في كل عام، تُسطّر المملكة العربية السعودية قصة جديدة من العطاء في خدمة ضيوف الرحمن، مجسدة بذلك أعظم صور الشرف والمسؤولية في رعاية الحجاج والمعتمرين، وسط جهود جبارة لا تعرف التوقف، وقيادة رشيدة تضع خدمة الحرمين الشريفين في صدارة أولوياتها. فمنذ عهد المؤسس، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- ظلت خدمة الحجاج والعناية بهم حجر الزاوية في نهج الدولة، تُسخّر لأجلها الإمكانات، وتُبذل في سبيلها الجهود والموارد، دون كلل أو ملل. فمن خلال إدارة ملايين الحجاج في وقتٍ ومكان محددين، وبخطط متقنة تحفظ أمنهم وسلامتهم، هي مهمة تفوق الوصف، لكنها أصبحت بفضل الله ثم بفضل الخبرات السعودية المتراكمة، نموذجًا عالميًا يُدرّس في كبرى المؤسسات الأمنية واللوجستية، فكل عام تُثبت المملكة أن التخطيط المتكامل، والتنظيم المتقن، واستخدام التقنيات الحديثة في المراقبة والتحكم والتوجيه، يمكن أن يجعل من أعقد التحديات الميدانية تجربة ناجحة وفريدة. فلا تكتفي المملكة بتأمين الحد الأدنى من الخدمات، بل تتجاوز التوقعات دومًا، بتوفير أفضل بيئة ممكنة لأداء المناسك براحة وسهولة. فتوسعات الحرمين، وتطوير البنى التحتية في المشاعر المقدسة، والنقل الحديث عبر قطار المشاعر والحافلات الذكية، والمبادرات الصحية المتقدمة، كلها شواهد على استثمار الدولة في كل ما يخدم ضيوف الرحمن، دون النظر إلى كلفة أو جهد. ما تبذله المملكة سنويًا ليس مهمة إدارية فحسب، بل واجب ديني ووطني وإنساني، يحمله أبناء هذا الوطن بكل حب وفخر. ويكفي أن ترى رجال الأمن والكشافة والكوادر الصحية والمتطوعين وهم يقدمون خدماتهم للحجاج بروح من الإخلاص والتفاني، لتدرك أن خدمة الحج في السعودية ليست وظيفة، بل عقيدة وموروث تتوارثه الأجيال. فمن خلال تنظيم الحج، ترسل المملكة رسالة سلام ووحدة وتعاون للعالم أجمع، تؤكد من خلالها أن الإسلام دين الرحمة، وأن أرض الحرمين هي مهد السلام ومركز التقاء الشعوب، وفي وقت تتصاعد فيه التحديات عالميًا، تظل السعودية نموذجًا في تعزيز التعايش وخدمة الإنسان، دون تفرقة أو تمييز. وهكذا كانت المملكة، وهكذا ستبقى؛ حاميةً للحرمين الشريفين، وخادمةً لضيوف الرحمن، ومصدر فخر واعتزاز لكل مسلم على وجه الأرض وقد ارتأت القيادة السعودية، منذ عهد المؤسس، الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- أن يتشرف كل ملك من ملوك هذه البلاد المباركة بلقب خادم الحرمين الشريفين، تأكيدًا على عظمة المسؤولية، وسمو الرسالة، وعمق الالتزام تجاه خدمة الإسلام والمسلمين، وتيسير أداء هذه الشعيرة العظيمة لكل حاجٍ قَدِم من أقصى الأرض أو أدناها.