الهلال يتعادل سلبيا مع سالزبورغ بكأس العالم للأندية    عسير تستعد لاستقبال السياح    "الغطاء النباتي".. حملة لمكافحة التصحر    قوة السلام    رابطة العالم الإسلامي تُدين الهجومَ الإرهابي على كنيسةٍ في العاصمة السورية دمشق    المملكة تؤكد ضرورة بذل الجهود لضبط النفس وتجنب التصعيد    تحديد ضوابط وآليات بيع المواشي بالوزن    مونديال الأندية .. ريال مدريد يكسب باتشوكا بثلاثية    أمر وحيد يفصل النصر عن تمديد عقد رونالدو    محاولة جديدة من الهلال لضم ثيو هيرنانديز    ولي العهد يبحث مع القيادات الخليجية والفرنسية والإيطالية مستجدات الأحداث في المنطقة    مبادرة للتبرع بالدم في "طبية الملك سعود"    تنظيم السكن الجماعي لرفع الجودة وإنهاء العشوائيات    الأحساء تستعرض الحرف والفنون في فرنسا    مستشفى المذنب يحصل على تجديد "سباهي"    إنقاذ حياة امرأة وجنينها بمنظار تداخلي    الأخضر السعودي يسعى لحسم بطاقة التأهل عبر بوابة "ترينيداد وتوباغو"    أمير حائل يكرّم 73 طالبًا    تباين في أداء القطاعات بسوق الأسهم السعودية    40 مليار ريال حجم الاقتصاد الدائري بالمملكة    «التخصصي» يستعرض ريادته حيوياً ب«BIO الدولي»    «المنافذ الجمركية» تسجل 1084 حالة ضبط    الضّب العربي.. توازن بيئي    الشاعر بين إيصال المعنى وطول النفس    البحر الأحمر يعلن عن تمديد فترة التقديم للمشروعات السينمائية    الأحساء تستعرض تجاربها في الحرف والفنون ضمن مؤتمر المدن المبدعة بفرنسا    أوكرانيا خارج حسابات قمة الناتو    أكثر من 19 ألف جولة رقابية على جوامع ومساجد مكة    الحل السياسي يحقق الأمن والاستقرار للمنطقة    البديوي: الدبلوماسية سبيل فعال لتسوية النزاعات    أمير قطر يبحث هاتفيًّا مع رئيسة وزراء إيطاليا آخر المستجدات الإقليمية والدولية    ثلاثي الهلال يواجه خطر الغياب أمام باتشوكا    وزير الداخلية يودع السفير البريطاني    الشؤون الإسلامية توزع هدية خادم الحرمين من المصحف الشريف على الحجاج المغادرين عبر منفذ عرعر    إثراء يشارك في مهرجان للعمارة والتصميم في إسبانيا بمشاركات زراعية سعودية    وفد يلتقي أعضاء لجنة الصداقة البرلمانية الفرنسية – الخليجية.. رئيس الشورى ومسؤول إيطالي يناقشان التعاون البرلماني    أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله    «التراث»: إطلاق حملة «عادت» لتعزيز الوعي بأهمية الآثار    الإطاحة بمروج مواد مخدرة بمنطقة الجوف    المرور: ترك المركبة في وضع التشغيل عند مغادرتها يعد مخالفة    10 أيام تفصلنا عن بدء تطبيق "تصريح التوصيل المنزلي"    6 رحلات يومية لنقل الحجاج الإيرانيين من جدة إلى عرعر    شاشات ذكية ب 23 لغة لإرشاد الزوار في المدينة المنورة    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تكريم المنشآت الفائزة بجائزة الملك عبدالعزيز للجودة    340 مليون ريال ل16 مشروعاً بلدياً بفرسان    "جوجل" تطلق ميزة البحث الصوتي التفاعلي    %99 استقرار أسر مستفيدي زواج جمعية رعاية    جازان تودع الشاعر والأديب موسى بن يحيى محرق    عواقب التخلي عن الدهون الحيوانية    اختبار منزلي يقيّم صحتك    مصانع لإنتاج أسمدة عضوية من مخلفات النخيل    نائب أمير الشرقية يعزي العطيشان    هل تموت الكلمات؟    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير مشعل بن عبدالله بن فهد بن فيصل بن فرحان آل سعود    الجبهة الداخلية    احتفل دون إيذاء    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر حول المرحلة القادمة للقضاء (2-2)
نشر في الرياض يوم 08 - 02 - 2012

أواصل الحديث عن الإشكالات التي تصاحب الفترة الانتقالية التي يمر بها القضاء في المملكة في طريق تنفيذ كامل ما تضمنته الأنظمة القضائية الجديدة فمن ذلك :
أولاً : من أبرز الإشكالات التي أعتقد أنها ستؤثر سلباً وبشكل واضح وضار في مستوى الأحكام القضائية التطبيق الجديد للمحاكم المتخصصة وأبرزها المحاكم التجارية والمحاكم العمالية ، وجزء من المحاكم الجزائية ، أما محاكم الأحوال الشخصية فأرجو ألا تشهد مثل هذه الإشكالات لأنها قضاء مستمد من الفقه الإسلامي والمعتمد فيه هو المذهب الحنبلي .
