ولي العهد: نتطلع إلى تعزيز التعاون بين المملكة والكويت    تعاون استراتيجي بين "البيئة" و"جامعة الإمام" لتعزيز سبل التعاون المشترك    قضايا النظم البيئية الأرضية والأمن الغذائي تسيطر على نقاشات جلسات المنتدى العربي للبيئة    قائد مانشستريونايتد على رادار النصر مقابل 150 مليون يورو    دبابات الاحتلال الإسرائيلي تواصل توغلها في مدينة رفح    السعودية والأردن والإمارات وقطر ومصر يؤيدون جهود الوساطة حيال الأزمة في غزة    التضخم في تركيا يصل لذروة جديدة ببلوغه معدّل 75,45 %    تعليم الرياض تنهي الاستعداد لاختبارات الفصل الدراسي الثالث    فيصل بن مشعل يكرم الفائزين بجائزة الخضير للأداء المتميز بتعليم القصيم    إعلان مخرجات الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي الكويتي    أكثر من 5 آلاف سيارة أجرة لنقل الحجاج    خادم الحرمين يتلقى رسالتين خطيتين من ملك الأردن ورئيس مصر    قدوم 935966 حاجا من خارج المملكة    هنري لم يضم مبابي في القائمة الأولية للمنتخب الأولمبي الفرنسي    أيمن يحي يخرج من حسابات مانشيني    «العقار»: تراخيص جديدة للبيع على الخارطة ب 6 مليارات ريال    أمير عسير يفتتح المقر الجديد لإدارة رعاية أسر الشهداء    جونيور أفضل لاعب في ال «UEFA»    مواطن يمكّن مقيماً من سجله بمعرض ستائر وديكورات    أمير الرياض يستقبل نائب وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للعمل    أمير تبوك يقف على الجهود المبذولة لخدمة ضيوف الرحمن بمنفذ حالة عمار    أمير تبوك يستقبل معالي مدير عام الجوازات    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للتصلب اللويحي المتعدد"    "الهلال" و"معهد إعداد القادة" يوقعان اتفاقية "مسار واعد"    سعود بن بندر يستقبل الرئيس التنفيذي لجمعية بناء ورئيس وأعضاء نادي القادسية    سفير المملكة لدى الأردن يودع قافلة حجاج بيت الله الحرام    كلاوديا تصبح أول سيدة تتولى رئاسة المكسيك    مفتي عام المملكة ونائبه للشؤون التنفيذية يستقبلان رئيس جمعية إحسان لحفظ النعمة بمنطقة جازان    السيسي يكلف مدبولي تشكيل حكومة جديدة من ذوي الكفاءات    بدء اكتتاب الأفراد في 154.5 مليون سهم بأرامكو    نتنياهو يناقض بايدن: «الصفقة» لا تشمل وقف الحرب    طلائع حجاج إيطاليا تصل مكة المكرمة    أسعار النفط تتراجع    فرصة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    بناءً على ما رفعه سمو ولي العهد خادم الحرمين يوجه بإطلاق اسم الأمير بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق الرياض    "أكنان3" إبداع بالفن التشكيلي السعودي    الصمعاني: دعم ولي العهد مسؤولية لتحقيق التطلعات العدلية    جامعة "المؤسس" تعرض أزياء لذوات الإعاقة السمعية    الطائرة ال51 السعودية تصل العريش لإغاثة الشعب الفلسطيني    السفير بن زقر: علاقاتنا مع اليابان استثنائية والسنوات القادمة أكثر أهمية    محمد صالح القرق.. عاشق الخيّام والمترجم الأدق لرباعياته    دموع «رونالدو» و«الهلال» يشغلان صحف العالم    نوبة «سعال» كسرت فخذه.. والسبب «الغازيات»    في بطولة غرب آسيا لألعاب القوى بالبصرة .. 14 ميدالية للمنتخب السعودي    هنأ رئيس مؤسسة الري.. أمير الشرقية يدشن كلية البترجي الطبية    مزايا جديدة لواجهة «ثريدز»    ..و يرعى حفل تخريج متدربي ومتدربات الكليات التقنية    حجب النتائج بين ضرر المدارس وحماس الأهالي    بدء تطبيق عقوبة مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    توبة حَجاج العجمي !    الاتحاد بطل.. أخذوه وبعثروه    هذا ما نحن عليه    تقرير يكشف.. ملابس وإكسسوارات «شي إن» سامة ومسرطنة    أمير نجران يشيد بالتطور الصحي    11 مليون مشاهدة و40 جهة شريكة لمبادرة أوزن حياتك    الهلال الاحمر بمنطقة الباحة يشارك في التجمع الصحي لمكافحة التدخين    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملك حصّن شعبه بالمنجزات وترك «أصحاب الشعارات» يعانون!
