أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة أحد المسارحة    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة أحد المسارحة    أمير جازان يستقبل مدير الاتصالات السعودية بالمنطقة ويطّلع على تقرير الاستدامة لعام 2024م    شرطة كامبريدج: اتهام شاب بريطاني بقتل الطالب محمد القاسم    الفرق السعودية تستعد لآسياد البحرين للشباب بمعسكر في كازاخستان    الشؤون الإسلامية في جازان تبدأ تركيب وسائل السلامة في إدارات المساجد بالمحافظات    تدشين البيع في مشروع "واجهة تبوك هيلز" في تبوك    القيادة تهنئ ممثل الملك في جزر كوك بذكرى يوم الدستور لبلاده    تحولات لبنان المنتظرة: البداية من جلسة الثلاثاء    التعاونية للتأمين تُعلن عن صافي أرباح بعد الزكاة بلغت 729مليون ريال للنصف الأول من عام 2025م    إسقاط 61 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    انخفاض اسعار النفط    دعم الجماهير كان حاسمًا.. ونطمح لحصد المزيد من البطولات    وثيقة تاريخية تكشف تواصل الملك عبدالعزيز مع رجالات الدولة    مقتل عنصر أمني وسط خروقات لوقف النار.. هجوم مسلح يعيد التوتر للسويداء    غارات جوية تثير موجة غضب في ليبيا    توقيع اتفاقية لدعم أبحاث الشعاب المرجانية    جددت التزامها باستقرار السوق.."أوبك+": 547 ألف برميل زيادة إنتاج الدول الثماني    اشتراطات جديدة للمختبرات الغذائية لتعزيز الاستثمار    وزير الداخلية وسفير سنغافورة يبحثان الموضوعات المشتركة    إحباط تهريب مخدرات في جازان وعسير    استعرضا سبل تبادل الخبرات والتجارب.. وزير العدل ونظيره العراقي يوقعان برنامج تعاون تشريعي    رفقًا بهم… إنهم أمانة الوطن فينا    رئيس هيئة الترفيه يعلن طرح تذاكر مهرجان الكوميديا    مسرحية «طوق» السعودية تنطلق في «فرينج» الدولي    تأهيل وتمكين الطلاب للمنافسة في المحافل العالمية.. المنتخب السعودي يحصد 3 جوائز في أولمبياد المعلوماتية الدولي    تدشين كتاب "حراك وأثر" للكاتبة أمل بنت حمدان وسط حضور لافت في معرض المدينة المنورة للكتاب 2025    تصعيد إسرائيلي.. ورفض فلسطيني قاطع.. عدوان منظم لإعادة احتلال غزة    لا تدع أخلاق الناس السيئة تفسد أخلاقك    جبال المدينة.. أسرار الأرض    عدم ترك مسافة بين المركبات أبرز مسببات حوادث المرور    الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في (18) موقعاً    جبل السمراء.. إطلالة بانورامية في حائل    "سعود عبدالحميد" إلى لانس الفرنسي بنظام الإعارة لمدة موسم واحد    نادي الحريق يتصدر تايكوندو المملكة ب87 منافساً    الملك سلمان للإغاثة.. جهود إنسانية حول العالم    استعراض أنشطة التراث أمام سعود بن جلوي    اعتماد أكاديمي كامل لبرنامج نظم المعلومات في جامعة حائل    المدينة المنورة.. صحية مليونية للمرة الثانية    حرائق أوروبا تسبب خسائر وتلوثا بيئيا واسعا    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    رؤية 2030 تكافح السمنة وتعزّز الصحة العامة    15 مهمة لمركز الإحالات الطبية تشمل الإجازات والعجز والإخلاء الطبي    توقعات بخفض الفائدة وسط تصاعد الحرب التجارية    تأثير الأمل في مسار الحياة    الفيحاء يخسر أمام أم صلال القطري برباعية في أولى ودياته    فريق قوة عطاء التطوعي يشارك في مبادرة "اليوم العالمي للرضاعة الطبيعية"    آل الصميلي يحتفلون بزواج الشاب محمد عبدالرحمن صميلي    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    طرح تذاكر مهرجان الرياض للكوميديا    قربان: المعيار المهني للجوالين يعزز ريادة المملكة في حماية البيئة    مجمع إرادة بالدمام ينفذ مبادرة سقيا كرام    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران عضو مجلس الشورى المدخلي    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ممثلاً بإدارة المساجد في الريث يتابع أعمال الصيانة والتشغيل في الجوامع والمساجد    المولودون صيفًا أكثر اكتئابًا    خطيب المسجد الحرام: التقنية نِعمة عظيمة إذا وُجهت للخير    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على الأنقاض ..غرفة صفيح شيدها \"الصمود\" في غزة .. عائلة خضر المنكوبة تلفظ الخيام وتقيم فوق الركام
نشر في الأنباء السعودية يوم 15 - 02 - 2009

حين تطأ قدميك حي السلام الواقع إلى الشمال الشرقي من قطاع غزة، تجد المنازل أصبحت أثراً بعد عين..الجميع، نساء كانوا أو رجال أو حتى أطفال يجلسون في خيام اغاثية، لا تقي حر شمس ولا برد شتاء.
لكنه كان هو وحده البارز من بينهم..رجل ثلاثيني يرتدي معطف صوفي بلون اصفر، ملتحي، ينحني ليتوضأ من صنبور اقترب من الأرض، حوله ثمة نساء يتمتمن بامتعاض..الجو كان غائما، لكنه لا يكترث لبرودته، ليس لشيء إلا لأنه قد فقد ملابسه بعد أن دمرت الجرافات الإسرائيلية بيته في السادس عشر من يناير الماضي، أثناء العدوان الذي شهده القطاع.
