28.88 مليار ريال رواتب موظفي القطاع غير الربحي    تراجع النفط إلى أدنى مستوياته الشهرية    مليار دولار مشتريات الساعات الفاخرة    السواحه من الأمم المتحدة: صدارة سعودية في المؤشرات الدولية    المملكة وسوريا تبحثان إنشاء مدن صناعية وتعزيز التعاون الاقتصادي    ساركوزي قد يمثل أمام القضاء مجدداً بشبهة التلاعب بالشهود    ترامب وقع أوامر تنفيذية في أقل من عام أكثر ممّا وقعه في ولايته الأولى    أمطار كارثية على غزة    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة    في الشباك    غونزاليس مع القادسية.. أحلام حطمها قطبا جدة    غرامة وسجن للعاملين لدى الغير    منطقة الرياض الأعلى في كمية الأمطار    خيرية نظمي: لنا موعد في هوليود مع «هجرة»    جناح يوثق تحولات المشهد الثقافي السعودي    «سعود الطبية».. نجاح قسطرة نادرة لطفلة    اكتشافات أثرية    الأهلي يجدد عقد "ميندي" حتى موسم 2028    «السعودية للكهرباء» شريك طاقة في المؤتمر السعودي الثالث عشر للشبكات الذكية    انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة جائزة الجميح لحفظ القرآن الكريم في دورتها السابعة عشر    الأخضر يستأنف تدريباته استعدادًا للقاء الإمارات على برونزية كأس العرب    4658 حالة إسعافية بالجوف    مشكاة يشارك في جناح الطفل بمعرض جدة للكتاب 2025    زيلينسكي: مقترحات إنهاء الحرب في أوكرانيا قد تُعرض على روسيا خلال أيام    الأمان المجتمعي يبدأ من الحوار    الإيمان يولد من المحبة لا من الخوف    اخطب لابنتك ولا تخطب لولدك    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    السعودية تدين مصادقة الاحتلال على بناء 19 مستوطنة في الضفة    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    تعليم الطائف يؤكد أهمية الشراكات في تطوير الأداء التعليمي وتحقيق الاستدامة    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    تجمع القصيم الصحي ينال الاعتماد البرامجي للتخصص الدقيق في طب العناية الحرجة للكبار    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    أصدقاء البيئة تنفذ زراعة 300 شجرة بالكلية التقنية دعمًا لمبادرة التشجير الوطني    لتوزيع 10 جوائز للأفضل في العالم لعام 2025.. قطر تحتضن حفل «فيفا ذا بيست»    الكشف عن تفاصيل قرعة نهائيات بطولة الجيل القادم لرابطة محترفي التنس 2025    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    ضمن أعمال منتدى تحالف الحضارات.. مناقشات دولية في الرياض تعزز الحوار بين الثقافات    5 أفلام تنعش دور العرض المصرية نهاية 2025    الأمير فيصل بن خالد يرعى توقيع 21 اتفاقية ومذكرة.. 40 ملياراً قيمة فرص استثمارية بمنتدى الشمالية    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    دور إدارة المنح في الأوقاف    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاعديون لا يؤيدون قتل الأبرياء ولكن ما هو مقياس البراءة لديهم
نشر في الرياض يوم 18 - 08 - 2005

كما رأينا في الجزء الأول من هذا المقال، فإن مقياس البراءة الذي يدعي القاعديون بواسطته أنهم لا يستهدفون الأبرياء ولا يدعون لاستهدافهم لا يتعدى منهج القاعدة نفسها في النظر إلى الحكومات العربية والإسلامية وشعوبها وَمَن وراءهم قاطنو الدول الغربية من المسلمين على أنهم كفارٌ خارجون من الملة، وبالتالي فهم ليسوا أبرياء من كل أنواع الإرهاب الذي يصفونه زوراً وبهتاناً بأنه جهاد في سبيل الله، انطلاقاً من ذلك المنهج، فإنه يجب على كل من يريد البراءة لنفسه من جحيم الإرهاب القاعدي أن يؤمن بفكرة الدارين(دار الإسلام وضدها دار الحرب) التي تتبناها القاعدة لتكييف علاقاتها مع الآخر ، حيث تشمل دار الإسلام كل أرض يتواجد فيها إسلام القاعدة على الطريقة الأممية الإسلامية التي تبناها سيد قطب في كتبه الأيديولوجية وخاصة كتابيه (معالم في الطريق، وظلال القرآن)، أما دار الحرب فتتسع لتشمل غير المسلمين من الكفار الأصليين وكذلك المرتدين ممن هم راضون بحكم الطواغيت في بلاد المسلمين ويلحق بهم إخوانهم ممن رضوا الارتهان للدول الكافرة سواءً بحمل جنسيتها أوالإقامة فيها.