وحدتنا لن ينال منها أحد.. «مسؤوليتنا أكبر»
نشر في الرياض يوم 26 - 09 - 2011

ولد عبدالله بن عبدالعزيز.. في الصحراء.. فأخذ منها مثل كل شياهينها القدرة على الرؤية إلى البعيد.. البعيد.
وتربى في أفيائها.. فأخذ منها بعض طباعها في الرخاء وفي الشدة.. في الرخاء عندما تزهو بأجمل الربيع، فتتحول إلى لوحة غناء من أعذب القصيد، وفي الشدة حينما تستدعي مع الدهر والقيظ كل الصلابة لمواجهة السراب والظمأ، وكيد الضواري.
يجب أن يكون هذا هو أول الخيط للعبور إلى قراءة شخصية هذا الزعيم الذي لا يشبه غيره.. هذا الزعيم الذي لم يفتش عن زعامته في دفاتر الزعامات القديمة.. ولم يأبه بأي شيء سوى أن يكون نفسه.. بضميره الخصب.. بوجدانه النقي.. ببياض غاياته، وصفاء مراميه.
حينما آلت إليه الأمور، كان العالم كله، والعالم العربي تحديداً يمور بالعديد من الأزمات التي تتقد تحت رماد الترقب.. لكن أحدا لم يكن ليتنبه إلى ما تحت ذلك الرماد.. بدأ عهده بداية غير كلاسيكية.. عندما بدأ مشروع الحوار الوطني لتمتين النسيج الداخلي عبر مد الجسور بين شرائح المجتمع وفئاته، ولإزاحة دفائن الريب والشكوك من النفوس تمهيدا لخطاب يكون كالقاسم المشترك.
ولأنه ليس مجرد زعيم محلي أو إقليمي.. فقد مدّ رداء مشروعه الحضاري هذا إلى الحضارات والثقافات الأخرى، وأدخله كمشروع أممي إلى أروقة المنظمات الدولية.. مؤمناً بأنه الوسيلة المثلى لإدارة الخلافات بين الأمم والشعوب والحضارات والأديان.. بغية نبذ الصراعات الدامية.. ليظل ما هو محل خلاف.. في أسوأ الأحوال.. مجرد اختلاف في وجهات النظر.. من شأنها أن تكون مصدر ثراء.. لا أسباب نزاع أو فرقة.
«أبو متعب» أقرب الناس إلى شعبه.. أحبهم وصدق معهم فبادلوه الوفاء والتضحية
سيرة الأحداث
حدث هذا كله.. قبل أن تبدو أي ملامح لما يسمى بالربيع العربي.. الذي فاجأ الجميع حتى المفكرين الذين يقرأون سيرورة الأحداث ومؤشراتها ومندرجاتها.
عبد الله بن عبد العزيز.. قرأ كل هذا في مرحلة مبكرة.. كانت كافية لو استوعبها الجميع لتوفير كل قطرة دم أريقت لما يجب أن تنفق فيه.. بدلاً من إنفاقها في سوق تصحيح الأوضاع المعوجة.
بدأ بنفسه.. فاستخدم ممحاة التسامح ليطمس من عقله السياسي أي نقطة خلاف حتى مع من أساء إليه بشخصه، وليمد يده للجميع للعمل من أجل إنقاذ المجتمعات والشعوب، ووضعها في مكانها اللائق في أحضان الكرامة والحياة الحرة الكريمة، بعيداً عن الشعارات الجوفاء، والخطب التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
قليلون هم الذين استوعبوا هذه الرسالة.. إما مكابرة.. أو استسلاماً للدعة المؤقتة، وعدم التبصر بما تحتها مثلما فعل.
ولأن الزعامة الحقيقية.. لا تولد في أكاديمية، ولا تأتي بها بلاغة الخطابات، وقدرتها على استنفار حماس الحشود في الميادين.. مثلما كان يحدث في السابق.. عندما كانت الشعوب تصطف تحت الشرفات لتهتف باسم القائد والزعيم الأوحد.. خاصة بعدما أسهمت آليات الاتصال الحديثة في كشف عبثية الشعارات، وبعدها عن الواقع، وأسهمت في تسريع تداول المعلومة.. كشف عبدالله بن عبد العزيز -دون أن يسعى- عن زعامته الفذة التي اختصرت المشهد السياسي في ملمحين اثنين:
قول حق.
