استكمالا للطرح السابق الذي توقفت فيه عند أسعار الأراضي التي وصلت إلى حد تجاوزت فيه القدرة الشرائية للمواطن فأقل سعر لأرض داخل النطاق العمراني أو في أطراف المدن ما بين 500 إلى 1000 ريال للمتر، أما داخلها فان أقل أرض ستكلف 500 ألف ريال وبناؤها سيكلف 500 ألف أخرى والسؤال من يملك أو يستطيع أن يقترض المليون مع الفوائد؟ والشقق السكنية لا تقل أسعارها عن 400 ألف ولا تتوافق مع شروط الصندوق العقاري. الآن تكلفة شراء الأرض توازي قيمة تكلفة البناء وتزيد إلى الضعف في بعض المناطق بعد أن كانت عند حدودها الطبيعية بين 25 و30% من تكلفة المسكن وهذا ليس باستطاعة شريحة كبيرة من المواطنين. شركات التطوير العقاري والتي كنا نعول عليها كثيرا للإسهام في حل مشكلة الإسكان وتطوير مشاريع وضواحي سكنية متكاملة الخدمات والتي سبق وأعلنت عن مشاريع لبناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية خلال العشر سنوات الماضية لم ينجح أحد وتحول معظم عملها إلى تجارة أراض أو تعثر أو تأخر في الحصول على التراخيص وأقصى ما عملت في مشاريعها توصيل الخدمات الرئيسية وبيعها دون تطويرها. دور وزارة الإسكان في بناء وحدات للمواطنين سيأخذ سنوات طويلة في التنفيذ، وكذلك الصندوق العقاري يحتاج إلى مئات المليارات لتغطية طلبات المتقدمين ونتائجهما لن تكون مؤثرة بشكل مباشر وسريع على السوق وربما تظهر آثارها في استقرار السوق بعد خمس او عشر سنوات. البنوك يبقى دورها سلبيا منذ القدم وتنتظر الفرص لتضخيم خزائنها بأي طريقة دون جهد أو شراكة حقيقية والأمثلة حاضرة. يبقى البناء الفردي سيد الموقف منذ عشرات السنين رغم تكاليفه وبطء العمل فيه ولكنه سيتباطأ في السنوات المقبلة رغم أنه أفضل الحلول في ظل غياب شركات التطوير الجادة. الشركات الصغيرة والمؤسسات وبعض الأفراد الذين يبنون وحدة سكنية إلى عشر أو عشرين أعتبرهم المطورين الحقيقيين في السوق العقاري والذين أنجزوا بناء الآلاف من الوحدات السكنية وأعادوا بيعها إلى المستفيد النهائي بما في بعضها من عيوب وضعف في الجودة إلا أنهم استمروا، مؤخرا خف نشاطهم وبعضهم توقف والسبب أن أسعار الأراضي عالية وهامش الربح لن يكون مجزيا لهم ويتفق مع قدرة المستفيد النهائي على الدفع وهذا ملاحظ في السوق. رغم أن الطلب كبير والعرض محدود إلا أن الحركة في السوق توقفت إجباريا إلا في بعض الحالات الاستثنائية وسيفضل الكثيرون الانتظار حتى تصل الأسعار إلى حدودها المعقولة، ولتأكيد ذلك فان هناك وحدات سكنية جاهزة ومعروضة في السوق لا تجد من يشتريها والسبب كما ذكرت القدرة الشرائية. ويبقى سوقنا العقاري سوق التناقضات كما سميته في مقال سابق لأنه لا يخضع لأي معايير اقتصادية .