إذا لم نكن قادرين على ضبط وترشيد حنفية الاستقدام العشوائي للعمالة من مختلف بلدان العالم، فأضعف الإيمان أن نحاول تدارك وضبط السلوكيات والظواهر السلبية المرتبطة بهم، والتي أصبحت تشكل ازعاجاً اجتماعياً وضغطاً على اقتصاد وموارد الدولة، ولعل على رأسها تزايد اقتناء السيارات وقيادتها من قبلهم. أعداد كبيرة من العمالة التي تفد إلينا هي عمالة بسيطة ذات تعليم متدن، ووعي محدود، لم تكن تعرف استخدام السيارات في بلدها، وأقصى وسيلة كانت تستخدمها في تنقلاتها هي الدراجة الهوائية، والتي يبدأ بها العامل مغامراته في شوارعنا وطرقاتنا، ثم يستبدلها بدراجة ناريّة، وبلا رخصة ولوحات(وأمام مرأى رجال المرور!!) يواصل فيها هذه المغامرات، وبعد أن يرى عددًا من أقرانه اقتنى –وبكل سهولة- سيارة، تتطلع نفسه الى ذلك، فيجد بغيته لدى إحدى ورش أو مراكز تشليح السيارات، ولا تسأل عن حالها أو صلاحيتها للاستخدام المروري، ثم يبدأ بها مزاحمة خلق الله في شوارعنا المكتظة أساساً بالسيارات..!! عوامل عدة ساعدت على تزايد اقتناء العمالة الوافدة للسيارات، على رأسها بساطة الاجراءات الحكومية وسهولتها،والتي جعلت من قيادة السيارات حقاً مشاعاً للجميع!!أيضاً هناك عامل آخر وأساسي، هو رخص أسعار الوقود، المدعوم أساساً من قبل الحكومة، ولا يخفى على أحد الفاتورة العالية للدعم الحكومي للوقود. لا نريد أن نغلق الباب أمام الجميع، لكن لنجعل العملية أكثر تنظيماً. هناك أصحاب مهن وحملة شهادات جامعية - كالطبيب والمهندس والأستاذ الجامعي - نعم لقيادتهم، فهم مؤهلون وواعون،أما أن يترك الحبل على الغارب وأرى السباك والكهربائي والنجار-ممن لا تتطلب مهنهم حاجة للقيادة- يضايقني في الشارع والطريق، فلا أعتقد أنه ملائم، وخصوصا في الفترة الحالية التي أصبح الكل يشتكي فيها من الزحام المروري. الدول الخليجية تنبهت لهذا الموضوع مبكراً، فسنّت القوانين والأنظمة التي كفلت للمستحق والمؤهل فقط قيادة السيارة. ففي الكويت مثلاً لا يمكن للوافد قيادة السيارة إلا بثلاثة شروط رئيسية، هي: أن يكون مقيماً في الدولة لسنتين على الأقل، ويحمل مؤهلاً جامعياً، وراتبه لا يقل عن 400 دينار (أكثر من 5000 ريال سعودي). أتمنى أن نستنسخ الشروط نفسها.