أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    جامعة القصيم تحقق الفئات الأعلى في اختبار "مزاولة المهنة"    نحو قطاع عقاري نموذجي    فرع وقاء بتبوك يختتم مشاركته في مهرجان العسل والمنتجات الزراعية الثالث بمنطقة تبوك    مُحافظ الخرج يطّلع على منظومة "البيئة"    فشل المفاوضات التدريجية يدفع إلى حل نهائي في غزة    الملك سلمان للإغاثة.. جهود إنسانية حول العالم    مؤتمر «حل الدولتين».. موقف دولي لتجديد الأمل بالسلام والعدالة    حرائق أوروبا تسبب خسائر وتلوثا بيئيا واسعا    إجلاء 386 شخصا من السويداء    عبث خطير    جبل السمراء.. إطلالة بانورامية في حائل    "سعود عبدالحميد" إلى لانس الفرنسي بنظام الإعارة لمدة موسم واحد    نادي الحريق يتصدر تايكوندو المملكة ب87 منافساً    جبال المدينة.. أسرار الأرض    إحباط 1547 صنفاً محظوراً    عدم ترك مسافة بين المركبات أبرز مسببات حوادث المرور    طرح تذاكر مهرجان الرياض للكوميديا    استعراض أنشطة التراث أمام سعود بن جلوي    اعتماد أكاديمي كامل لبرنامج نظم المعلومات في جامعة حائل    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    رؤية 2030 تكافح السمنة وتعزّز الصحة العامة    15 مهمة لمركز الإحالات الطبية تشمل الإجازات والعجز والإخلاء الطبي    ورشة عمل لخدمة أشجار الفل والنباتات العطرية في محافظة أبو عريش    فريق قوة عطاء التطوعي يشارك في مبادرة "اليوم العالمي للرضاعة الطبيعية"    آل الصميلي يحتفلون بزواج الشاب محمد عبدالرحمن صميلي    بيوت خبرة لإصدار شهادات سلامة لألعاب الملاهي    توقعات بخفض الفائدة وسط تصاعد الحرب التجارية    الشباب والرياضة.. مجتمع الصحة    النصر غير!    تأثير الأمل في مسار الحياة    الفيحاء يخسر أمام أم صلال القطري برباعية في أولى ودياته    قروض القطاع الخاص تتجاوز 3 تريليونات ريال    تحديات تهدد المشاريع الناشئة في المملكة    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    تعاون سعودي عراقي في مجالات القضاء    طرح تذاكر مهرجان الرياض للكوميديا    قربان: المعيار المهني للجوالين يعزز ريادة المملكة في حماية البيئة    مجمع إرادة بالدمام ينفذ مبادرة سقيا كرام    3 جوائز دولية للمنتخب السعودي في أولمبياد المعلوماتية 2025    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران عضو مجلس الشورى المدخلي    بقيادة المدرب الجديد.. الأنوار يبدأ الاستعداد لدوري يلو    النصر يخسر وديًا أمام استريلا دا أمادورا البرتغالي    فيصل بن مشعل يُكرّم المتميزين من منسوبي شرطة القصيم    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ممثلاً بإدارة المساجد في الريث يتابع أعمال الصيانة والتشغيل في الجوامع والمساجد    أعلن تفكيك شركات مرتبطة بالجماعة.. الأردن يشدد الإجراءات ضد الإخوان    وسط تفاقم الأزمة الإنسانية.. الاحتلال يتوعد بمواصلة الحرب في غزة    ضمن معرض المدينة المنورة الدولي للكتاب 2025.. مركز الوثائق يستعرض صوراً لجهود المملكة في خدمة الحرمين    فسح وتصنيف 90 محتوى سينمائياً خلال أسبوع    ضبط مروج بحوزته 54 كجم من الحشيش    الفخر بقيادتنا    البكيرية.. مشروعات نوعية وتنمية شاملة    أرى من أنبوب.. رواية توثق تجربة بصرية نادرة    المولودون صيفًا أكثر اكتئابًا    إمام المسجد النبوي: الدنيا سريعة فاستغلوها بالأعمال الصالحة    خطيب المسجد الحرام: التقنية نِعمة عظيمة إذا وُجهت للخير    محافظ الدرعية يجتمع مع مدير إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بالمحافظة    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لجنة تعويضات المقاولين .. ما موقعها القانوني ؟
نشر في الرياض يوم 04 - 09 - 2013

ورد في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية في مادته الثامنة والسبعين النص على تشكيل لجنة في وزارة المالية من ثلاثة مستشارين يكفي أن يكون بينهم قانوني واحد يرأس تلك اللجنة، وحدد النظام لها عدة اختصاصات أهمها النظر في طلبات التعويض المقدمة من المقاولين والمتعهدين، وتصدر هذه اللجنة قرارها بشأن طلب المقاول التعويض، إما بتعويضه وإما برفض طلبه بناء على ما يثبت لديها من أحقيته بهذا التعويض من عدمه، ونص النظام أن قرارها الصادر بذلك يجوز الطعن عليه أمام ديوان المظالم خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغه لصاحب الشأن.
