وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية يدينون تصريحات نتنياهو    انطلاق الأسبوع السادس من كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 وسط صراع على لقب بطولة الأندية    "سلمان للإغاثة" يوزّع (2,200) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان    النصر في المجموعة الرابعة بدوري أبطال آسيا2    رسمياً... النصر يعلن ضم مع كومان من بايرن ميونيخ    القبض على (4) إثيوبيين في عسير لتهريبهم (60) كجم "قات"    بوتين يصل ألاسكا لعقد القمة الروسية - الأميركية    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    المملكة تعزي وتواسي باكستان في ضحايا الفيضانات والسيول    «الإعلام» و«التعليم» توقعان مذكرة تعاون لإطلاق مبادرة «ابتعاث الإعلام»    تطبيق نظام "حضوري" لضبط دوام منسوبي المدارس في 13 منطقة تعليمية    سيسكو جاهز للعب وأموريم يتطلع لعودة يونايتد للمشاركة الأوروبية    وزير الصحة يبدأ زيارة رسمية إلى أستراليا    تكليف الدكتور محمد الغزواني مساعدًا لمدير تعليم الحدود الشمالية للشؤون التعليمية    الذهب يرتفع بفعل ضعف الدولار رغم التراجع الأسبوعي    النفط يتراجع وسط مخاوف الطلب وتوقعات فائض المعروض    مستشفى جازان العام وجمعية التغذية العلاجية يحتفيان بأسبوع الرضاعة الطبيعية    الفريق الفتحاوي يستأنف تدريباته على فترتين لرفع الجاهزية الفنية والبدنية    الشيخ عبدالله البعيجان: استقبلوا العام الدراسي بالجد والعمل    بايرن ميونيخ يؤكد اقتراب النصر من ضم كومان    الشيخ بندر بليلة: احذروا التذمر من الحر فهو اعتراض على قضاء الله    خادم الحرمين الشرفين وولي العهد يهنئان رئيس الكونغو بذكرى الاستقلال    أمين جازان يتفقد مشاريع التدخل الحضري ويشدّد على تسريع الإنجاز    جامعة جازان تعلن نتائج القبول في برامج الدراسات العليا للفترة الثانية    رئيس كوريا الجنوبية يدعو إلى تخفيف التوترات مع كوريا الشمالية    امطار على الجنوب و حرارة على مناطق المدينة والشرقية    مقصورة السويلم تستضيف المهتم بعلوم النباتات عبدالله البراك"    بيع 3 صقور ب 214 ألف ريال    رسمياً .. العبسي اتحادياً حتى 2029    الاستثمار الأهم    النوم عند المراهقين    السعال الديكي يجتاح اليابان وأوروبا    المملكة تتوّج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025 بكوريا    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    اليوم الدولي للشباب تحت شعار"شبابُنا أملٌ واعد" بمسرح مركز التنمية الاجتماعية بجازان    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.1% خلال شهر يوليو 2025    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    حظر لعبة «روبلوكس» في قطر    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    تمكين المدرسة من خلال تقليص المستويات الإدارية.. البنيان: 50 مليار ريال حجم الفرص الاستثمارية بقطاع التعليم    الإطاحة ب 13 مخالفاً وإحباط تهريب 293 كجم من القات    19 % نمواً.. وإنجازات متعاظمة للاستدامة.. 3424 مليار ريال أصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات    رئيس الوزراء النيوزيلندي: نتنياهو فقد صوابه وضم غزة أمر مروع.. «الاحتلال» يصادق على الهجوم .. وتحرك دبلوماسي للتهدئة    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    الشيباني: نواجه تدخلات خارجية هدفها الفتنة.. أنقرة تتهم تل أبيل بإشعال الفوضى في سوريا    موجز    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    استخراج هاتف من معدة مريض    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرق كبير بين «الاختلاط» و«الخلوة».. «إلاّ عندنا»!
