همسة إلى لجنة الاستقطاب    الأهلي يتغلب على التعاون بثنائية في دوري روشن للمحترفين    باريس سان جيرمان يقصي آرسنال ويتأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا    الأميرة دعاء نموذج لتفعيل اليوم العالمي للأسرة    أحمد الديين الشيوعي الأخير    هل بحثت يومًا عن إكسير السعادة؟    تطوير قطاع الرعاية الجلدية وتوفير أنظمة دعم للمرضى    محافظ الطائف يقلد القحطاني رتبة لواء    51 مليونا تضع النصر في مأزق بيولي    رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»: دعوات الرئيس ترمب لخفض الفائدة لا تؤثر على عملنا على الإطلاق    القبض على يمني بالعاصمة المقدسة لارتكابه عمليات نصب واحتيال    نائب أمير الرياض يطلع على بصمة تفاؤل    تصاعد الهجمات بالطائرات المسيرة في روسيا    حصيلة قتلى غزة في ارتفاع وسط أولوية الاحتلال للرهائن    تصعيد عسكري خطير بين الهند وباكستان بعد ضربات جوية متبادلة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة الدائمة للحج والعمرة    الخريف يجتمع بقادة شركة إيرباص    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر ابريل 2025    أمير منطقة تبوك يدشن مرحلة التشغيل الفعلي لمشروع النقل العام بالحافلات    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    الشيخ بندر المطيري يشكر القيادة بمناسبة ترقيته للمرتبة الخامسة عشرة    الموافقة على استحداث عدد من البرامج الاكاديمية الجديدة بالجامعة    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان هاتفيا التطورات الإقليمية والدولية    جراحة معقدة في "مستشفيات المانع" بالخبر تنقذ يد طفل من عجز دائم    أمريكا قد ترحل مهاجرين إلى ليبيا قريبا على متن رحلة عسكرية    رئيس سوريا يصل إلى باريس    اكتمال عملية فصل التوأم الطفيلي المصري بوقت قياسي    جامعة الملك سعود تُنظّم المؤتمر السعودي الدولي للأبحاث الصيدلانية والابتكار "مسير"    جمعية تحفيظ القرآن الكريم بطريب تعقد جمعيتها العمومية العادية    "مركزي القطيف" ينظم ندوة تقييم وعلاج اضطرابات النطق واللغة    جسور ثقافية تربط الرياض ببكين في ندوة مشتركة بجامعة الأميرة نورة    رؤية السعوية 2030.. من الطموح الى التحقق    أمير الجوف يواصل زياراته لمراكز محافظة صوير ويزور مركزي طلعة عمار وزلوم ويلتقي الأهالي    عمادة شؤون الطلبة بجامعة الإمام عبد الرحمن تقيم حفل ختام الأنشطة الطلابية    برعاية نائب أمير مكة.. مُحافظ جدة يفتتح المؤتمر الدولي للابتكار في الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء    رياح نشطة وأمطار رعدية على عدة مناطق في المملكة اليوم    وزير الشؤون الإسلامية يصل المغرب ومندوب الشؤون الإسلامية المغربي في استقباله    68.41% من الموظفات الجامعيات حصلن على تدريب عملي    ميليشيا الحوثي تدفع البلاد نحو مزيد من التصعيد .. ضربات إسرائيلية متتالية تعطّل مطار صنعاء    هل الموسيقى رؤية بالقلب وسماع بالعين ؟    أزمة منتصف العمر    اغتيال المعلّم بدم بارد    خالد بن سلمان يبحث مع بن بريك مستجدات الأوضاع في اليمن    الأهلي عاد من الباب الكبير    في ختام الجولة 32 من دوري" يلو".. النجمة للاقتراب من روشن.. والحزم يطارده    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    "صحي مكة" يقيم معرضاً توعويًا لخدمة الحجاج والمعتمرين    ولي العهد موجهًا "الجهات المعنية" خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء: العمل بأعلى درجات الكفاءة والتميز لخدمة ضيوف الرحمن    8.4 مليار تمويل سكني    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    مسيرات "الدعم السريع" تصل بورتسودان وكسلا.. حرب السودان.. تطورات متلاحقة وتصعيد مقلق    إصابات الظهر والرقبة تتزايد.. والتحذير من الجلوس الطويل    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    ..و مشاركتها في معرض تونس للكتاب    فيصل بن مشعل: منجزات جامعة القصيم مصدر فخر واعتزاز    أمير الرياض يستقبل سفير إسبانيا    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الماراثون التقني وأسئلة التثاقف
نشر في الشرق يوم 29 - 11 - 2016

في زخم التفاعل التقني المتسارع، يأخذ الظهور التبادلي للمعرفة التقنية وجوهاً وأنماطاً ربما يجوز لنا مقاربتها بوصفها أحد أشكال عملية التثاقف. ولأنّ جلّ المقاربات الفكرية لمفهوم التثاقف كانت تتبنى تعريفاً شبه سائد، تنطوي أنويته على محتوى يشير إلى عملية تتشارك فيها ثقافتان متمايزتان، ولكن في الوقت نفسه، يكون لإحداهما التفوق على الأخرى؛ ما يقتضي أن تكون الأولى متصدرة في تأثيرها على الثقافة التي يجري فعل التثاقف معها.
