الصندوق السعودي للتنمية ومجموعة البنك الأفريقي للتنمية يوقّعان مذكرة تفاهم لتعزيز التنمية الدولية المستدامة    تقرير رؤية المملكة 2030.. الأرقام تشهد    رئيس مجلس الوزراء العراقي يغادر الرياض    الخليج والصفا.. تحدٍّ جديد في دوري اليد    إدارة تعليم جدة تقرر تحويل الدراسة "عن بعد" غداً    «بنات ألفة» يقتحم أسوان للأفلام    قلق في مجلس الأمن من هجوم وشيك على الفاشر    برعاية محافظ الطائف.. انطلاق فعاليات مهرجان الورد الطائفي «قطاف 19»    عباس يحذر من التهجير: وضع غزة مؤسف    روسيا وأوكرانيا تتبادلان إسقاط المسيرات    «الخارجية»: المملكة تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوترات العسكرية شمال دارفور    أسير فلسطيني يفوز بالبوكر عن «قناع بلون السماء»    سمو أمير منطقة الباحة يستقبل مدير عام فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة ويتسلم تقرير عن الحالة المطرية    الوسطية والاعتدال أبرز قضايا مؤتمر "تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي"    معلومات عن باستيان حَكَم مباراة الاتحاد والهلال    حتى لا نفقد هيبة الأخضر في آسيا    أولى رحلات خطوط شرق الصين الجوية تصل السعودية    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزيرة خارجية المكسيك    ولي العهد وأمير الكويت يستعرضان أوجه العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين    الاتفاق يفتح ملف الفيحاء    حفلات فنان العرب مؤجله حتى إشعار آخر    رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي: السعودية شهدت تطورا يعكس طموحها الاقتصادي    افتتاح الملتقى السنوي الثاني للأطباء السعوديين في إيرلندا    منتدى الرعاية الصحية السعودي الأمريكي يحتفي بالابتكار والتعاون في تكنولوجيا الرعاية الصحية    أشباح رقمية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالرحمن بن فيصل بن معمر    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    أمير تبوك يواسي أبناء أحمد الغبان في وفاة والدهم    مؤتمر أورام الكبد يختتم فعالياته بالخبر بتوصياتً هامة    وكيل محافظة الزلفي يدشّن فعاليات أسبوع البيئة    ساعة أغنى رُكاب "تيتانيك" ب1.46 مليون دولار    رسمياً.. الزي الوطني إلزامي لموظفي الجهات الحكومية    صدور الموافقة السامية علي تكليف الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبد العزيز التميم رئيساً لجامعة الأمير سطام    فرنسا تطرح مقترحات لمنع الحرب بين إسرائيل وحزب الله    أمطار تؤدي لجريان السيول بعدد من المناطق    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    «هندوراس»: إعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول    وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    طابة .. قرية تاريخية على فوهة بركان    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية.. استمرار الجسر الإغاثي السعودي إلى غزة    فريق طبي سعودي يتفوق عالمياً في مسار السرطان    العرض الإخباري التلفزيوني    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    270 دقيقة.. ويهتف «الشقردية»: نحن الأبطال    مؤتمر دولي للطب المخبري في جدة    أخصائيان يكشفان ل«عكاظ».. عادات تؤدي لاضطراب النوم    وصمة عار حضارية    التشهير بالمتحرشين والمتحرشات    تجربة سعودية نوعية    (911) يتلقى 30 مليون مكالمة عام 2023    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    الأرصاد تنذر مخالفي النظام ولوائحه    واشنطن: إرجاء قرار حظر سجائر المنثول    المسلسل    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتغطي بالأمريكان عريان
نشر في الوطن يوم 18 - 08 - 2021

في يونيو الماضي كنت أقول لأحد الدبلوماسيين الأمريكيين المخضرمين السابقين، عن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، «ذكرى سقوط سيغون تعاد تمامًا! ألم يستفيدوا من الدرس بعد كل هذه السنين!»، فرد قائلا: نعم لا يبدو أنهم يتذكرون تلك الصورة المريرة من فيتنام.