من يحرّم لا يزال متمسكاً ب «درء المفاسد» ومن يحلل ب «الفطرة السوية»
نشر في الرياض يوم 14 - 10 - 2014


مفاهيم سائدة
اعتبرت "دلال عزيز ضياء" - إعلامية - أنّ المشكلة الحقيقة تكمن في نظرة المجتمع لمفهوم الخلوة، فالمرأة التي تعمل في جهة يعمل بها نساء ورجال لا يمكن إدراج عملها ضمن مفهوم الخلوة، والتي لها شروطها الشرعية وأوضحها الدين الإسلامي، وأوجب أن تتجنبها المرأة، كأن تكون في مكان يثير اللغط حولها، أو أن يكون مثاراً للظن والاتهام من قبل البعض، ولكن في العموم أنّ العمل في البيئات المختلطة -كالمستشفيات - لا تنطبق عليه شروط الخلوة الشرعية، مضيفةً: "على المجتمع مسؤولية تصحيح الفكر بين مفهوم الخلوة والاختلاط، ونحن كمجتمع مسلم له عاداته وتقاليده ومفاهيمه نرفض أن تنطبق الخلوة الشرعية بشروطها ولا يمكن أن نعمم هذه الصورة على ما يحدث في بيئة العمل المختلطة"، مؤكّدةً أنّ المرأة تعمل وفق المفاهيم السائدة في المجتمع.
نظام حماية
ورأت "د. أميرة كشغري" - كاتبة - أنّ أهم نقطة في الموضوع أن يتم التفريق بين الاختلاط والخلوة، حيث كان الناس يجزمون على أنّ الاختلاط محرم، معتبرةً - حسب رأيها - أنّه غير صحيح؛ لذلك أصبحت مشاهدة المرأة والرجل في مكان عام ينظر له بريبة، وتثور غيرة الناس، ويفرضون الكثير من التصرفات الهجومية عليهم، سواء بالكلام أو بالتصرفات، وكلما أعطيت المرأة فرصا أكبر للعمل في الأماكن العامة أعطى هذا انطباعاً أكبر لدى المجتمع أن وجوده أمر طبيعي، وتقل الريبة والشك، ويحسن التعامل معها بثقة في المؤسسات الحكومية أو الأسواق، لافتةً إلى أنّه يفترض أن تكون هناك مجالات عمل تسمح للمرأة أن تمارس نشاطها فيها، وهذا سيسهل تغير النظرة لهذه العلاقة، شريطة أن توفر الحماية للمرأة بعدم التعدي عليها والاستمرار في هذا التوجه، حتى في ظل وجود محاولات الرفض من البعض أو عقبات؛ لأننا بحاجة لفترة من الوقت لتتغير نظرة الناس للمرأة.
وأضافت أنّ الأنظمة والقوانين عليها مسؤولية كبيرة في تغيير نظرة المجتمع تجاه مفهوم الخلوة والاختلاط، فكلما كان هناك قانون يحمي الناس من بعضها ويحمي تواجدها في الأماكن العامة كلما كان هناك تعزيز لتغير الثقافة، مؤكّدةً أنّ دور المرأة هو الأهم، بأن تتصرف بكل مهنية في مواضع الاختلاط وتثبت أنّها تتعامل بمهنية، حتى لا تعزز الصورة المبهمة السلبية عنها، لافتةً إلى أنّ المرأة ما زالت في بداية المشوار، ولم تتخلص من النظرات السلبية التي تضعها في دائرة الاتهام.
احتراف مهني
ولفتت "حنان الزهراني" - مدير شؤون الموظفين بعيادة المجمع الطبي بجدة - إلى أنّ نظرة المجتمع تغيرت حول مفهوم الاختلاط بالنسبة لبيئة العمل، حيث أصبحت كلمة لها مفهوم آخر في نظر معظم الناس من المعتدلين في التفكير، منوهةً بأنّ بيئة العمل الصحية تحتاج لسن قوانين، سواءً من مكتب العمل أو من جهات العمل، وإلاّ ستقع المشاكل والاحتكاكات السلبية بين زملاء المهنة، حتى وإن كانت الفتاة ملتزمة بأصول العمل باحتراف وقواعد الأدب العامة، فإذا لم يكن هناك قوانين مطبقة لتنظيم العمل المختلط ولو بشكل صوري فستحدث التبعات التي لا يكاد يخلو منها مكان أي بيئة عمل، مضيفةً: "لا بد من تطبيق مبدأ الالتزام بالاحتراف المهني، وأنّي هنا لست امرأة، بل موظفة أؤدي مهام عملي كأي موظف آخر بغض النظر عن جنسه".