وفعل يترجم ذلك الحق.
مواقف لا تنسى
وقف أمام شعبه.. مثلما يقف أي أب عطوف أمام أسرته الصغيرة التي تحتل بياض قلبه.. قال لهم: سأضرب بالحق رأس الجور، لم يكن حينها ينتظر أن يصفق له أحد، ولا أن تكون هذه العبارة على صورة مانشيت صحفي بالخط العريض في صحف اليوم التالي.. كل هذا ما كان يعنيه في شيء، لأنه كان يعني ما يقول.. تأسيساً على إيمانه بأن العدل هو أساس البناء.. وسريعاً ما جاء القدر وكأنه يريد أن يبرهن بُعد هذه الجملة، وعمقها ودلالاتها.. فحدثت كارثة جدة.. فيما كان هو يطل من شرفة مكتبه في منى في يوم التروية على حشود الحجاج ليتابع شئونهم ويواصل رعايتهم.. لم يكن ليلهيه ذلك المشهد المهيب.. عن متابعة الحدث الجلل.. أخذ الحق فوضعه في أيدي لجنة ملكية شكلها من أعلى المستويات وأشرف عليها بنفسه، وخرج للناس بعد سويعات ليؤكد أن المحاسبة ستطول (كائنا من كان) متى ثبت تقصيره في أداء واجبه.. وظل يلاحق الأمر حتى نقله بأحداثه ووثائقه إلى ساحة القضاء.
قدّر أن الحديث عن الأحلام والأماني قد يكون جميلاً، لكن الأجمل عندما تتحدث هي عن نفسها ففاجأ الناس في (كاوست) وجامعة (نورة بنت عبد الرحمن)، وعقد متصل من الجامعات الوليدة التي أضاءت عتمة مدن ومحافظات.. كانت تعد حضور لوحة معهد أو كلية متوسطة الحجم في أرجائها نعيما لا يضاهيه نعيم..
جانب من احتفال الشعب السعودي بمناسبة عودة الملك عبدالله بن عبدالعزيز من الرحلة العلاجية
ولأنه يكره أحرف التسويف في لغة بناء الوطن.. فما كان عليه أن ينتظر مخرجات تلك الجامعات حتى يشتد عودها، وتؤتي أكلها.. فأخذ ما يربو على مائة ألف شاب وشابة من أبناء الوطن أو يزيدون.. ليوزعهم على أعرق الجامعات العالمية في مختلف قارات العالم، وفي مختلف التخصصات.. ليصنع منهم كتيبة العلم التي سيدخل بها معركة اقتصاد المعرفة. كان هذا كله يحدث.. فيما كان هو يعمل بصمت الواثقين في مساقات تنموية أخرى.. في بناء المستشفيات والمراكز الصحية، وشق الطرق، وتوظيف العاطلين، وترقية القيم، وسواها مما لا يمكن حصره، كان الرجل يستبق الزمن، حتى وهو يؤسس لمشاريع نوعية كبرى في خدمة الحرمين وضيوف الرحمن.
وفي هذه الأثناء.. كانت المسافة بين القائد وشعبه تضيق وتضيق.. حتى لم تعد ثمة مسافة يمكن أن يُحكى عنها.. كان في هذا يترجم عنوانه النهضوي الذي بادر به قيادات أمته قبل أن يأخذها طوفان الاحتجاجات بوقت طويل.
كان حاضراً في كل بيت.. ومع كل أسرة، وفي كل مدينة ومحافظة وبلدة وقرية.. لم يكن حاضراً كملك، وإنما كأب وكفرد من أفراد الأسرة والحي والمنطقة.. كانت كنية (أبو متعب) الأثيرة على ألسنة الناس.. كافية لمعرفة موقعه من قلوبهم.
قائد عظيم
ظل السعوديون يحتفلون يوما بعد يوم.. مع قائدهم بفتح جديد، وموعد جديد من مواعيد بناء المستقبل، بأحلامه وبأدوات اليوم وإمكاناته.. دون أي ضجيج.. فيما ظل هو يستخدم نفس أدوات الاتصال مع مواطنيه.. مثل أي أب كريم.. يقف ليدشن المشروع تلو المشروع، يأخذ المايكرفون دون رغبة.. فيطلق عبارة أو اثنتين، لا توحي بأنه فعل ما هو أكثر من واجبه.. نفس اللغة الأبوية التي تعطي، وتعطي.. لكنها أبداً لا يُمكن أن تمنن أو تستكثر.. فعل هذا في جامعة نورة التي تواصل العمل فيها الليل بالنهار، فبلغت رشدها في عامين اثنين، وأنجزت أضخم وأهم جامعة نسائية.. هي اليوم إحدى واجهات الوطن الحضارية.