إن هذه الإشكالات التي لا أتصور إمكانية حلها في ظل بقاء اللجنة وهو ما يستدعي إعادة النظر في وجودها أو تعديل اختصاصاتها بما لا يتعارض مع نظام واختصاصات القضاء الإداري ومبادئه وقواعده
ثم نصت الفقرة (و) على أن توضح اللائحة التنفيذية للنظام إجراءات عمل هذه اللجنة.
وقد أحدث هذا النظام فيما يتعلق بهذه اللجنة عدة إشكالات ما زالت منذ صدور النظام إلى اليوم وهي تراوح مكانها دون أي حل، سواء في تأثيرها على حقوق المقاولين، أو في جانب أثرها على عمل القضاء الإداري في ديوان المظالم، وإحداثها لارتباك واضح ظهر في الأحكام الصادرة عن الدوائر الإدارية في الديوان.
ولعل من الجدير بالعناية استعراض أبرز هذه الإشكالات، لعل ذلك يسهم في مساعدة المُنظّم على إيجاد حل ِّ لها يحفظ الحقوق، ويصلح ما يمكن أن يكون وقع من خلل.
وأبرز إشكالٍ أحدثه تأسيس هذه اللجنة، هو تعارضها الواضح مع الاختصاص القضائي الأصيل لديوان المظالم الذي نصت المادة (13) فقرة (د) من نظامه على أن محاكمه تختص بنظر الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهة الإدارة طرفاً فيها.
وما زال هذا الاختصاص من أهم وأبرز اختصاصات القضاء الإداري منذ نشأته في المملكة، وتعتبر ولاية القاضي الإداري أثناء نظره لمنازعات العقود من نوع ولاية القضاء الكامل وهي التي تعطي القاضي سلطة واسعة في إلغاء القرارات الإدارية التي تصدر عن جهة الإدارة فيما يخص العقد موضوع المنازعة، دون التقيد بالضوابط الضيقة التي تحكم القاضي أثناء نظره لدعوى موجهة ضد قرار إداري مستقل.
كما يكون للقاضي الإداري أيضاً سلطة التعويض عن الأضرار الواقعة على المتعاقد مع جهة الإدارة، مما كان سببه خطأها أياً كان نوع ذلك الخطأ.
وقد يقول قائل : إنه لا تعارض بين هذه اللجنة، وبين اختصاص القضاء الإداري في نظر منازعات العقود، بدليل أن النظام نفسه أجاز الاعتراض على قرار اللجنة أمام ديوان المظالم .
لكن هذا القول غير صحيح إطلاقاً، بل تعارضها مع اختصاص ديوان المظالم ونظامه ظاهر من خلال عدة نقاط رئيسية وهي :
أولاً: إنه بمجرد صدور النظام والنص فيه على تشكيل هذه اللجنة أصبح متعيناً على المتعاقد مع الإدارة قبل تقدمه لديوان المظالم بطلب التعويض، أن يتقدم أولاً بهذا الطلب للجنة المذكورة، وينتظر مدة قد تكون طويلة لتقرر اللجنة موقفها من طلبه إيجاباً أو سلباً، ثم بعد ذلك يمكنه التقدم للديوان. وهذا ما يقود إلى المزيد من إضاعة الوقت وإطالة أمد المطالبة وزيادة تضرر المقاول الذي يطالب بالتعويض، دون أن يكون لذلك أي داع.
