منيرة الخميري أنا ابنة لمنطقة تحدّث عنها كثيرون، كلٌّ حسب وجهة نظره وبُعده الجغرافي ورؤيته الثقافية، تزداد الأقاويل فتزداد جمالا. نخلد إلى النوم بين عطر البساتين والمزارع، ونصحو نُحدث أنفسنا وبعضنا وماذا بعد؟ لا نكتفي بما تم بالأمس ولا نهنأ بالقليل، نُسابق الزمن ونتسابق بالأفكار والمبادرات، هُناك شيء يدفعنا للأمام، خطواتنا لا تقبل إلا الصعود، ثقتنا في بعض وما نملك أوجدت بيننا منافسة إيجابية. نعم، هي منطقة المناشط والمهرجانات، إذ أتقن صُناع التميز التسويق لها، فخرجت متّوجة للعالمية وهي بلد المليون نخلة، حيث أوجد سوق التمر فُرص عمل كبيرة للشباب. الشباب والشابات الذين أبدعوا في تحقيق ذواتهم من خلال الوجود في سوق العمل، وقد أقصوا ثقافة العيب، بدعم مستمر من ذلك الأمير الرائع فيصل بن مشعل الذي نقف احتراما وتقديرا لما يبذله من جهود مباركة لمصلحتهم، إذ جعلهم جُل اهتمامه بدعمهم في كل مناسبة، وتسخير كل الإمكانات لهم، يقينا منه أنهم عماد الوطن وقلبه النابض، هذا الجيل الذي لا يقف في البحث عن التطوير والتعليم. ولم تقف إبداعات شباب وشابات المنطقة على سوق العمل فقط، بل رسموا خريطة التطوع بإتقان وعطاء لا محدود، إذ نذروا أنفسهم في خدمة مجتمعاتهم، فأصبحوا أيقونة العمل التطوعي. يحدّثوني عن ثراء القصمان وبُخلهم، فأحدّثهم عن قصص نجاحات لم تأت عبثا، إنما الاجتهاد والتركيز في العمل، والرغبة العارمة في إنجاح مشاريعهم التي يتبنوها، مما جعلهم معروفين ومميزين في دول الخليج والشام والعراق، عقول تجارية واقتصادية بالفطرة، رجال مغامرون أذكياء في تحصيل الرزق، يُديرون ما يحققون بحنكة دون بُخل أو تقصير، بل هم الأكثر انفتاحا على الحياة والسفر، والاطلاع على الثقافات الأخرى. متقدمون في العلم -رجالا ونساء- طموحاتهم تعانق السماء، يغتربون ويحملون في حقائبهم الإصرار على البلوغ لما رسموه من مستقبل، لا تهزمهم ضغوطات ولا يستطيع اليأس أن يدهمهم، لا يكتفون بالثراء المادي وحسب، إنما العلمي والأدبي والثقافي. لا أُنكر أنه استفزني بعض الأحاديث غير المُدركة لواقع القصيم، بقولهم ماذا لديكم يا القصمان؟! غير مُنتَجَي التمر والكليجا! ليأتي رد ابنة القصيم الغيورة عبر تغريدة «القصيم ليست قرص كليجا وتمر سكري، ولمن لا يعرف منطقتي إلا في هذين المنتجين أُخبرهم أن القصيم منطقة تاريخية وأرض حضارة، خرج من مُدنها الصغيرة نخبة من الرواد والمثقفين والأدباء والكُتاب والمفكرين»، وكما ذكر أحد المتابعين أن المنتجين هما ماركة تجارية امتازت بها القصيم، ولا تُلغي دور القصيم الضارب في جذور الحضارة، والذي تخرج منها نخبة من رجال العلم والعلماء والأدباء والمثقفين والمفكرين، والسفراء والوزراء والقضاة وأئمة الحرم، ورجال الأعمال والأطباء بجميع التخصصات. وما تم قبل شهرين من حدث ثقافي في المنطقة، إذ حط معرض الكتاب رِحاله ضيفا كريما على منطقتنا، الُحلم الذي غردت فيه عام 2016 وأنا أرى «الرياض تقرأ»، لأجد حُلمي يتحقق في أحد صباحات 2018 لنصحو على «القصيم تقرأ»، محافظاتها تتعطر بالكتب وتستنشق الكلمة، إذ بلغ عدد زوار المعرض في اليوم الأول 50 ألف زائر يحتفون بالكتاب في شغف لتستحق القصيم لقب منطقة الثقافة، هو حراك ثقافي فخم أحدث ضجة ثقافية فاخرة من الرُقي الفكري والأدبي والاجتماعي، أوجد خط تواصل بين المثقفين والأدباء على مستوى المملكة، لينتهي عُرس الثقافة والُكتاب والأدباء لمبيعات قيمتها 20 مليون ريال، لتبقى أرض النخيل تنطق بلغة الكِتاب.