أكد وزير التعليم العالي، الدكتور خالد العنقري ل«الشرق» تكليفه جهات وإدارات في الوزارة والجامعات السعودية بإعداد تقرير تفصيلي عمّا ورد في مجلة «ساينس» الأمريكية، المهتمّة بالشأن الأكاديمي والجامعي عالمياً، ليتسنى اتخاذ الموقف المناسب بعد ذلك، بناءً على المرئيات التي ستقدمها الجامعات لوزير التعليم العالي. وقال العنقري ل«الشرق» في اتصال هاتفي أجرته معه، صباح أمس الأحد، «سنتريث وننتظر تقريرات من المفترض أن ترفعها لنا جامعاتنا، وسنلتزم الصمت هذه الأيام، لنرى ما تتمخض عنه التقريرات، التي من المقرر أن تصلنا خلال أيام». وبدت لهجة الدكتور العنقري في حديثه ل»الشرق» هادئة، ولم يُظهر أي رد فعل على ما جاء من اتهامات في حق الجامعات السعودية، وضمناً وزارة التعليم العالي، وهو ما يُعبّر عن ثقته بالجهات الأكاديمية السعودية التي تقصّدها تقرير المجلة الأمريكية. من جانب آخر، تؤكد مصادر«الشرق» الخاصة أن أكاديمياً سعودياً يعمل في كلية الطب، جامعة الملك سعود، في صدد إقامة دعوى قضائية بحق كاتب التقرير في المجلة، مُستنداً على حقائق وأدلة قال إنه يحتفظ بها، فخلال الحديث الذي أجراه معه محرر مجلة ساينس في «القضية» ذاتها، قال إنه اقتبس ما يتوافق مع ما يرغب الكتابة عنه بشكل مبيت، حسب إفادة المصدر. وأضاف أن المحرر تجاوز أموراً عديدة، ذكر الأكاديمي أنها إيجابية، وفي صالح جامعة الملك سعود، وفي صالح البحث العلمي والتعليم السعودي بشكل عام. وفي التفاصيل، أبلغت مصادر «الشرق» أن الدكتور عبدالقادر الحيدر، وهو أحد المنتسبين لكلية الطب بجامعة الملك سعود، ينوي خلال أيام إقامة دعوى قضائية بحق المجلة ومحررها، التي أجرت معه حديثاً صحافياً في وقتٍ سابق، وفسّر خلال الحديث معلوماتٍ تتوافق مع ما يسعى لبلوغه، وترك أخرى لا تتوافق مع خط الحديث الصحفي، أو كما وصفت المصادر أنه أخذ وأبرز سلبيات قام باختلاقها، وترك إيجابيات تطرق لها الدكتور الحيدر في حديثه عن الجامعات السعودية، وهو ما عدّه الحيدر دلائل سيستند عليها في مقاضاة محرر مجلة «ساينس» الأمريكية. وفي السياق ذاته، أبلغ أكاديمي رفيع المستوى في هيئة تدريس جامعة الملك سعود، التي طالها التقرير الأمريكي، عن تلقي مسؤولين في الجامعة اتصالات هاتفية من علماء وأكاديميين، بعض منهم حاصل على جائزة نوبل، وسبق أن تعاملوا مع عددٍ من الجامعات السعودية من بينها جامعة الملك سعود، ينوون استنكار ما قام به المحرر في تقريره عن الجامعات السعودية. وأكد المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، في تصريحاتٍ ل«الشرق»، أن علماء من أمريكا ودولٍ أوروبية أكدوا للجامعة، أمس الأحد، رغبتهم في استنكار ما جاء في تقرير المجلة، عبر خطاباتٍ سيتم إرسالها من قبلهم للمجلة، وأبدوا في الوقت ذاته وجوب مقاضاة المحرر والمجلة لدى الجهات القضائية إن لزم الأمر. وعدّ العلماء الأجانب المتضامنون مع الجامعات السعودية، طبقاً لما جاء على لسان المسؤول الذي تحدث ل«الشرق»، أن المساس بالجامعات السعودية التي عملوا معها أكاديمياً أمر لن يرضوا عنه، مُعتبرين أن الأمر يمس كرامتهم، ودرجاتهم العلمية، حسب تعبير المسؤول.وألمح الرجل إلى وجود تقريرات نشرتها المجلة خلال 2009، تعرضت سلبياً لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في رابغ، وهو الأمر الذي عدّه استهدافاً لمُنجزات المملكة، وتقليلاً من مكانتها، خصوصاً حال تعمد المجلة الابتعاد عن الإيجابيات في التعليم السعودي بشكلٍ عام. ومضى المسؤول يقول «مع الأسف، هنالك من ينظر لنصف الكأس الفارغ، ومن بينهم أُناس من أبنائنا. لسنا مُجتمعاً ملائكياً، ولدينا أخطاء مثلنا مثل أي مجتمع في العالم، لكن تلك الأخطاء ليست ظواهر، فما نملكه من إيجابيات أكبر بكثير من السلبيات التي يعمد بعضهم إلى اصطيادها لأهداف يُراد منها الزج باسم المملكة في قضايا غير ذات مضمون. يجب علينا أن نتعلم من معاملة دولتنا لأبنائها حال وقوعهم في الخطأ، فالجميع يتذكر أننا تعرضنا للإرهاب على أيدي أشخاص من بني جلدتنا، فتعاملت الدولة مع ذويهم باحترام فائق، ولم تضعهم في محل محاسبة بناءً على أخطاء أبنائهم، وهنالك مثال عظيم يجب أن نحتذي به، وهو ألّا نجتهد في البحث عن السلبيات التي لا يوجد مجتمع في العالم معصوماً منها على الإطلاق».وكان وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي، الدكتور علي بن سعيد الغامدي، قال في تصريحات ل«الشرق» «ما نقلته الصحيفة الأمريكية المهتمة بالشأن الأكاديمي والبحثي ظلم جائر لا يستندُ إلى حقائق، ولا أدلة واضحة، ولا براهين». وعدَّ الغامدي، الذي تحدث ل«الشرق» عبر الهاتف، أمس الأول، أن ما جاء في تقرير المجلة الأمريكية ما هو إلا مزاعم تُريد النيل مما تحقق في العجلة التعليمية في المملكة، التي تلقى اهتماماً منقطع النظير من الدولة؛ بدليل صرف المليارات من الأموال على الجامعات والبحوث العلمية، والإنفاق على ابتعاث أكثر من 130 ألفاً من أبنائها من الجنسين، لإكمال دراساتهم الجامعية في الخارج، في تخصصاتٍ نادرة، وعلى نفقة الدولة، ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للابتعاث الخارجي.