كلاهما محرم!
وبيّن "د. خالد بن عبدالله الشمراني" - الأستاذ المشارك في كلية الدراسات القضائية بجامعة أم القرى - أنّ هناك فرقا بين الخلوة والاختلاط، ولكن كلاهما منكر، وقد ورد في الخلوة نص قوله - عليه الصلاة والسلام -: "لا يخلو رجل بامرأة إلاّ مع ذي محرم"، وقوله: "لا يخلو رجل بامرأة إلاّ وكان الشيطان ثالثهما"، بمعنى أنّ المرأة تكون مع الرجل في مكان مغلق لا يطلع عليهم أحداً، وهذه خلوة محرمة ومعصية، لافتاً إلى أنّ الاختلاط يعني أن تعمل المرأة بجانب الرجل بشكل دائم؛ مما يسقط الحواجز بينهما، فيسهل ولوج الشيطان إلى تحقيق مآربه من الفساد، وهو معصية؛ لأنّه يوقع فيما حرم الله - عز وجل -.
وقال إنّ الذين يحاولون الاصطياد في الماء العكر أو يحدثون لغطاً وتشويشاً يقولون إنّ النصوص إنما وردت في الخلوة، ولم يرد في الاختلاط شيء، موضحاً أنّ هذا ليس بصحيح، حيث أنّ اختلاط المرأة بالرجل في العمل بشكل دائم يسقط الحواجز بينهما، كما أنّ التكليف والاحتشام قد يسقط من المرأة، وبات من الطبيعي أن نشاهد الرجال والنساء الذين يعملون في أماكن العمل المختلطة يتمازحون بشكل لا يقره دين، وهذا يعتبر مقدمة من مقدمات الوقوع في الحرام.
وأضاف أنّ كون وجود بيئة عمل مختلطة أمرا متطلبا، فذلك يعني أنّه بمثابة انحراف الواقع، متسائلاً: لماذا لا نحاول أن نوجد بيئة عمل آمنة للمرأة بشكل لا يجرح حياءها ولا يوقعها في المحظور الشرعي؟، فهذا الأمر لا ينبغي الاستسلام له، ولدينا نماذج مشرفة في قطاع التعليم النسائي والذي يندر وجود جرائم تحرش فيه أو اغتصاب، مبيّناً أنّه اطلع على تقارير أجنبية عن الاختلاط ذكرت إحصاءات مخيفة عن ما يحدثه من جرائم الزنا والتحرش بنسب مفزعة، لافتاً إلى أنّ ميل الرجل للمرأة من الأمور الطبيعية، والإسلام هذب هذه العلاقة، وجعلها في إطار العلاقة الزوجية أو في إطار الحاجة والضرورة، بمعنى أن تكون المرأة بحجابها الكامل والرجل يتعامل معها عن بعد.
تحرير مفاهيم
وردّ "د. أحمد الغامدي" -الباحث والمستشار لمركز علوم القرآن والسنة- على ما ذكره "د. خالد الشمراني"، قائلاً: إنّ المعاني الشرعية لم تتغيّر منذ عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وكان النساء يعملن ويخرجن مع الرجال، ويلتقون في المسجد الحرام، ويطوفون، وفي أفراحهم تخرج النساء لخدمة من جاؤوا للفرح، وهذا أمر طبيعي، مستدركاً: "لكن ومع مرور الوقت تغيّرت توجهات الناس وأصبحوا يرون ما كان مباحاً من المحرمات؛ بداعي سد الذرائع أو سد الفتنة، خصوصاً وأنّ العادات الاجتماعية خدمت هذا الجانب، وبدأ الناس يرسخ في أذهانها أنّ هذا هو الأصل في الدين"، لافتاً إلى أنّ الحقيقة تشير إلى أنّ هذا هو المفهوم الخطأ والمخالف لنصوص الشرع وللحاجات الإنسانية والاجتماعية، والتي تفرض أن تكون هناك علاقة مكشوفة عامة للملأ بين الرجال والنساء، لا تخدش الحياء ولا تخالف الشرع، سواء في العمل أو الدراسة أو التسوق.