لم يخطر ببالنا في ذلك الوقت أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان الآن سيكون بهذا السوء، وفعلا يعاد منظر سقوط مدينة سيغون حرفيًا بيد الجيش الفيتنامي الشمالي، وهروب الأمريكيين بالهليكوبتر من سطح السفارة الأمريكية، والصورة الشهيرة لأناس متزاحمين على سطح السفارة، الصورة نفسها عادت مرة أخرى في أفغانستان، ولكن بمروحية أحدث طرازًا، بل كان الانسحاب الأمريكي حتى أسوأ مما توقع أكثر المتشائمين.
هكذا يكون فشل السياسة الخارجية عندما تدار بالشعارات وشعبوية اليسار، فهناك شبه إجماع بين الباحثين والسياسيين المخضرمين، على أن الإدارة الأمريكية الحالية، خصوصًا في السياسة الخارجية والأمن القومي هي الأسوأ منذ 45 سنة.
وهذا ليس قول بعض الجمهوريين، ولكن هناك أصواتا كثيرة بين المخضرمين والوسطيين الديمقراطيين تقول ذلك في الجلسات المغلقة، ولكن لا تجهر به من أجل تماسك الحزب، لكن الآن بدأت بعض الأصوات المهمة تنتقد علنًا عدم كفاءة الإدارة الحالية.
يزعم بعض مسؤولي الإدارة الأمريكية أن الجيش الأفغاني انهار، وليست له رغبة في القتال رغم أكثر من 80 مليار دولار صرفت عليه، الحق يقال إن الإدارة الأمريكية الحالية مثل الجيش الأفغاني في عدم الكفاءة، حتى إن لم تدرِ، فهما متشابهان!.
فإدارة بايدن الحالية رغم أنها تملك الأدوات والمعدات إلا أنها ليست لديها الرغبة والإرادة لاستخدامها، كما حال الجيش الأفغاني الذي يستهزئون منه.
في قياس قوة الدول هناك معادلة شهيرة سببت نقاشًا طويلًا بين المختصين والباحثين وهي معادلة كلاين، وأحد عناصر المعادلة هو الحرف (دبليو) وهو اختصار لكلمة (إرادة) بالإنجليزية، مهما كانت قوتك العسكرية والاقتصادية والشعبية، فإنه في المحصلة مضروبة بحرف دبليو وهو إرادة الأمة، حتى القوة العسكرية والاقتصادية والبشرية تجمع مع بعضها، لكن الإرادة تكون حسابيًا مضروبة، لذلك تؤثر كثيرًا في المحصلة النهائية، وهذا ما يحدث الآن في إدارة بايدن، الإرادة ضعيفة ومشتتة.
هذا الأداء من بايدن كان متوقعًا، خصوصًا عندما بدأ يرخي سمعه ويأخذ بشعارات اليسار المتطرف، بدل أخذ المصالح الأمريكية وآراء الخبراء في الاعتبار. اليسار المتطرف أو ما يطلق عليهم في الإعلام تلطيفًا (اليساريون التقدميون)، لكن الأكثر عملية ودقة هو«اليساريون الشوعيون أو الاشتراكيون»، لكن بما أن مفردة اشتراكي تثير ردود فعل الأمريكيين، غيروها إلى تقدميين، وإلا فإن أفكارهم وشعاراتهم مزيج من الشيوعية والاشتراكية، فهم يكرهون تقريبًا كل أصدقاء أمريكا في الخارج، ويمجدون أعداء أمريكا، وشعاراتهم وأفكارهم خيالية ولا تصلح للواقع، منها شعار (إنهاء الحروب غير المنتهية)، وبكل سذاجة إذا انسحبت من حرب، فلا يعني ذلك أنك أنهيتها بل ستتبعك، مهادنة أعداء أمريكا لن تجعلهم يحبونها، فالعالم ليس مدرسة أطفال.
لقد قامت إدارة بايدن بعمل خطير يؤثر في الاستقرار والأمن والسلم الدولي، فلقد سلمت أفغانستان على طبق من فضة لطالبان بكل هذه المعدات والأسلحة والتقنية، كما فعل سيئ الذكر المالكي مع داعش، بل الأسوأ من ذلك أن الإدارة الأمريكية الحالية، سلمت السجون التي تضم آلافًا من أفراد القاعدة وداعش لطالبان التي أطلقتهم فورًا، ويمكنك الآن أن ترى المعادلة بوضوح (آلاف من المتشددين + أسلحة حديثة ومعدات + مأوى وأرض) ويمكن أن تستنبط النتائج !.