أما في المحاكم التجارية فإنه منذ أنيط القضاء التجاري بديوان المظالم اضطلع الديوان بهذه المهمة قدر استطاعته وأنجز فيها إرثاً يستحق التقدير من الأحكام القضائية المليئة بالمبادئ والقواعد التي يمكن اعتبارها مرجعيةً لهذا القضاء خاصة فيما يخص أحكام الشركات .
إنني لأرجو أن تتحقق المرحلة القادمة من التطوير القضائي دون أن يترتب عليها إضاعة الكثير من الحقوق ، وإلحاق الضرر بالمتقاضين ، وهذا ما يتوقف على حُسن قيام الجهات القضائية بأعبائها واستشرافها الصحيح لمثل هذه الاحتمالات
ورغم أن القضاء التجاري في الديوان لم يكن أداؤه على أحسن الوجوه فيما يتعلق بتحديد اختصاصاته التي لم يحسمها تماماً وذلك بسبب ركاكة صياغة نظام المحكمة التجارية التي تعتبر هي المرجع في ذلك رغم أنها لم تعد صالحة للتطبيق أبداً . أقول رغم ما في القضاء التجاري من أوجه القصور إلا أنني أخشى أن تكون المرحلة القادمة للقضاء التجاري بعد استقلاله في محاكم والبدء بالتعيين فيها من قضاة وزارة العدل أن يكون هناك خلل أعظم وأسوأ مما يشهده واقعه حالياً ، وذلك للاختلاف الجذري بين منهج قضاة ديوان المظالم، ومنهج قضاة وزارة العدل في الاجتهاد والتقيد بنصوص الأنظمة وحسن الاستنباط منها والاجتهاد في تفسيرها وتطبيقها . وإنني أشك بأن تحظى أحكام القضاء التجاري التي تم إرساؤها طيلة السنوات الماضية في أحكام ديوان المظالم بنفس الاحترام والقبول والمرجعية التي تحظى بها من قبل قضاة الدوائر التجارية الابتدائية والاستئناف في ديوان المظالم حالياً ، وهو ما قد يُحدث اختلالاً وتبايناً في الأحكام ، وقد تنتج عنه أحكامٌ تتسم بالضعف والقصور في التسبيب والبحث والاستدلال .
أما المحاكم العمالية فإنه مع اشتراكها في هذه الإشكالية مع المحاكم التجارية إلا أنها تزيد عليها في أن أكثر العاملين حالياً في اللجان العمالية لا تنطبق عليهم شروط التعيين في القضاء، وهذا ما أشار إليه معالي وزير العدل قبل مدة وأكد أن ذلك سيؤخر البدء في تطبيق المحاكم العمالية لحين معالجة هذه المشكلة .
وهذه الإشكاليات الخطيرة التي تكتنف العمل في المحاكم المتخصصة تجعل من الضروري ومن الواجب المسارعة في إعادة النظر في واقع تعيين القضاة حالياً، وفي طريقة تأهيلهم وقصر التعيين في وظيفة القضاء على خريجي كليات الشريعة مع استمرار تلك الكليات خالية تماماً من أي مقررات دراسية قانونية لم يعد جائزاً ولا مقبولاً تعيين قاض لم يدرسها ويتقنها ويستوعبها تماماً .
