هنا الرياض، وهنا الطريق الدائري الشمالي.. الساعة الثانية ظهراً، العرق يتصبب من الوجوه، حركة السير هادئة، وقائدو المركبات يضبطون سرعتها على ال 120 كم، لم تنزل السكينة عليهم هكذا، إلاّ أنهم يتوجسون خيفة من سيارات تقليدية تسير بين أفواج المركبات بهدوء وكأنها تعود لأحد المسافرين مع هذا الطريق، فقد تكون أمامك، بجانبك، أو بالقرب منك، لكنها في نهاية المطاف ترصد أنفاس مركبتك، فإذا ما ضبطتها وهي تتجاوز تلك السرعة المحددة، فإن تلك السيارة ستميط اللثام عن وجهها لتكتشف أنها دورية مرور سري، ستومض بفلشراتها، وتطلب منك التنحي يميناً.. ليترجل قائدها بزيه العسكري، وبيده دفتر المخالفات المرورية الصفراء.. مشهد يتكرر منذ العام 1424ه، لكنه اليوم يثبت حقيقته التي يؤكدها المشهد المروري في الطرق الدائرية، فقد عهد المرور السري بالطرق الداخلية إلى النظام الآلي (ساهر)، وتولى هذا الجهاز الذي تأسس في ذلك العام مهمة مراقبة السرعة على الطرق الدائرية في العاصمة وبعض مدن المملكة وضبط الحركة المرورية بها.. وعلى الرغم من أن الرياض ليس بها سوى دائري واحد يسمونه سكانها في كل جهة باسم تلك الجهة، كالدائري الشمالي، الشرقي، الغربي، الجنوبي، إلاّ أن طول الطريق الدائري وكثافة الحركة المرورية به جعلت من مهمة المرور السري مهمة صعبة، خاض من خلالها معركة لتأكيد السلامة المرورية حتى استطاع رجاله المخلصون أن يجعلوا الطريق الكبير يذعن بعد طول عناد، هذا الإنجاز حدا بمدير الإدارة العامة للمرور اللواء "سليمان العجلان" إلى الثناء على جهاز المرور السري، والتأكيد أنه أثبت فاعليته في ضبط المخالفات المرورية، ورفع مستوى السلامة المرورية، مؤكداً عزم إدارته التوسع في عمل المرور" السري وتطويره. ولم يكن ثناء "العجلان" على المرور السري حديثاً، فقد قال حينما كان مديراً لمرور القصيم "إنه ثبت عملياً أن المرور السري يعادل في عمله ثلاث دوريات عادية من حيث عملية الرصد والضبط والإنتاجية".. وبالرغم من أن المخالفات التي رصدها المرور السري خلال الستة الأشهر الماضية في العاصمة الرياض قد بلغت 201,605 مخالفات، إلاّ أنها لم تجد تذمراً من قائدي السيارات كتذمرهم من مخالفات نظام (ساهر)، وذلك يعود لهامش السرعة النظامية المتاح (120) كم في الساعة، إضافة لمعالجة المرور السري لمخالفات مرورية أخرى غير السرعة كالحمولات الزائدة، والسيارات المتهالكة وغيرها؛ ما يمنحه تقديراً في نظر السائقين أكثر من نظام ساهر الذي لا يعالج في الشوارع الداخلية سوى السرعة فقط، كما يؤكد التقيد بالسرعة النظامية التي تبدو على أكثر من 90% من مرتادي الطريق الدائري، وفي أغلب الأوقات أن المرور السري قد نجح في مهمته، فيما مازالت شوارع المدينة الداخلية تعج بالمركبات التي تسير بسرعات عالية بالرغم من سيارات نظام (ساهر) في أكثر من شارع في الحي الواحد. المرور السري نجح في ضبط سرعة المخالفين علىالدائري الشمالي