هناك حديث بين النخب في واشنطن، أن بايدن لا يدير الأمور إلا شكليًا، وأن الطاقم المرافق مجرد أراجوزات أو ألعاب، وأن من يدير الأمور من خلف الستار هي ذراع أوباما، سوزان رايس وهي شخصية غير محبوبة من الطرفين الديمقراطيين والجمهوريين، لكن بسبب دعم أوباما لبايدن في الانتخابات، وضعها رغم أنف كل المشككين من الديمقراطيين.
ما حدث ليس تخطيطا عميقا ومقصودا كما يذكر البعض، هذا صحيح لو كان أيام ريغان أو كلينتون أو بوش الأب، وكان مستشار الأمن القومي بريجنسكي أو هنري كسنجر وليس الفريق الحالي !.
المصيبة الأكبر حاليًا، أن الفريق في السياسة الخارجية والأمن القومي الذي أدار ملف أفغانستان بكل فشل ذريع، هو نفسه من يدير ملفًا مثل إيران والملف النووي والعراق، فلا تستغرب أي فاجعة منهم مستقبلا!، حتى الديمقراطيين بدأنا نسمع من الوسطيين منهم أحاديث جانبية، يقولون، إذا هذا الفريق لم يستطع إدارة ملف الخروج من أفغانستان، فكيف سيكون قادرًا على إدارة ملف هائل مثل الصين!.
حلفاء أمريكا في العالم وأعداؤها ينظرون لهذه المأساة بعين التدقيق، الحلفاء تأكدوا أن «المتغطي بأمريكا عريان»، والتاريخ يعيد نفسه من شاه إيران إلى أفغانستان، بينما الأعداء ينظرون بعين الشهية لتحدي أمريكا مع وجود الإدارة الحالية قليلة الكفاءة.
هل هناك شيء إيجابي في الموضوع ؟ نعم هناك كل شيء جيد في كل شيء مهما كان سيئًا، فهو إيجابي.
الآن أمريكا لا تحاضر على أحد في مجال الأزمات الدولية (ترا ممكن يسوونها!)، أمريكا ما لها عين تفتح مع أحد كيف يدير أزمات منطقته بعد الذي حدث. لنأخذ -على سبيل المثال- اليمن، مطالبات اليسار الاشتراكي في اليمن أصبحت من الماضي، وإذا أحد فتح فمه أغلقوه بمهزلة أفغانستان !. أعتقد يجب الاستفادة من سيناريو أفغانستان في اليمن وخصوصًا الأخطاء، أرى الوقت مناسبًا لدك الحوثي دون وضع أي اعتبار للقوى الدولية، والحجة جاهزة، وأمامنا مأساة أفغانستان، حتى لا تتكرر، أرى أن السيناريو الذي وضعه المحترفون والمخضرمون من الدبلوماسيين ورجال الأمن والدفاع والاستخبارات لأفغانستان قبل سنوات، وتم رفضه من الإدارات الأمريكية رغم نجاعته، قد يلائم اليمن مع بعض التعديل.
أيضًا وضع نظام أمني دفاعي جديد لمنطقة الشرق الأوسط للحماية من إيران وحلفائها والإرهاب، حتى مع وجود خلافات بينية للبعض، لكن الاجتماع على المصلحة العليا أصبح ضرورة في وجود الإدارة الأمريكية العرجاء قبل موعدها، وأعتقد أن إطلاق يد إسرائيل في الملف النووي الإيراني، أصبح منطقيًا فهم الأعرف فيه، ربما أكره أن أقولها لكن طلع المتشدد نتنياهو صائبًا عندما كان لا ينسق مع الإدارة الأمريكية لأنها ضعيفة وفاشلة في نظره !.
على دول الشرق الأوسط حاليًا أن تأكل بيدها أو تنسق للوصول لمصالحها العليا ولا تأخذ الرأي أو النقد الأمريكي بالحسبان.
عليها أن تفعل ما يجب فعله، وبعد ذلك بعض النقد أو الإدانة الأمريكية بالكلمات، لن يضر كثيرًا (رأس مالها ندين ونستنكر). وإذا أدان وبدأ يحاضر و«زودها حبتين»، يمكنك أن ترسل له، صورة الهليكوبتر الأمريكية تجلي من سطح السفارة الأمريكية في كابول، أو فيديو المساكين الأفغان متعلقين بطائرة سي 17 الأمريكية على المدرج وبعضهم يسقط من الجو !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.