ولأن إصلاح واقع التعليم الجامعي الذي يتلقاه القضاة يحتاج إلى وقت لن يكون قصيراً فيجب إعادة النظر في الاستعانة بخريجي كليات القانون ففيهم أكفاءٌ مؤهلون صالحون تماماً لشغل الوظائف القضائية، وأن يتم ذلك عن طريق قبولهم في برنامج الماجستير في قسم الفقه بالمعهد العالي للقضاء أو كليات الشريعة وهو ما سيمنحهم الفرصة في تقوية الجانب الفقهي لديهم مع امتلاكهم للجانب القانوني ثم يتم تعيينهم على وظائف قضائية في هذه المحاكم المتخصصة الجديدة .
إضافة لضرورة الاستعانة بمستشارين قضائيين وقانونيين لهذه المحاكم من سعوديين وغير سعوديين ، فإنه كما لا يخفى يوجد في عدة دول خليجية كالكويت والإمارات قضاة غير مواطنين من جنسيات عربية ، ونحن لا ننادي بتعيينهم قضاة إنما أعوان قضاة لضرورة المرحلة الحالية .
ثانياً : إنه مما أصبح ضرورياً أيضاً أن تتم المبادرة بإصلاح وضع أعوان القضاة خاصة من يشغلون وظائف كتّاب الضبط خاصة وأن عدداً كبيراً منهم خريجو كليات الشريعة والأنظمة مثل القضاة ، وأنهم يكابدون أعمالاً جسيمة تتطلب دقة بالغة، وأن عليهم مسؤولية كبرى في تدوير وإتقان العمل القضائي وينالهم ما ينالهم من المحاسبة والعقوبة عند التقصير فيه أو الإخلال ، وكلّ هذا يوجب أن يعاد النظر في كادر وظائفهم وفي ميزاتهم الوظيفية بما يعين على الرفع من مستوى الأداء القضائي .
أما تأهيلهم وتدريبهم فإن وزارة العدل قد بذلت وتبذل في هذا السبيل من الجهود ما ليس يخفى وفق برنامج طموح ومتقن .
ثالثاً : إنه من المؤكد عند صدور الأنظمة القضائية المنتظرة مثل أنظمة المرافعات ونحوها مما يتوقف عليها البدء بتطبيق ما تضمنه نظام القضاء ونظام ديوان المظالم من تعديلات نوعية مهمة على القضاء بأن يترتب على ذلك حالةٌ من الارتباك في الإجراءات وبطءٌ قد يكون شديداً في استيعابها والتمشي معها وحسن تنفيذها من قبل المحاكم بقضاتها وموظفيها ، فضلاً عن مراجعي المحاكم من المتقاضين الذين لن يتمكنوا من استيعاب مستجدات هذا الواقع بسهولة ويسر .
وما من شك أن ذلك ستكون له آثار سلبية على جودة العمل القضائي وعلى نسبة الإنجاز ، فهل قامت الجهات القضائية (وزارة العدل - ديوان المظالم - المجلس الأعلى للقضاءء) بما يكفي من دراسات وترتيبات وتنظيمات لمواجهة هذا الواقع الجديد بمجرد حدوثه ، أم أنها لم تتنبه لهذه المشكلة قبل وقوعها؟
إنه ليس لديّ التصور الكافي لوضع الحلول والمقترحات التي تساعد على تخفيف آثار هذه المشكلة ومعالجة ما يحدث بسببها من إشكالات ، إلا أنه قد يكون من المناسب مثلاً تخصيص إدارات من المستشارين المؤهلين المستوعبين لكافة جوانب الأنظمة القضائية الجديدة يتولون التنسيق والإجابة على استفسارات المحاكم أو المتقاضين التي يطرحونها أو معالجة ما يُرفع لهم من القضاة من إشكالات في الإجراءات .
وحقيقةً فإن الذهن مليء بالتساؤلات حول هذا الموضوع ، وإنني لأرجو أن تتحقق المرحلة القادمة من التطوير القضائي دون أن يترتب عليها إضاعة الكثير من الحقوق ، وإلحاق الضرر بالمتقاضين ، وهذا ما يتوقف على حُسن قيام الجهات القضائية بأعبائها واستشرافها الصحيح لمثل هذه الاحتمالات ، ومبادرتها بوضع الحلول لها، وتصحيح ما يعترض إصلاح القضاء من عوائق .
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلتُ وهو رب العرش الكريم سبحانه..
*القاضي السابق في ديوان المظالم والمحامي حالياً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.