اختصر كل المسافات بينه وبين شعبه.. حتى مرضه صارحهم به، وبقي يمارس عمله في مشفاه، ويبوح للسياسة الكويتية أنه يريد أن يعمل لا أن يتحدث!. وكان من الطبيعي أن تؤسس زعامة بمثل هذه المواصفات.. لعلاقة فريدة بين الزعيم ومواطنيه.. ليحتل قلوب مواطنيه.. تماماً كما احتلوا قلبه.. وهو الذي ظل يسابقهم على أحلامهم.. ليصنع منها حدثا لليوم القادم، وليحولها إلى واقع قائم لا يغيب عن الذاكرة.
لم تعد صورة الملك في أذهان الناس.. صورة لرجل سياسة تمثل رمزاً سيادياً وحسب، وإنما تجاوزت هذا المعنى بكثير.. لتصبح صورة أب لكل مواطن.. الجميع يشعر بقربه منه.. وكأنما يستشعر أنفاسه، يستشعر دأبه عليه، وحبه له، إلى الحد الذي نشر صورته كصقار على زجاج السيارات أكثر من صورته الرسمية.. لأن تعبير تلك الصورة للرجل الملثم الذي يبحث عن الطريدة ليطعم أهله وناسه كانت أبلغ أثرا في توصيف تلك العلاقة الاستثنائية بينه وبين شعبه، حتى تحولت إلى طرز على عباءات بعض الشابات.. في مشهد لا تقوى على استدعائه كل أساليب الغواية أو الترهيب أو الترغيب.. ما لم يكن دافعها عفوياً وأبيضا وناصعا كبياض قلبه هو.
لذلك حينما اشتعلت الثورات العربية، وأراد بعض الموتورين استثمارها لتحقيق مآربهم على المستوى الداخلي.. لم يتنبه هؤلاء إلى أن تلك الثورات ما قامت إلاّ بحثاً عن الحق والعدل والكرامة.. وهي المعاني التي حصّن بها عبد الله بن عبدالعزيز وطنه ومواطنيه، ولا يزال، عندما حوّل روزنامة عمله اليومي إلى برنامج عمل ثري للأفعال لا للوعود، وللإنجاز لا للبحث عن الشعارات. فكان أن باءت تلك الدعوات المغرضة بالفشل.. ولم تجد أذنا صاغية.. من شعب يدرك أن الوفاء لا يمكن أن يُقابل إلا بالوفاء، وأن هذه الوحدة الناجزة التي رسخها جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن -رحمه الله-، وأنجبت وطنا بمثل هذه الركائز.. لا يمكن أن تهتز أو ترتجف.. أمام ثنائية الوفاء الراسخة والمتبادلة ما بين القيادة والشعب.. وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟.
انتصار للوحدة
لقد انتصر الشعب لوحدته.. مثلما انتصر لتنميته، وانتصر لمشروع الإصلاح الكبير الذي قاده خادم الحرمين الشريفين أيده الله، وحوّله في غضون سنوات قلائل إلى برنامج عمل دؤوب لا يتوقف ولا يتباطأ ولا يتثاءب، وكان المواطن بدوره على الموعد، داعماً ومؤازراً خلف قيادته ليشق طريقه إلى مستقبله ومستقبل أبنائه بكل الثقة.. رغم كل ما يدور من الصخب والضجيج هنا وهناك.
ويأتي يوم الوطن هذا العام سواء على مستوى القيادة أو على مستوى الشعب.. لا ليضيف صفحة أخرى في تاريخ أمجاده وحسب، وإنما ليقول للآخرين، ويروي لهم الأنموذج الأبهى: كيف يمكن أن يُنسج الوطن من جديد على نول الإصلاح، ونول البناء إنساناً ومكاناً، ونول ترجمة الأحلام، وتحقيق المطامح؟ .. كيف تضخ الزعامة الدماء الجديدة في شرايين الوطن من أمبولة العمل النابه، وكيف يضخ الوطن الوفاء لها فعلا و مشاعر صادقة وخلاقة.. لا يرقى إليها الشك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.