الدخل لا يوازي سعر المسكن ..

بفكر عقاري

إذا كنت محتاجا فان أسوأ ما يواجهك في حياتك الاستغلال والجشع، والجشع سلوك يمارسه أناس جبلوا على المتاجرة بحاجات البسطاء في أحلك الظروف والمواقف.
والاستغلال له أوجه كثيرة في المسكن والغذاء والدواء والوظيفة وهذا نعيشه يوميا، مررت بإحدى الوحدات السكنية التي انتهى بناؤها في شمال شرق جدة دخلتها واستمعت لصاحبها وهي عبارة عن فلتين دوبلكس ملتصقتين مساحة الواحدة 384 مترا مربعا وسعرها مليون وسبعمائة وخمسون ألف ريال للوحدة !!
سألته عن سبب ارتفاع السعر قال إن التشطيب ممتاز وانه استغل المساحة جيدا ومثيلاتها في أحياء أخرى في الشمال تباع بمليونين ونصف! طبعا صعقت من إجابته فسعرها الحقيقي لا يتجاوز مليوناً ومائتي ألف ريال في أفضل الأحوال، خصوصا أنها ليست فيلا مستقلة ولا يوجد فيها مسبح وسعر متر الأرض لا يتجاوز ألفاً ومائتي ريال في المنطقة.
مثال آخر في الرياض، سألت أحد الأخوة الذي يعمل في شركة عقارية عن حركة البيع والشراء في المخطط الذي تملكه الشركة فأجاب بأن هناك طلبا جيدا على الأراضي حاليا وسألته عن الأسعار فأجاب بأنهم توقفوا قليلا عن البيع بهدف إعادة تسعير الأراضي لان الطلب بدء يزداد والأسعار يجب رفعها!
تأكدت بأن المبالغة في الأسعار ووضع أرقام تتجاوز المنطق هي من عادة المتاجرين بحاجات الناس والمستغلين الجشعين لأوضاع السوق وهذه الجشع زاد مع الحركة التي شهدها السوق العقاري بعد القرارات الايجابية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين بزيادة دعم الصندوق العقاري ورفع قيمة القرض إلى 500 ألف ريال.
لماذا الاستغلال؟ لقد ضعفت الحركة الشرائية العام الماضي إلى درجة التوقف بسبب زيادة الأسعار المستمرة منذ عام 2006م حتى وصلت إلى حدود تتجاوز القدرة الشرائية للمواطنين، ولم يكن هناك نشاط يذكر سوى نشاط بعض المتاجرين بالوحدات السكنية شركات وأفرادا وبعض المواطنين الذين حصلوا على قروض من الصندوق العقاري أو شركات التمويل والبنوك.
نعم نحن في سوق حرة تكفل للجميع حرية العمل والتجارة ولكن لابد من وقفة مع ما يحدث من تضخيم للأسعار لا مبرر له سوى الاحتكار من قبل فئة غير محتاجة تكنز الأراضي التي تبيض ذهبا وترتفع كل عام دون أدنى جهد من أصحابها والدافع هو الجشع الذي تسبب في تضخم السوق العقاري وقلة المعروض من الأراضي القابلة للتطوير.
من يستطيع أن يدفع مليون ريال نقدا او مليونا ونصف المليون بالتقسيط من ذوي الدخل المتوسط والمحدود لشراء وحدة سكنية الاجابة التي يجهلها هؤلاء .. لا أحد!!
حل هذه المعضلة بإنشاء هيئة عقارية مستقلة تنظم عمل السوق وتحفظ الحقوق لجميع الأطراف ولعلي أخصص لها مقالا مستقلا بإذن الله.