وقال إنّه لا يمنع أن يتولد عن هذه العلاقة أمور اجتماعية وروابط، كأن يخطب فلان امرأة أعجبته رآها في الطريق وكانت مناسبة لمواصفاته، والمرأة كذلك تختار من تراه مناسباً من واقع عملها، معتبراً أنّ هذا من الغرائز التي شرع الله تعالى قضاءه بالطرق الصحيحة كالزواج، وهذا يفتح أبواباً بين الجنسين من أجل أن يتحصنوا، ويقلص أشياء كثيرة يعاني منها المجتمع نتيجة الانغلاق، كالعنوسة، والشذوذ، ونسب الطلاق المرتفعة، وما يترتب عليه كذلك لقلة الخيارات أمام الرجل والمرأة في حال الرغبة بالارتباط بطرق تقليدية، والتي تجعل دوام العشرة ضعيفا، ولذلك كلما أتيحت الفرصة لكليهما لتحديد الخيارات الصائبة وفق العلاقات المكشوفة بين الناس، ولم تتطور إلى فساد ومسالك بعيداً عن تقوى الله والتي لا تعتبر محرمة؛ أصبح ذلك من دوام العشرة وإقامة الأسرة، فهذه البيئات العامة لا تخالف الدين، ولا تعتبر أمراً منكراً، طالما أنّه يستحيل أن يكون انفرداً بين الاثنين.
وأضاف أنّ من يفتي عليه أن يحرر مفاهيم الناس من هذا الخلط، فهناك من يرى جواز الاختلاط، لافتاً إلى أنّ التوعية ترفع مستوى الوعي بين الناس، وتحرر الأفكار من الفهم الخاطئ، ولا مانع من أن يوضح كلٌ رأيه في الاختلاط، ولا بد أن تتوسع التوعية لجميع الشرائح، وعدم الاكتفاء بالخطاب الديني في المساجد أو وسائل الإعلام، بل يجب أن يتم التركيز على برامج الدراما و"الكوميديا"، التي قد توصل رسائل توعوية للمجتمعات، وتزيل الشبهات والأفكار الخاطئة التي تتسبب في تعقيد بعض المفاهيم الدينية.
وأشار إلى أنّ المسألة فيها نوع من الاختلاف - بخلاف ما كان سابقاً -، فقد كان راسخاً عند الكثير من الناس أنّ الاختلاط حرام، مع أنّه كان في عهد النبي - عليه الصلاة والسلام -، موضحاً أنّه لو تأملنا في حقيقة الاختلاط لا نجد أسباباً تدعو لتحريمه، فالمرأة تشتري وتبيع في محيط الرجال، متسائلاً: ما الفرق وما المانع بين الصورتين؟، فطالما أنّ هناك رقابة من الجهات المسؤولة لا تعتبر هذه البيئة محرمة، ففي عهد النبي - عليه الصلاة والسلام - كان النساء يدخلن المساجد، ويسألن الرسول، وكان - عليه الصلاة والسلام - يحضر زواج أصحابه من الصحابيات، وكان النساء يضربن بالدفوف، لافتاً إلى أنّ ذلك إن دل فإنما يدل على أنّ الحياة الاجتماعيه كان يتشارك فيها الرجال والنساء، فالمرأة تخرج للسوق، وللعلم، وللعبادة، ولكل الصور الاجتماعية، ولا يعد ذلك خللاً بالشريعة، بل الخلل في تصرف المكلف الذي يباشر أمراً محرماً مع المرأة، والعكس، مؤكّداً على أن الله - جل جلاله - لم ينه عن محادثة الرجل للمرأة - مطلقاً - في الأسباب المشروعة، كالزواج، وإنما نهى عنه في الأفعال المحرمة التي تتم بعيداً عن الأنظار.