الجميع ممن شردوا وهدمت بيوتهم كانوا يدخلون الخيام بيسر، لكن إسماعيل خضر كان يصعد إلى بقايا بيته بعسر، فلا الطريق معبد ولا السلم مجهز..يصعد متكأ على بقايا قضبان حديدية وضعها لمساعدته، بعد أن دق ألواح من الخشب في سطح منزله الذي سوي بالأرض، لتساعده وأفراد أسرته التسعة للصعود إلى غرفة الصفيح.
من الغرابة أن تجد رجلا كخضر متمسكا ببيت من ثلاث أدوار قد نسف عن أخره، في وقت انصاع فيه الجميع من جيرانه الذين هدمت بيوتهم للأمر الواقع، واحتوتهم الخيام، لكنه يقول "لن أتخلى عن بيتي ولن أرحل".
قد تبدو الحياة في بيت خضر، مختلفة تماما عن ذي قبل..أطفاله يستفيقون في الصباح والبرد قارص، للخروج لمدارسهم بلا زيي مدرسي، أما هو فيجلس على طاولة صنعها من بقايا الأخشاب والاسمنت، يتألم بصمت على حاله.
يقول خضر: "كان لدي مزرعة دواجن اعتاش من خلالها، أما اليوم فلا عمل ولا مال..الاحتلال لم يرحم البشر، فما بالك بالطيور..داس عليها بجنازير الدبابات وقصفها".
حين تقوم زوجة خضر بالتحضير لتناول الفطور..يهم هو لمساعدتها، فيجمع أعواد من القش ليوقد النار، تمهيدا لوضع إبريق من الشاي، يندفع فجأة بقوله "ترى هذه حياة التي نحياها؟، لا غاز ولا وقود ولا كهرباء..شيء واحد هو الذي يستحق منا أن نضحي"، يشير بسبابته إلى الأرض ويضيف "هذه الأرض هي التي تستحق منا أن نضحي، تستحق منا أن نصمد وأن نصبر".
على بعد عشرة أمتار من بيت خضر، مجمع من الخيام يطلق عليها اسم "مخيم الصمود" يلوم سكان هذه الخيام جارهم خضر على بقائه في مكانه ويدعونه يوميا لأن يعيش وأسرته في واحدة من الخيام، لكنه يرفض ذلك قطعيا.
قال خضر "أليست إسرائيل من هدمت بيتي؟، وهي أيضا من تسمح بإدخال هذه الخيام لغزة..بالتالي هم لم يعطونا إياها مجانا، هم يريدوا فقط إذلالنا، وإعادتنا لعهد الثمانية والأربعين ..لعهد الهجرة".
يضيف وخلفه علم فلسطين يرفرف على أنقاض المنزل "نعلم أننا نعيش في خطر، لكننا فضلنا النوم فوق بيوتنا على النوم في الخيام".
صوت ينبعث من داخل غرفة الصفيح التي صنعها خضر فوق الركام.. زوجته تعد نفسها لغسل ملابس أسرتها..تضع وعاءا بلاستيكيا بعد أن تغرقه بالماء والصابون، وتبدأ بفرك الملابس بكفتي يديها..مشهد يعيد عجلة الزمان إلى الوراء عشرات السنين.
تقول الزوجة "لم يتبق لنا شيئا من منزلنا..كل شيء راح..لا ثلاجة ولا غسالة ولا حتى ملبس..بالكاد استطعنا أن نهرب من بيتنا عندما اشتد علينا القصف..لم نصطحب معنا شيء".
يعيش خضر اليوم هو وأفراد أسرته على بعض البقوليات المعلبة التي تمدهم بها المؤسسات الإغاثية، ويشير إلى أنه لم يعد لديه القدرة حتى لشراء رغيف الخبز.
وقال وقد اغرورقا عيناه "أول أمس جاءني أحد المدينين مطالبا بدينه..فقلت له اذهب واحمل الركام وقم ببيعه..ليس لدي ما أقدمه لك..خذ ما ارتدي وبيعه!".
ومع ساعات الليل الأولى يبدأ الطيران بالتحليق فوق حي السلام، لاسيما أنه يقع بالقرب من المنطقة الحدودية، فيبدأ سكان المخيم بمغادرة خيامهم متوجهين نحو مناطق أكثر أمنا، فيما يبقى خضر وأسرته ينتظرون بزوغ النهار، حتى يطمئنوا على أرواحهم.
يخبر المواطن المكلوم أن مشهدا مؤلما يرافقه طيلة الليل..طفله الصغير مصاب بحالة هلع، يستفيق منتصف الليل باكيا "بابا الصاروخ ..بابا قصفوا دارنا احضني خبيني".
يصمت الأب قليلا وهو يستذكر المشهد اليومي، والدموع منسابة على خديه، ثم يعاود القول "طفلي يعتقد بأنني قادر على حمايته..صحيح أني احتضنه واخفف عنه، لكني أدرك تماما أن لا احتضاني ولا حتى غرفة الصفيح قادرة على حمايته وحمايتنا من بطش الصواريخ".
صحيح أن بيت إسماعيل خضر ليس بالقصر العاجي الذي يعتلي سفوح الجبال، ولكن غرفة صفيح هشة تعتلي كومة ركام، أقوى من عنجهية الاحتلال وجبروته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.