أنهى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته الرسمية الأولى للمغرب، أمس حيث خُصص له استقبال حاشد وصفه المراقبون بالمدهش، ما يؤكد عودة الدفء إلى البلدين، خاصة بعد تواتر المعلومات حول وجود خلافات بين الرباط وباريس. الخطاب الذي ألقاه فرانسوا هولاند أمام البرلمانيين المغاربة أمس شكل منعطفاً حاسماً في العلاقات بين البلدين، خاصة في الشقين السياسي والاقتصادي، حيث أكد أن بلاده ستواصل دعمها للإصلاحات التي يقودها الملك محمد السادس، مشيراً إلى أن المغرب يبقى الشريك الأول لفرنسا، وأن باريس لا يمكنها أن تنسى المساندة المغربية في التدخل العسكري في مالي، معتبراً أن قوات بلاده ستنسحب من الأراضي المالية في غضون الأيام المقبلة، تاركة مكانها للقوات الإفريقية، بعدما تمكنت من القضاء على فلول الجماعات المتطرفة. ووجه الرئيس الفرنسي صفعة لجبهة البوليساريو ومن خلالها إلى الجزائر حين أكد أن بلاده تدعم المقترح المغربي بخصوص قضية الصحراء من خلال الحكم الذاتي الذي يمنح عديداً من الصلاحيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمنطقة وهو ما دفع برئيس الحكومة عبد الإله بن كيران إلى الوقوف إلى جوار بقية البرلمانيين والتصفيق مطولاً للرئيس الفرنسي، الذي أذاب الجليد وأزاح الترقب من الموقف الفرنسي بهذه القضية. وتأتي أهمية زيارة هولاند للمغرب في ظرف مناسب، حيث لم تعد تفصل سوى أيام قليلة عن صدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الحالة في الصحراء، وبعد زيارة إستراتيجية قام بها ملك المغرب إلى السنغال وكوت ديفوار والغابون أثمرت عن عديد من المشاريع الاقتصادية والتنموية، وكذا بعد قرار فرنسا سحب قواتها العسكرية في مالي لقوة عسكرية دولية، وهي أهم القضايا التي حظيت بعناية كبيرة خلال المحادثات التي أجراها الرئيس الفرنسي مع الملك محمد السادس. وتراعي العلاقات المغربية – الفرنسية ارتباطات إستراتيجية متبادلة، فحينما تدعم فرنسا مبادرة منح الصحراويين حكماً ذاتياً بصلاحيات واسعة تحت السيادة المغربية، ومساندته داخل البرلمان الأوروبي فيما يخص اتفاقية الصيد البحري والاتفاقية الفلاحية والوضع المتقدم، وداخل البنك الدولي حيث يحظى المغرب بديون منخفضة الفائدة؛ فلأن فرنسا مقتنعة بأن الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء لا يمكنه أن يمر من دون الحفاظ على السيادة الترابية المغربية. ويعد المغرب اليوم قطباً سياسياً إقليمياً بالنسبة لفرنسا لاسيما بعد دعمه القوي لها في أزمة مالي بشبكة الاتصالات، وفتح مجاله الجوي أمام مقاتلاتها، فضلاً على أنه يمثل نموذجاً في استباق التهديدات الإرهابية للجماعات المتطرفة عبر منظومة أمنية فعالة بخلاف الجزائر التي فشلت في تأمين أراضيها عقب أحداث المركب النفطي عين أميناس.