مفاهيم سائدة
اعتبرت "دلال عزيز ضياء" - إعلامية - أنّ المشكلة الحقيقة تكمن في نظرة المجتمع لمفهوم الخلوة، فالمرأة التي تعمل في جهة يعمل بها نساء ورجال لا يمكن إدراج عملها ضمن مفهوم الخلوة، والتي لها شروطها الشرعية وأوضحها الدين الإسلامي، وأوجب أن تتجنبها المرأة، كأن تكون في مكان يثير اللغط حولها، أو أن يكون مثاراً للظن والاتهام من قبل البعض، ولكن في العموم أنّ العمل في البيئات المختلطة -كالمستشفيات - لا تنطبق عليه شروط الخلوة الشرعية، مضيفةً: "على المجتمع مسؤولية تصحيح الفكر بين مفهوم الخلوة والاختلاط، ونحن كمجتمع مسلم له عاداته وتقاليده ومفاهيمه نرفض أن تنطبق الخلوة الشرعية بشروطها ولا يمكن أن نعمم هذه الصورة على ما يحدث في بيئة العمل المختلطة"، مؤكّدةً أنّ المرأة تعمل وفق المفاهيم السائدة في المجتمع.
نظام حماية
ورأت "د. أميرة كشغري" - كاتبة - أنّ أهم نقطة في الموضوع أن يتم التفريق بين الاختلاط والخلوة، حيث كان الناس يجزمون على أنّ الاختلاط محرم، معتبرةً - حسب رأيها - أنّه غير صحيح؛ لذلك أصبحت مشاهدة المرأة والرجل في مكان عام ينظر له بريبة، وتثور غيرة الناس، ويفرضون الكثير من التصرفات الهجومية عليهم، سواء بالكلام أو بالتصرفات، وكلما أعطيت المرأة فرصا أكبر للعمل في الأماكن العامة أعطى هذا انطباعاً أكبر لدى المجتمع أن وجوده أمر طبيعي، وتقل الريبة والشك، ويحسن التعامل معها بثقة في المؤسسات الحكومية أو الأسواق، لافتةً إلى أنّه يفترض أن تكون هناك مجالات عمل تسمح للمرأة أن تمارس نشاطها فيها، وهذا سيسهل تغير النظرة لهذه العلاقة، شريطة أن توفر الحماية للمرأة بعدم التعدي عليها والاستمرار في هذا التوجه، حتى في ظل وجود محاولات الرفض من البعض أو عقبات؛ لأننا بحاجة لفترة من الوقت لتتغير نظرة الناس للمرأة.
وأضافت أنّ الأنظمة والقوانين عليها مسؤولية كبيرة في تغيير نظرة المجتمع تجاه مفهوم الخلوة والاختلاط، فكلما كان هناك قانون يحمي الناس من بعضها ويحمي تواجدها في الأماكن العامة كلما كان هناك تعزيز لتغير الثقافة، مؤكّدةً أنّ دور المرأة هو الأهم، بأن تتصرف بكل مهنية في مواضع الاختلاط وتثبت أنّها تتعامل بمهنية، حتى لا تعزز الصورة المبهمة السلبية عنها، لافتةً إلى أنّ المرأة ما زالت في بداية المشوار، ولم تتخلص من النظرات السلبية التي تضعها في دائرة الاتهام.
متشددون في وزارة العمل إنكاراً على توظيف المرأة بحجة الاختلاط (أرشيف الرياض)
احتراف مهني
ولفتت "حنان الزهراني" - مدير شؤون الموظفين بعيادة المجمع الطبي بجدة - إلى أنّ نظرة المجتمع تغيرت حول مفهوم الاختلاط بالنسبة لبيئة العمل، حيث أصبحت كلمة لها مفهوم آخر في نظر معظم الناس من المعتدلين في التفكير، منوهةً بأنّ بيئة العمل الصحية تحتاج لسن قوانين، سواءً من مكتب العمل أو من جهات العمل، وإلاّ ستقع المشاكل والاحتكاكات السلبية بين زملاء المهنة، حتى وإن كانت الفتاة ملتزمة بأصول العمل باحتراف وقواعد الأدب العامة، فإذا لم يكن هناك قوانين مطبقة لتنظيم العمل المختلط ولو بشكل صوري فستحدث التبعات التي لا يكاد يخلو منها مكان أي بيئة عمل، مضيفةً: "لا بد من تطبيق مبدأ الالتزام بالاحتراف المهني، وأنّي هنا لست امرأة، بل موظفة أؤدي مهام عملي كأي موظف آخر بغض النظر عن جنسه".
