لم تدرك القاعدة والمجموعات المرتبطة بها بعد أنه لا موضع قدم لها في سوريا التعددية والتعايش المشترك؛ لذا فهي مستمرة في القتال ضد مكونات الثورة السورية بغرض السيطرة على بعض المناطق وصنع نفوذٍ على الأرض يضمن لها الوجود هناك في مرحلة ما بعد بشار الأسد. وتبدي القاعدة استعداداً لقتال الجميع في سبيل فرض أفكارها على السوريين ولو لجأت إلى القوة التي تعد أداتها الأولى، وهو ما يفسر النقمة عليها في الأوساط الشعبية بالمناطق المحررة من قبضة النظام، لقد خَبِر السكان المحليون لجوءها إلى تنفيذ عمليات خطف وتوقيف، هذا إلى جانب قتل من يسعى إلى إثنائها عن هذه التجاوزات. وخلال ال 48 ساعة الماضية، دخلت ما تسمى ب «الدولة الإسلامية في العراق والشام» – أو «داعش» اختصاراً- في نزاعٍ مسلح مع كتائب ثورية في ريف إدلب؛ فسقط 20 قتيلاً، وارتفعت درجة التوتر على الحدود بين سوريا وتركيا وباتت الأجواء في المناطق المحررة مشحونة وسط حالة من التربص من قِبَل «الدولة» بالكتائب الموالية للثورة والرافضة تسلط المتطرفين ومعتنقي الأجندات غير الوطنية. والسؤال مجدداً: ماذا تريد القاعدة؟ إنها تستهدف وجوداً طويل الأمد في سوريا باعتبار أنها أرضٌ لم تطأها مسبقاً، ومن المعلوم بالضرورة أن هذا الوجود في منطقة تماس مع عدة دول سيغري مجموعات موالية لهذا الفكر بالتجمع وهو ما يشكل تهديداً لأمن سوريا والدول المجاورة لها وبالتالي أمن المنطقة. إن مشروع القاعدة محكومٌ عليه في سوريا بالفشل؛ لأن من انتفض ضد غطرسة نظام الأسد لن يقبل بأن تأتي مجموعات متطرفة لتفرض عليه هيمنة جديدة فيكون قد انتقل من ديكتاتورية إلى أخرى.