم وذلك عند تطبيق معادلات هاربرجر على تحليل ودراسة مصادر التضخم في اربع دول خليجية هي السعودية، قطر، الكويتوالامارات العربية المتحدة، فقد اشار معامل التمديد المعدل الى ان هذه المعاملات لم تفسر سوى اقل من 25% من التغيرات في الاسعار، علاوة على ذلك فان معدلات النمو في عرض النقود لم تكن مصدرا من مصادر التضخم حيث تميزت بالتغيرات البطيئة مقارنة بتغير الاسعار، ومن ناحية ثانية فان اضافة اسعار الواردات الى الدوال الاحصائية اضفت ديناميكية على هذه التعاملات النقدية وعلاقتها بالاسعار، وتبين الاحصاءات والمؤشرات والنتائج ان السياسات النقدية لم تكن سببا ولا مصدرا من مصادر التضخم بمعدلاته الحالية في هذه الدول مما يستوجب التركيز على قطاع الواردات والقطاعات الاخرى عند معرفة مصادر التضخم وتحليلها للتحكم بها او علاجها مع تطور المؤسسات المالية والنقدية والقطاعات التنموية في الدول النامية زاد الجدل في هيئات التنمية الدولية ومؤسساتها حول التضخم في الدول النامية ومصدر هذا التضخم الذي يؤثر سلبا على الادخار والاستثمار بصفة عامة. منذ بداية السبعينيات شهدت القطاعات التنموية في البلدان النامية ارتفاعا في الاسعار مما جعل البعض يعزو هذا الارتفاع لبعض السياسات الخاصة بسوق العمل او سوق السلع او عرض النقود، والسياسات المالية والنقدية المتبعة في هذه البلدان, وبغض النظر عن السياسات المتبعة في هذه البلدان فان الحاجة اصبحت ضرورية لمعرفة مصدر التضخم لمعالجته حتى لا يكون عائقا في تنمية هذه البلدان والحد من مدخراتها واستثماراتها. خلال العقود الثلاثة الماضية اعتمدت الدراسات الاقتصادية الخاصة بالتضخم على تفسيرات النظريات المالية والنقدية كأساس لمصدر التضخم، وذلك استنادا لدالة هاربرجر التي انطلقت من بيئة ذات معدل تضخمي عال جدا في امريكا اللاتينية اي خلال فترة زمنية كانت معدلات التضخم فيها مرتفعة جدا. ومن ناحية ثانية كانت هناك استفسارات كثيرة عن مدى ملائمة هذه العلاقات الاقتصادية والمالية بالتضخم في دول لم تشهد هذه المعدلات المرتفعة من التضخم، مما جعل البعض يدرس الظاهرة على دول نامية لم تشهد سوى معدل متوسط من ارتفاع الاسعار وخلال فترة زمنية أطول. وقد اتسمت الدراسات السابقة بانها تغطي دولا ذات معدلات تضخمية عالية او دولا غير بترولية ذات معدلات تنموية معتدلة او منخفضة.ان الاهتمام بدراسة التضخم في دول الخليج البترولية اصبح امرا هاما خاصة انها قد شهدت معدلات عالية من النمو، كما كانت هذه الدول سببا في التغيرات البترولية خلال العقود الثلاثة السابقة، وذات معدلات متوسطة من التضخم مما يعزز اهمية الكشف عن المصادر الاساسية للتضخم ومدى ملائمة هذه السياسات في التحكم بمعدلات التضخم المالية والمستقبلية. وتتبع كل من المملكة العربية السعودية وقطروالكويتوالامارات العربية المتحدة سياسات مالية ونقدية متشابهة معتمدة في دخلها على الاسعار العالمية للبترول، مما يجعلها عرضة للتغيرات السعرية البترولية وبالتالي على قدرة الدولار في مجابهة الين الياباني والمارك الالماني والعملات الاخرى.وتعتمد هذه الدول ايضا على استخدام معظم هذه الايرادات في تمويل الواردات لاحتياجاتها التنموية من مواد استهلاكية الى نقل تكنولوجيا للاستفادة قدر الامكان من هذا المورد الحيوي الهام. ورغم التغيرات الاقتصادية العالمية في هذا القطاع والقطاعات المصاحبة استطاعت هذه الدول ان تحقق معدلات نمو مرتفعة حيث سجل الدخل القومي الحقيقي نموا سنويا مقداره 12 بالمائة، و10 بالمائة لكل من السعودية والامارات و5 بالمائة لكل من الكويتوقطر. وخلال العشرين سنة الماضية ابقت هذه الدول على معدلات منخفضة الى متوسطة للتضخم، حيث بلغ معدل التضخم 5.42 بالمائة في السعودية و3.11 بالمائة في قطر و2.5 بالمائة في الكويت و3.4 بالمائة في الامارات العربية المتحدة.مما لاشك فيه ان التعرف على مصادر التضخم ومعالجتها اصبح امرا ضروريا تستدعيه التغيرات السوقية العالمية لما لها من تأثير على الاسواق الداخلية ومن ثم على المدخرات والاستثمارات خصوصا في البلدان النامية. من ناحية ثانية دأبت الدراسات الاقتصادية في تحليل التضخم على اتباع الدوال النقدية التي اشتقت لتحكم هذه العلاقات مع الاسعار للتعرف على مصادر التضخم ومن ثم معالجة تغيرات هذه العوامل. النتائج الاحصائية للمعادلات التي اجريت على الدول الاربع السعودية والكويتوالاماراتوقطر لم تعزز دعما حقيقيا يمكن من خلاله التسليم بدور المعاملات النقدية او المالية في تزايد معدلات الاسعار في هذه الدول. معامل التمديد اشار الى عدم قدرة المتغيرات المستخدمة في تفسير 50 بالمائة من التغيرات السعرية في هذه الدول عدا السعودية، وعلاوة على ذلك فان متغيرات النمو في عرض النقود والمعاملات النقدية لم تكن ذات فعالية في شرح وتحليل التغيرات السعرية وذلك من خلال عدم معنوياتها النظرية أو كون قيمها قريبة من الصفر أو من خلال اختلال اتجاهاتها النظرية كما في المملكة العربية السعودية المعاملات السعرية عن طريق اسعار الواردات من ناحية اخرى كان لها دور كبير في تفسير التضخم في كل السعودية والاماراتوالكويت مما يوصى بوجود دعم حقيقي للاعتقاد بان مصدر التضخم في هذه الدول عبارة عن مصادر خارجية عن طريق الواردات التي تعتمد عليها هذه الدول وبدرجة كبيرة في تدعيم وتطوير قطاعاتها وخدماتها التنموية. جامعة الملك سعود - القصيم