كلاهما محرم!
وبيّن "د. خالد بن عبدالله الشمراني" - الأستاذ المشارك في كلية الدراسات القضائية بجامعة أم القرى - أنّ هناك فرقا بين الخلوة والاختلاط، ولكن كلاهما منكر، وقد ورد في الخلوة نص قوله - عليه الصلاة والسلام -: "لا يخلو رجل بامرأة إلاّ مع ذي محرم"، وقوله: "لا يخلو رجل بامرأة إلاّ وكان الشيطان ثالثهما"، بمعنى أنّ المرأة تكون مع الرجل في مكان مغلق لا يطلع عليهم أحداً، وهذه خلوة محرمة ومعصية، لافتاً إلى أنّ الاختلاط يعني أن تعمل المرأة بجانب الرجل بشكل دائم؛ مما يسقط الحواجز بينهما، فيسهل ولوج الشيطان إلى تحقيق مآربه من الفساد، وهو معصية؛ لأنّه يوقع فيما حرم الله - عز وجل -.
وقال إنّ الذين يحاولون الاصطياد في الماء العكر أو يحدثون لغطاً وتشويشاً يقولون إنّ النصوص إنما وردت في الخلوة، ولم يرد في الاختلاط شيء، موضحاً أنّ هذا ليس بصحيح، حيث أنّ اختلاط المرأة بالرجل في العمل بشكل دائم يسقط الحواجز بينهما، كما أنّ التكليف والاحتشام قد يسقط من المرأة، وبات من الطبيعي أن نشاهد الرجال والنساء الذين يعملون في أماكن العمل المختلطة يتمازحون بشكل لا يقره دين، وهذا يعتبر مقدمة من مقدمات الوقوع في الحرام.
وأضاف أنّ كون وجود بيئة عمل مختلطة أمرا متطلبا، فذلك يعني أنّه بمثابة انحراف الواقع، متسائلاً: لماذا لا نحاول أن نوجد بيئة عمل آمنة للمرأة بشكل لا يجرح حياءها ولا يوقعها في المحظور الشرعي؟، فهذا الأمر لا ينبغي الاستسلام له، ولدينا نماذج مشرفة في قطاع التعليم النسائي والذي يندر وجود جرائم تحرش فيه أو اغتصاب، مبيّناً أنّه اطلع على تقارير أجنبية عن الاختلاط ذكرت إحصاءات مخيفة عن ما يحدثه من جرائم الزنا والتحرش بنسب مفزعة، لافتاً إلى أنّ ميل الرجل للمرأة من الأمور الطبيعية، والإسلام هذب هذه العلاقة، وجعلها في إطار العلاقة الزوجية أو في إطار الحاجة والضرورة، بمعنى أن تكون المرأة بحجابها الكامل والرجل يتعامل معها عن بعد.
تحرير مفاهيم
وردّ "د. أحمد الغامدي" -الباحث والمستشار لمركز علوم القرآن والسنة- على ما ذكره "د. خالد الشمراني"، قائلاً: إنّ المعاني الشرعية لم تتغيّر منذ عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وكان النساء يعملن ويخرجن مع الرجال، ويلتقون في المسجد الحرام، ويطوفون، وفي أفراحهم تخرج النساء لخدمة من جاؤوا للفرح، وهذا أمر طبيعي، مستدركاً: "لكن ومع مرور الوقت تغيّرت توجهات الناس وأصبحوا يرون ما كان مباحاً من المحرمات؛ بداعي سد الذرائع أو سد الفتنة، خصوصاً وأنّ العادات الاجتماعية خدمت هذا الجانب، وبدأ الناس يرسخ في أذهانها أنّ هذا هو الأصل في الدين"، لافتاً إلى أنّ الحقيقة تشير إلى أنّ هذا هو المفهوم الخطأ والمخالف لنصوص الشرع وللحاجات الإنسانية والاجتماعية، والتي تفرض أن تكون هناك علاقة مكشوفة عامة للملأ بين الرجال والنساء، لا تخدش الحياء ولا تخالف الشرع، سواء في العمل أو الدراسة أو التسوق.
