من الأسئلة البسيطة نبدأ: أين بحرنا؟ آثارنا؟ وأين الأرض المهيئة لتكون متنفساً لغربتنا المتجذرة بفضاء المدن بضوضائها وأرقها؟ قضينا على البحر بردمه توسعاً لتحقيق أطماع بعضنا، وقضينا بردمه على بيئة مناسبة لتكاثر كائنات بحرية مدهشة، وحجبنا شاطئه بأماكن تستنزف «الجيب» باسم الترفيه! وما ثمة إلا الخسائر وخدمات بائسة، وعيون متطلعة لما يجري خلف الجدران! ومن أراد «الفرجة» المجانية -بعد تحويل البحر لوعاء استثماري- فما عليه -أصلحه الله- سوى إقران نية الذهاب بدعاء السفر للقاء البحر دون حاجب! ذاك أن ثقافة الاستحواذ جعلت من بعض المقتدرين ذوي بصيرة في كيفية استخلاص الملح -من نفس البحر- وذرِّه في عيون البسطاء! أما آثارنا فقد عاشت عزلة مريرة، فتهدمت نتيجة إهمالنا وأفكارنا المغلوطة، فما كان منها ملكاً خاصاً سطت عليه حجّة الهدم لسبب تجاري كبناء برج، أو لغرض البناء على النمط العمراني الحديث، أو بسبب كوارث السيول والحرائق! أما كنوز إبداعنا وموروثنا الشعبي فقد ضاع أكثرها في ظل التجاهل؛ وعدم وجود الدعم الكافي أو لغياب متخصصين فعليين ينظرون للموروث على أنه تراث إنساني يستحق الاهتمام والمحافظة لا مجرد وظيفة همّ صاحبها الأكبر ورقة الدوام! أما الأرض فهي بحمد الله شاسعة، بيد أن سعارنا لامتلاكها جعلها رهينة شبوك حديدية وأملاك خاصة! لتبقى على مرِّ الأجيال فضاءً بوراً لا يستفيد منها حتى من قام «بتشبيكها»! وما دمنا نعجز عن إيجاد أرض لمصلحة حكومية في شبه قارتنا فكيف نؤمل إيجاد مشروعات جاذبة؟! إن معالجة إشكالاتنا بصدق وتنفيذ الحلول بطريقة سليمة هو سبيلنا لنهضة حقيقية شاملة. عندها سنقطف ثمار الإنجاز من غصون دانية.