؟ إنهم أطفال فيزيولوجيا يتحولون الى شباب و شابات و عمليا يتحولون إلى أوغاد,و السبب في ذلك واضح ,فلا يخفى على أحد رغبتهم الجامحة في فرض رأيهم و الحصول على شخصياتهم المستقلة و إثبات وجودهم بطريقة مستفزة! حاول أن تكلم مراهق و ستفاجأ بما ستسمع ,و أغرب ما فيهم أنهم عندما يرون الكبار يتحدثون في خطب جلل ,يجلسون و يتصدرون و يقترحون حلولا لا يمكن وصفها إلا ب(المستفزة)!. و لكن هل هناك من طرق تجعل العيش مع هذه المخلوقات أمرا سهلا ,و هل هناك طرق من الممكن أن تساعد الأهل في تربية المراهقين؟! بالتأكيد هناك أمورا كهذه و ما من شك بأن المراهق يعرف طرقا للتغلب على هذه الطرق و لكن دعونا نحاول فالأمر يستحق . يطرأ على الطفل في هذه المرحلة تغيرات واضحة ,و هو يحاول أن يفهم ما الذي يحدث فلا يجد له تفيسرا سوى أنه أصبح شخصا رائعا يفهم كل شيء و يعرف مصلحته تماما ,و أن كلمته يجب أن تصبح مسموعة ,و يشعر دائما أن الناس لا يفهمونه و أنه مظلوم فرأيه مصادر و حريته محجوزة و يخضع دائما لرقابة في كل شيء ,و مع ذلك تبقى الخطورة كامنة في إقبالهم على تجاوز الخطوط الحمراء التي يتعب الأهل في خطها حرصا على المبادئ و الأخلاق ,فيقبل بعضهم على شرب المكيفات و غيرها ,فماذا يفعل الأهل و ما الذي يمكن أن يحد من طيش المراهقين و عنادهم ؟ في الواقع انه حمل كبير و مسؤولية يصعب حملها ,و لا ننسى أن الأهل في كثير من الأحيان يرتكبون أخطاء جسيمة و هم يحاولون تصحيح أخطاء أولادهم ,لذا وجب التعقل و التفهم و عدم التسرع في فرض العقوبات الصارمة أو محاولة كسر المراهق أو إحباطه بطريقة قد تدمر حياته فيما بعد ,كي لا يشعر بأنه منبوذ أو ليس مقبولا أو أنه لن يحظى يوما بالاهتمام الذي يستحق . و الأفضل في مثل هذه الحالة الاحتضان ,أي احتضان المراهق و ترك مساحة مناسبة ليمارس فيها حريته و لا مانع من مراقبة بعيدة تتسم بالذكاء ,و من المفيد أيضا في هذه المرحلة التعامل مع المراهق على أنه شخص واع و متحمل للمسؤولية حتى يحاول دائما أن يبقى عند حسن الظن ,و مما تجدر الإشارة اليه أن المراهق شخص حساس للغاية حتى و إن أظهر العكس ,لذا يجب إشباع عواطفهم و عدم التقصير في إظهار المحبة و المودة و إشعارهم بأن رأيهم يحظى باهتمام بالغ و أن حقوقهم محفوظة و حريتهم محترمة من قبل الجميع . ولا بد أيضا من الجلوس معهم بين الفينة و الأخرى لا لإملاء الواجبات عليهم بل لمشاركتهم مشاكلهم و همومهم مهما كان نوعها و توجيهم توجيها خفيا الى الطريق الصحيح بطريقة لا تخلو من ذكاء لأنهم اذا أدركوا ما تقومون بفعله سيفعلون عكس ما تطلبون لا لشيء إلا لمحاولة إثبات الشخصية,و لا بد من أن يدرك المراهق بأن هناك أخطاء قد يتغاضى عنها و اخرى ستكون عاقبتها وخيمة ,ليدرك أنه لا يعيش في المجتمع بمفرده لذا عليه أن يحترم الآخرين و أن يقف عند حدوده. ما من شيء في الدنيا أغلى من امتلاك طفل و لكن ذلك يتحول إلى كابوس فيما لو أخطأ الأهل في تربيته و تعليمه و زرع القيم و الدين و الخلق فيه ,و ما من كارثة أكبر من أن تفقد ابنك الذي تحب بتحوله الى مدمن أو شخص فاسد لا يقيم وزنا لأي شيء يتخبط في هذه الحياة يمنة و يسارا على غير هدى ,عندها تشعر أن العقم نعمة !و الله المستعان. مها عطية