وقال إنّه لا يمنع أن يتولد عن هذه العلاقة أمور اجتماعية وروابط، كأن يخطب فلان امرأة أعجبته رآها في الطريق وكانت مناسبة لمواصفاته، والمرأة كذلك تختار من تراه مناسباً من واقع عملها، معتبراً أنّ هذا من الغرائز التي شرع الله تعالى قضاءه بالطرق الصحيحة كالزواج، وهذا يفتح أبواباً بين الجنسين من أجل أن يتحصنوا، ويقلص أشياء كثيرة يعاني منها المجتمع نتيجة الانغلاق، كالعنوسة، والشذوذ، ونسب الطلاق المرتفعة، وما يترتب عليه كذلك لقلة الخيارات أمام الرجل والمرأة في حال الرغبة بالارتباط بطرق تقليدية، والتي تجعل دوام العشرة ضعيفا، ولذلك كلما أتيحت الفرصة لكليهما لتحديد الخيارات الصائبة وفق العلاقات المكشوفة بين الناس، ولم تتطور إلى فساد ومسالك بعيداً عن تقوى الله والتي لا تعتبر محرمة؛ أصبح ذلك من دوام العشرة وإقامة الأسرة، فهذه البيئات العامة لا تخالف الدين، ولا تعتبر أمراً منكراً، طالما أنّه يستحيل أن يكون انفرداً بين الاثنين.
وأضاف أنّ من يفتي عليه أن يحرر مفاهيم الناس من هذا الخلط، فهناك من يرى جواز الاختلاط، لافتاً إلى أنّ التوعية ترفع مستوى الوعي بين الناس، وتحرر الأفكار من الفهم الخاطئ، ولا مانع من أن يوضح كلٌ رأيه في الاختلاط، ولا بد أن تتوسع التوعية لجميع الشرائح، وعدم الاكتفاء بالخطاب الديني في المساجد أو وسائل الإعلام، بل يجب أن يتم التركيز على برامج الدراما و"الكوميديا"، التي قد توصل رسائل توعوية للمجتمعات، وتزيل الشبهات والأفكار الخاطئة التي تتسبب في تعقيد بعض المفاهيم الدينية.
وأشار إلى أنّ المسألة فيها نوع من الاختلاف - بخلاف ما كان سابقاً -، فقد كان راسخاً عند الكثير من الناس أنّ الاختلاط حرام، مع أنّه كان في عهد النبي - عليه الصلاة والسلام -، موضحاً أنّه لو تأملنا في حقيقة الاختلاط لا نجد أسباباً تدعو لتحريمه، فالمرأة تشتري وتبيع في محيط الرجال، متسائلاً: ما الفرق وما المانع بين الصورتين؟، فطالما أنّ هناك رقابة من الجهات المسؤولة لا تعتبر هذه البيئة محرمة، ففي عهد النبي - عليه الصلاة والسلام - كان النساء يدخلن المساجد، ويسألن الرسول، وكان - عليه الصلاة والسلام - يحضر زواج أصحابه من الصحابيات، وكان النساء يضربن بالدفوف، لافتاً إلى أنّ ذلك إن دل فإنما يدل على أنّ الحياة الاجتماعيه كان يتشارك فيها الرجال والنساء، فالمرأة تخرج للسوق، وللعلم، وللعبادة، ولكل الصور الاجتماعية، ولا يعد ذلك خللاً بالشريعة، بل الخلل في تصرف المكلف الذي يباشر أمراً محرماً مع المرأة، والعكس، مؤكّداً على أن الله - جل جلاله - لم ينه عن محادثة الرجل للمرأة - مطلقاً - في الأسباب المشروعة، كالزواج، وإنما نهى عنه في الأفعال المحرمة التي تتم بعيداً عن الأنظار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.