اقتحمت القوات العراقية تتقدمها قوات مكافحة الإرهاب الأكثر تدريبا وخبرة الاثنين مدينة الفلوجة بعد أسبوع من الاستعدادات لمعركة استعادة المدينة الواقعة على بعد 50 كلم غرب بغداد من ايدي الجهاديين. ويشكل الاقتحام بداية مرحلة جديدة لاستعادة المدينة الأولى التي سقطت بأيدي تنظيم داعش في كانون الثاني/يناير 2014. تقع الفلوجة على نهر الفرات على بعد 50 كيلومتراً إلى الغرب من بغداد وشكلت محطة تجارية مهمة رغم حجمها المتواضع نسبيا لكنها كانت كذلك احد مراكز انطلاق شرارة الثورة على الاستعمار البريطاني مع اغتيال ضابط بريطاني عام 1920. وظلت القبائل السنية قوية في هذه المدينة التي كانت مركزاً للاضطرابات حتى قبل الاجتياح الأميركي في 2003. وفي خريف 2004، واجهت القوات الأميركية مقاومة شرسة وفقدت لدى تنفيذ عملية "شبح الغضب" عشرات الجنود خلال مواجهات ضد الجماعات التي اتخذت في ما بعد تسمية "تنظيم داعش". تعتبر الفلوجة مركزاً دينياً مهماً للأقلية السنية في العراق وتسمى "مدينة المساجد" نظراً لانتشار مئات المساجد فيها. لجأ الرئيس العراقي السابق صدام حسين إلى سجن أئمة المساجد المتطرفين رغم أن المدينة لم تكن معادية لنظامه إذ استفادت من سياسات حزب البعث التي وفرت ميزات للعرب السنة. نصب متمردو الفلوجة في 31 أذار/مارس 2003 كمينا لموكب ينقل أربعة رجال أعمال أميركيين من شركة "بلاووتر" الأمنية الخاصة. تعرض هؤلاء الأربعة للضرب حتى الموت وتم سحلهم في الشارع ثم علقوا على جسر على الفرات. ولا تزال صورهم من أكثر الصور المؤثرة لما بعد الاجتياح الأميركي للعراق. وبات الجسر منذ ذلك الحين يعرف باسم "جسر بلاكووتر". في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 وخلال عملية "فانتوم فيوري" هاجم أكثر من عشرة الآف جندي أميركي والفي جندي عراقي الفلوجة معقل المقاتلين السنة المعارضين للاجتياح الأميركي. كان الهدف من الهجوم استعادة السيطرة على المدينة التي اعتبرت معقلا لتنظيم "القاعدة" في العراق لكنه تحول إلى معركة دامية سجل فيها الجيش الأميركي أكبر الخسائر منذ حرب فيتنام. وتفيد مختلف التقديرات أن 95 جندياً أميركياً قتلوا في هذه المعركة، وأصيب أكثر من 500 بجروح. وقتل في المعركة ما بين ألف و1500 مقاتل بالإضافة إلى المئات من المدنيين.