يحدثني أحد منسوبي وزارة الصحة الإداريين، بأنه ما زال على المرتبة الوظيفية التي تعين عليها منذ 12 عاما تقريبا، وحينما سألته عن الإخفاقات في تاريخه الوظيفي وما هي المشاكل الكبرى التي افتعلها ليبقى طوال ال12 عامًا «مكانك راوح»؟ قال لي ببساطة «ولا شيء»، بل على العكس فتقييمي الوظيفي 5 من 5؛ وما إن بدأ بسرد التفاصيل حتى تكشفت المشكلة بأن القائمين على نظام الترقيات تقريبًا لم يعيروا مصطلح «التحول الرقمي» اهتمامًا كبيرًا، بينما هذا المصطلح المهمل بالنسبة لهم تصدرت به حكومتنا الإلكترونية أفضل التصنيفات عالميًا في أغلب جهاتنا الحكومية. فببساطة يقول لي إن نظام الترقيات كالتالي: يتاح لهم الترشح للترقيات في مدة أقصاها 5 أيام عبر منصة (مسار) التابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، يختارون خلالها الرغبات حسب أفضليتها وتوفرها على المنصة، ومن ثم تغلق تلك المنصة، وبعدها بأيام تفتح لهم منصة داخلية تتبع لوزارة الصحة اسمها (موارد)، وتكون متاحة لمدة يومين وفي وقت إجازة نهاية الأسبوع فقط، من الساعة 4 عصر الخميس إلى الساعة 6 من صباح الأحد، ثم تغلق ولا توجد فرصة لفتحها إلا بعد حين. وخلال هذه الفترة يقدم المتقدمون للترقية البيانات والشهادات التي تبرز جداراتهم مثل عدد الساعات التطوعية وشهادات الدورات المعتمدة التي حصلوا عليها من منصة (دروب) ومنصة (إثرائي) وغيرها من المنصات الحكومية المدرجة في منصة (نفاذ)، وعليهم أن يستخرجوا كل هذه الشهادات من كل تلك المنصات بإنزالها بصيغة PDF ثم رفعها مجددًا إلى منصة موارد التابعة لوزارة الصحة وإلا لن يقبل المتقدم. السؤال البسيط والبديهي!، أليست جميع الشهادات المعتمدة من دورات وتطوع لدى وزارة الصحة والمطلوبة لترقيات إدارييها هي بالأصل صادرة من منصات حكومية مرتبطة بنفاذ؛ ولا يمكن الدخول للتسجيل في تلك الدورات إلا عبر نفاذ نفسه، وبهذا فهي مرتبطة إلكترونيًا برقم الهوية الوطنية؛ ولا يفترض أن يطلب (مسار) إلا رقم الهوية حتى تظهر باقي متطلبات المفاضلة آليًا، فلماذا تطلب منصة مسار كل هذا، ثم يطلب مرة أخرى إعادة رفعها يدويًا مرة أخرى على نظام (موارد)؛ فهذا الإجراء ليس بدائيًا فحسب، بل إنه يفتح المجال لتزوير الشهادات والمشاهد، بينما الربط الإلكتروني هو حائط صد أساسي لمنع المستخدم من إدخال أي شهادة مزورة، كونها تسحب بياناتها آليًا، كما تظهر لنا في تطبيق توكلنا أغلب بياناتنا حتى الأقل أهمية، فما البال بشهادات حكومية، فضلًا على أنه تسهيل لهذا الإداري المنتظر لسنوات، ويذهب انتظاره سدى، لمجرد أنه تم تطويل هذه الرحلة التي حرمت عشرات الآلاف من الترقيات طوال هذه السنين؛ فحتى نجد خدمة صحية جيدة -نحن بقية المواطنين والمقيمين- اختصروا الطريق و(سهلوا ترقيات إدارييكم يالصحة).