كان لهذا المنحى تأثير في تأسيس علاقة بيننا وبين مفهوم التثاقف. التأثير نفسه فرض على وعينا فهماً منحازاً، يعمّق الدلالات الأولى للمفهوم داخله؛ ولا يساعد سوى في فرض صياغة محددة، لا يمكن تجاوزها وهي تنتقل من مرحلة النشأة إلى مراحل التحول والتشكّل.
لكننا خلال ما يمكن أن يصطلح عليه بالعصر التقني، وتحديداً بما بات يعرف بالحقبة الرقمية منه، ونحن نواكب كل أطوار دورة الحياة التقنية حتى وقتنا، نجد أنفسنا ملزمين بملاحظة التغير الواسع الذي فرضته الثقافة الرقمية ضمن ولادات الدالة الأم في التقنية الحديثة.
وخلال الأسبوع الماضي كان لفعالية «الهاكاثون» السعودي- البريطاني، صدىً عالياً جعل هذا الفعل التقني التبادلي حدثاً لافتاً، وهو الفعل الذي يهتم أساساً بعقد لقاءات تقنية بين مجموعات وفرق وأفراد من الكفاءات الشبابية السعودية كمبرمجين أو مهتمين ببرامج التطبيقات الكمبيوترية وفنون الجرافيكس والفوتوغرافيا والميديا والتصميم وما يرتبط بالبيئة البرمجية الواسعة في تطبيقات الهواتف الذكية والحاسوبية، وكل من يهتم بهذه المجالات التي سنجد أبناءنا يوماً وهم في المرحلة الابتدائية يتكلمون عن سكريبت لغات جافا وغيرها من لغات أو شؤون برمجية.
ينحدر «الهاكاثون» لفظاً مشتقاً من «هاك» المرتبط بنفس الجذر الاشتقاقي للفظة هاكر؛ على ألاَّ يفهم منه أنه يحمل دلالة سلبية قد ترتبط بفعل التهكير أو الاختراق الإلكتروني المنطوي على مضمون الجريمة المعلوماتية أو الإلكترونية، وإنما الكلمة هنا تأتي في سياق يحمل معنى الاستكشاف والتطوير وتبادل المعارف التقنية، كما جاءت كلمة ماراثون لتشارك كلمة «هاك» في صيغة اشتقاق يعرف بالنحت اللغوي ليتولد المشتق «هاكاثون».
بين الرياض ولندن، كان «الهاكثون» المباشر عبر الأقمار الصناعية مرتبطاً، بوجود مجموعة من أساتذة الجامعات السعودية، وخلال 48 ساعة عملية، توزعت على ثلاثة أيام بدأت الجمعة 25 نوفمبر حتى الأحد 27 نوفمبر، في إشارة إلى سرعة كما يجري في سباق الماراثون للجري في ألعاب القوى؛ حيث يقطع المتسابقون مسافة 42 كيلومتراً و195 متراً.
وخلال فقرات الفعالية المباشرة التي تقاسم فيها الوقت شباب الكفاءات التقنية السعودية في الرياض مع نظرائهم في العاصمة البريطانية لندن، كان التفاعل كثيراً والنجاح كبيراً، بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «مسك الخيرية»، الجهة المنظمة لمسابقة «هاكاثون مسك 2016»، التي تعد الأولى من نوعها لمبرمجي أنظمة الحاسب والتطبيقات الإلكترونية؛ حيث تجمع 200 من أبناء وبنات السعودية، تتراوح أعمارهم بين 18و32 عاماً، بزملائهم في بريطانيا، من المبدعين المهتمين في مجالات تكنولوجيا المعلومات والبرمجة وتطوير الحلول التقنية، والتصميم والبحث والتحليل، والابتكار الصحي. وكان هدف المسابقة التنافسية بين الفريق السعودي والبريطاني، هو تحقيق ابتكار تقني يساهم في تحسين الخدمات الطبية أو الارتقاء بمستوى الرعاية الصحية.
وتعودت مسابقات الهاكثون التي بدأت أول مرة في عام 1999على أن تتبنى أحد المواضيع المتصلة بالحياة الإنسانية والبيئة، فهنا يكون موضوعها عن المحافظة على المياه، وهناك عن الطاقة المتجددة، وآخر عن تطوير الخدمات الطبية؛ ليستمر الإنسان في إسهاماته للتقدم بمعاني الحياة تنموياً على صعيدي الشكل والمضمون. إن توظيف التقدم التكنولوجي وما يصاحبه من إبداعات الخبراء الشباب كفيل في الاضطلاع والمساهمة في تطوير الحلول التقنية في مجالات الصحة والطب، وفي مواجهة التحديات التي تواجه تحسين الصحة العامة وتطوير الخدمات الطبية البارعة.
وأظن أن مثل هذه المسابقات تقوم بتشكيل معانٍ أخرى لمفهوم التثاقف وتوطد المعنى التبادلي في هدف يبحث عن خدمة الإنسان والحياة، وفي معنى يحيل المعنى الأول للمفهوم باتجاه تكون فيه الثقافة التقنية جسراً لتحديث دلالات المفهوم ذاته.
بل هذا هو أقرب إلى ما يمكن أن يحمل معاني التعارف الثقافي، بحثاً عن كل ما ينشر القيم الإنسانية المشتركة بين الثقافات، ويزيل حقول الألغام الفكرية التي تصدّ مثل هذا التواصل الثقافي المنجز، وشكراً لكل من عمل في هذا الفعل الثقافي المعرفي الواعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.