ثانياً: كيف يمكن الجمع بين ما نصت عليه قواعد المرافعات أمام ديوان المظالم من وجوب أن تكون مطالبة الجهة الإدارية بالحقوق المترتبة عليها خلال مدة خمس سنوات من نشوء الحق ؛ وبين ما نص عليه نظام المنافسات والمشتريات الحكومية من وجوب التظلم من قرار اللجنة أمام ديوان المظالم خلال مدة ستين يوماً فقط ؟
إن هذا النص في نظام المنافسات الحكومية يعني أن المتعاقد مع الإدارة إذا تأخر عن الطعن على قرار اللجنة بعدم تعويضه، حتى فاتت مدة الستين يوماً ؛ أن دعواه لا تكون مقبولة شكلاً ! فكيف يمكن الجمع بين ذلك وبين النص الآخر الذي يمنحه مهلة للمطالبة بحقه خمس سنوات ؟!
ثالثاً: إذا تقدم المتعاقد مع الإدارة بدعواه إلى ديوان المظالم للاعتراض على قرار اللجنة المذكورة بعدم تعويضه ؛ هل تكون هذه الدعوى دعوى إلغاء قرار إداري أم دعوى منازعة في عقد إداري ؟
وفرق كبير بين الدعويين في كل جوانبهما. فدعوى الإلغاء لا يجوز للقضاء فيها أن يتصدى للتعويض، بينما دعوى العقد للقضاء فيها كامل الصلاحيات.
فإن قلنا إنها دعوى عقد، صار النص على التظلم من قرار اللجنة بمثابة العبث، وإن قلنا إنها تنقلب دعوى طعن على قرار إداري، فإن ذلك قد يؤدي إلى إلغاء دعاوى العقود بالكامل وشطبها من اختصاصات القضاء الإداري !!.
رابعاً: ما هو موقع هذه اللجنة من القانون والتنظيم القضائي ؟ هل هي لجنة إدارية بحتة أم لجنة شبه قضائية ؟!
إن قلنا إنها لجنة إدارية بحتة، فهذا لا يستقيم مع منحها سلطة قضائية أصيلة وهي السلطة في التصدي لبحث استحقاق التعويض للمقاول الذي لا يمكن أن ينفصل عن بحث أركان التعويض من الخطأ والضرر وعلاقة السببية .
وإن قلنا إنها لجنة شبه قضائية، فكيف يكون الجمع بينها وبين اختصاص القضاء الإداري الذي يمارس نفس الاختصاص، وما مصير ما تتخذه هذه اللجنة من إجراءات مثل ندب الخبراء وسماع الشهود وغير ذلك، ما مصيره حين ينتقل بحث الموضوع لجهة قضائية أخرى ؟
إن ما يؤكد الخلل الواضح الذي أحدثه وجود هذه اللجنة ما حصل من إرباك للأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الإداري في طلبات التعويض من المقاولين، فبعض الأحكام تقرر أن التقدم لهذه اللجنة مسبقاً بالطلب هو أمر وجوبي لا تقبل الدعوى شكلاً ما لم يحصل، وهذا ما عليه غالب الأحكام، بينما بعض الأحكام قررت أن ذلك ليس وجوبياً.
كما أن من ملامح هذا الخلل ما صدر في تقرير هذه اللجنة عن العام الماضي أنها أصدرت قراراً واحداً بالتعويض من أصل (27) مطالبة، وهذا شيء طبيعي ؛ إذ كيف يتصور أن يصدر عن لجنة من رحم وزارة المالية قرارات حيادية بتعويض المقاولين دون حكمٍ قضائي ؟!
وفي اتصال هاتفي بيني وبين أحد أهم أعضاء اللجنة السابقين وهو قانوني ضليع أكد لي أن اللجنة بقيت وقتاً طويلاً منذ تأسيسها لم تتصد لبحث طلبات التعويض أصلاً. ما يؤكد قناعة أعضائها أن هذا البحث إنما هو قضائي بحت.
إن هذه الإشكالات التي لا أتصور إمكانية حلها في ظل بقاء اللجنة وهو ما يستدعي إعادة النظر في وجودها أو تعديل اختصاصاتها بما لا يتعارض مع نظام واختصاصات القضاء الإداري ومبادئه وقواعده، وبما لا يترتب عليه أي إضرار أو تطويل على المتعاقدين مع الجهات الحكومية..
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وهو رب العرش الكريم سبحانه..
*القاضي بدوان المظالم سابقاً والمحامي حالياً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.