أية تخريجات سياسية أيديولوجية خارج مفهوم الدارين لا يعدو أن يكون مجرد تكتيك مرحلي يراد من ورائه الوصول إلى الهدف الأصلي في المرحلة النهائية، لست بهذا القول أجول في ساحة الوهم أو أتقول على أبرياءَ بلا دليل مقبول، ألم تكن القاعدة مثلاً تبرر شنها الحملات ضد المملكة بلازب تواجد القوات الأمريكية على أراضيها، وعندما رحلت هذه القوات بكاملها لم تكف عن شن حمم غضبها على هذا البدل وساكنيه ، بل إن عملياتها بعد ذلك الرحيل زادت كما ونوعاً باستهدافها للأبرياء الراكعين الساجدين، كما حدث عندما استهدف إرهابيوها مجمع المحيا في شهر رمضان على وقع أداء أهله وساكنيه لصلاة التراويح، وكا حصل عندما فجروا مبنى المرور بالرياض والناس حينها غادون ورائحون في أرجائه ينهون أعمالهم في غفلة عما يُراد بهم، ولم يرحموا حتى رحيق الطفولة (وجدان) وهي تلاعب طيورها قبل أن يُصب العذاب القاعدي على رأسها بقسرها على توديع الحياة باكراً لأنها كانت تساكن من لا يؤمن بدار الإسلام القاعدي!!! إذاً كيف تم تمييع المبرر الأول بعد أن زال عن مكان الاستهداف برحيل القوات الأمريكية؟ لا أظن الجواب يستعصي على كل ذي لب في أن يجده في ثنايا نظرية الدارين والمعسكرين والفريقين، خذوا مثلاً آخر لمقياس البراءة آنف الذكر، عصام البرقاوي المعروف باسمه الحركي (أبي محمد المقدسي) لما أفرجت عنه الحكومة الأردنية وطاف على منبر الجزيرة (القناة) لم يتردد لحظة في التأكيد على معارضته إستهداف الأبرياء خاصة في العراق (في إشارة على ما يبدو إلى تبادل الأدوار بينه وبين تلميذه النجيب أبي مصعب الزرقاوي)، ومع ذلك فجولة سريعة على أبرز مؤلفاته وخاصة منها (ملة إبراهيم)و(الكواشف الجلية) لا تعطي مجالاً للشك أنه ليس ثمة بريئٌ في عرفه وعرف أتباعه إلا من كان على ملتهم وارتوى من معينهم، ولذلك فلم يكن ذلك الأيديولوجي المحلي إلا طالباً نجيباً لهم ونموذجاً تقاس على مثله البراءة المنشودة وهويؤلف كتابه الموسوم ب(التبيان في كفر من أعان الأمريكان) ولو استنطقت ذلك المؤلف عن كنه ونوع العون الذي به كفر من يقدمه لرأيت أن لا شيئ غير أي شيئٍ من أية علاقة عادية ولوكانت من قبيل العلاقات الدبلوماسية المصلحية، ولماذا نشطح بعيداً ونتقعرفي استنطاق نوعية الإعانة الكفرية في ذلك المؤلَف وقد صرح أحد كبرائهم المحليين في لحظة حرجة من تاريخنا مع الإرهاب القاعدي إبان توهمه إملاء شروطه على الدولة والمجمتع لاندماجه ومن يتبعه في بنيتهما بأن على الدولة أن لا تلقي بالاً لعلاقاتها الدولية مع الدول والمنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة!!! إن القضية في تقديري واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار فالبراءة المنشودة من قبل كبراء القاعدة الذي أضلوا أتباعهم من السذج والديماغوغيين السبيل لا تكون إلا حيث يكون فكر البرقاوي والزرقاوي وابن لادن والظواهري ومندوبيهم المتجولين والمقيمين في الدول الأوروبية من أمثال صاحب مركز المقريزي في لندن وظهيره زعيم تنظيم الغرباء ومن ورائهم زعيم منظمة الشريعة والبقية من الجوقة الذين ما أن تتاح لك الفرصة لتسأل أحدهم عن رأيه في أية عملية إرهابية يسقط فيها أبرياء إلا وستجدهم وقد تمثلوا دور إخوة يوسف في البراءة والطهر وإدانة كل مظاهر الاعتداء على الأبرياء ولكن من هم الأبرياء ؟ هذا هو المحك ونقطة الفصل والمحور في نظرتهم لتلك العمليات الإرهابية، ألم يبرر ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين قتله للسفير المصري في العراق(إيهاب الشريف) بأنه سفير دولة كافرة تتعاون مع اليهود والنصارى، إنهم وفقاً لهذا المنطق لو قتلوا رجلاً مصرياً يمشي في أحد شوارع القاهرة لبرروه بأنه يحمل جنسية دولة كافرة تتعامل مع اليهود والنصارى أيضاً!!! هذا هو منطقهم ومنهجهم عندما يتباكون بدموع التماسيح على الأبرياء الذي يتساقطون في ميادين الإرهاب هنا وهناك لا لشيئ سوى أنهم يمارسون إنسانيتهم بعيداً عن تصنيفات القاعدة ومن يسلك مسلكها.
في هذا الصدد، فقد ضاقت دائرة البراءة في العراق عن كل من يمسَك متلبساً بالمشاركة في كتابة الدستور العراقي أو مشاركاً في عملية صياغته أو مباركاً لها بأي وجه من الوجوه، وجاء تضييق هذه الدائرة المعدومة من أساسها في أرض الرافدين عندما وجه تنظيم الزرقاوي تحذيراً لكل من يمارس مثل ذلك الجرم أو يدعو له من أئمة الجوامع وغيرهم بأنهم سينفذون فيه حد الردة لأنه وفقاً لمقياسهم يعد خارجاً عن الإسلام، في تلاعب عجيب ومرعب لنصوص فقهية كان يجب تقييدها بتاريخيتها السياسية والأيديولوجية بما لا يتناقض مع روح الإسلام دين الرحمة والتسامح والعفو وعدم الإكراه في الدين ، عندما أسمع تلاعب أولئك الأوغاد بنصوص كبرى لا تُعطىَ أزمتها زما لكل من هب ودب ليستخدمها جداراً لألاعيبه السياسية أتذكر قول الله تعالى في محكم التنزيل (إن الذي آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً) فرغم أنهم تنقلوا بين الكفر والإيمان عدة مرات بما يوحي للقارئ أنهم ليسوا إلا متلاعبين ومستهترين بالدين، إلا أن الباري جل ذكره لم يجعل لأحد عليهم سبيلاً إذ لم يأمر بقتلهم أو صدهم عما ارتضوه، وإنما أمر بتركهم له سبحانه يفصل بينهم حين لا ينفع وقتها مال ولا بنون، فما بال هؤلاء وأضرابهم والمؤمنين بمنهجهم وقد اتخذوا مما فهموه من حد الردة ستاراً لإجبار الناس على اعتقاد ما ظنوه نسخة وحيدة من الإسلام مفصلة على مقاسهم؟ ألم يأنِ لأولئك أن يخرجوا إلى فضاء إسلام محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان يعايش المنافقين وهم يساكنونه في المدينة وقد أطلعه الله على سرائرهم وما يبطنونه من كفر برسالته، ومع ذلك فلم يأمر أياً من صحابته بقتل أيٍ منهم ما دام مسالما محتفظاً بما يعتقده لنفسه بعيداً عن أية أيديولوجية سياسية نفعية كالتي تتربص بها القاعدة كل شعوب العالم الحر، لأنه بأبي هو وأمي يعلم بما أنزله الله تعالى عليه أن ليس ثمة من ركن ركين يستند عليه الدين أكبر من ترك ما يعقد الإنسان قلبه عليه لحريته الشخصية بعيداً عن أية إكراهات لا تتوافق وما ترك أمته عليه من المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا هالك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.