تعد انتخابات المجالس البلدية من أهم التغيرات الإيجابية التي شهدها المجتمع في الفترة الماضية؛ كونها أداة من أدوات «الحراك الديمقراطي»، ونقلة نوعية كبيرة في إطار جهود الإصلاح والتطوير في جميع المجالات التي تدعمها الدولة، وقد ساهمت هذه التجربة في تقريب أبناء المجتمع إلى القضايا التي يعيشونها، وأبرزت مدى الاستعداد الشعبي للتفاعل مع هذه الأطروحات، والمساهمة في إنجاحها. استبشرنا خيراً وقد تحدث «د.عبد الله صادق دحلان» –عضو مجلس الشورى سابقاً ورجل الأعمال المعروف-عن تلك التجربة قائلاً: لقد استبشر المجتمع خيراً عندما أقرت حكومتنا إعادة تنظيم المجالس البلدية، وفتح باب الانتخابات لترشيح أعضاء المجالس من قبل المجتمع، وهي تجربة متميزة تجاه «الديمقراطية»، مضيفاً: «لقد تخوف العديد من المسئولين بأن أفراد المجتمع قد لا يجيدون التعامل معها في مجال الانتخابات، إلا أنه استطاع أن يخالف هذه التوقعات، وأثبت على أنه قادر أن يخوض الانتخابات رغم السلبيات التي طرأت على العملية الانتخابية، ورغم أن الانتخابات يشوبها بعض الخروج عن النظم واللوائح، أو يدفع الحماس بعض الناخبين إلى إثارة البلبلة». تجربة ناجحة وأوضح «د.دحلان» أن الفترة الأولى التي خاضها أعضاء المجالس البلدية تعتبر فترة مبدئية، وإن كانت حديثة العهد على البعض، وشابها بعض من الصراعات والمخالفات من بعض أعضاء المجالس الانتخابية وأبناء المدن والمحافظات، إلا أنها تجربة بمجملها ناجحة، وكثيراً منا كان يتمنى بأن لا يصدر قرار الدولة بالتمديد لأعضاء المجالس البلدية، حتى وإن كان الهدف من التمديد مراجعة النظام واللوائح أو مشاركة المرأة؛ لأن التمديد المستمر يفقد حماس المهتمين تجاه الانتخابات، ويضعف من التوجه للديمقراطية، حتى وإن كانت فترة الدورة بسيطة، وقد لا تكون كافية للعضو، فهناك من يتحمس للمجالس البلدية ويرغب في مزيد من العطاء لها. أضعف الهمة وأكد «د.دحلان» أن التمديد أضعف من همة ومن حماس المجتمع المدني، متمنياً من الجهات المعنية أن لا تلجأ إلى التمديد لأي سبب من الأسباب في المجالس البلدية، ذاكراً أن إدخال دماء جديدة سوف يسهم إسهاماً كبيراً في تطور المجالس البلدية وتطور الفكر الديمقراطي، فقد تكون انتخابات المجالس البلدية نجحت أكثر من نجاح المجالس نفسها، إلا أنه يصعب اتهام المجالس البلدية بالفشل؛ لأنها أحدثت حراكا اجتماعيا كبيرا ساهم في تطوير مشاركة المجتمع المدني في المجالس البلدية، مشيراً إلى أن المجتمع المدني يترقب وبحماس الانتخابات البلدية القادمة، وأن المرأة -من وجهة نظره- هي عنصر أساسي في المشاركة، ولو أتيحت لها الفرصة للمشاركة في الانتخابات ميدانياً، ثم المشاركة من خلال التعيين الحكومي، فقد يكون للمجالس البلدية دور فاعل في تمثيل المجتمع المدني. معظم الناخبين وصلوا إلى «صناديق الاقتراع» دون أن يعرفوا برامج مرشحيهم عدم وجود برامج فيما أبرز الأستاذ «جمال سداد الفاخري» -رئيس المجلس البلدي في تبوك- أهم الأخطاء التي شهدتها المرحلة الماضية في انتخابات المجالس البلدية، ومن أهمها عدم وجود برامج واضحة للمرشحين حيث قال: نظراً لأن تجربة المجالس البلدية تجربة وطنية جديدة فإنه قد لا تكون هناك برامج واضحة للمرشحين، مع العلم أن إدارة المجالس البلدية في الوزارة نظمت العديد من الدورات التدريبية لأعضاء المجالس البلدية في المملكة، وهذه الدورات البعض منها كان داخل المملكة والبعض خارجها، وقد كان لها الأثر في سعي بعض الأعضاء لإيجاد برامج تطويرية للعمل داخل المجلس، وكذلك في متابعة أعمال البلدية التي تعرض على المجلس البلدي، ذاكراً أن التكتلات القبلية والعائلية كانت من أهم أخطاء المرحلة السابقة، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى غياب التوعية الإعلامية والإعلانية، والتي تعنى بنشر ثقافة الانتخابات بعيداً عن الانتماء القبلي أو العائلي، بالإضافة إلى غياب الوعي بمفهوم المصلحة الاجتماعية. تكثيف التوعية وتفاءل «الفاخري» بالمرحلة القادمة، والتي ستشهد تكثيف التوعية التي تبرز أهمية انتخاب الأشخاص ذوي الكفاءات والخبرات العلمية ومن لديه القدرة على التعاون مع البلديات والأمانات، في توجيه التنمية والمشاريع بما يخدم المواطن، ويرتقي لمستوى هذه الخدمات للحد الذي يطمح له سكان هذه المدن والقرى، مشيراً إلى أن هناك تصنيفات طالت بعض المرشحين وأثرت على ترشيح الأكفاء، مما أوجد الأشخاص الذين لديهم إمكانات مالية واجتماعية، أو ممن لديهم عصبة عائلية وقبلية، في حين أن هناك من لديه القدرات والخبرات ولكن لهذه الأسباب لم يحالفه الحظ في النجاح في الانتخابات. سماع الآخرين وأوضح «الفاخري» أن من أهم الأخطاء التي وقع فيها الناخبون في المرحلة السابقة، هي بناء الآراء على سماع الآخرين دون النظر إلى برنامج المرشح، وهذا يعود إلى ضعف الوعي الانتخابي لدى بعض المواطنين، حيث يحتاجون إلى تكثيف برامج التوعية الانتخابية، حتى يتم ترشيح الأفضل، مشيراً إلى أن هناك بعض المرشحين لا يكون لديه الأسلوب والدراية بكيفية عمل برنامج انتخابي مقنع للمواطنين على مختلف مستوياتهم العلمية والعمرية، أو أن الوسيلة الإعلانية للمرشحين ليست بالمستوى المطلوب، بل ولم تصل للمواطنين، موضحاً أن جميع هذه الأخطاء تعود إلى السبب الرئيسي، وهو أن ثقافة الانتخابات والترشيح كانت جديدة على المجتمع، وهذا أمر طبيعي ولا تخلو دائماً البدايات الجديدة من بعض القصور والنقص، متوقعاً أن تتلاشى جميع هذه الإشكاليات في المرحلة القادمة، ومؤكداً على أن نشر ثقافة الانتخابات بين الناخبين سيؤدي إلى اختيارهم أعضاء على مستوى عال من المسؤولية. مرشح يدلي بصوته في الانتخابات البلدية السابقة «إرشيف الرياض» عمليات تسجيل في مركز انتخابي للمجلس البلدي طابور من المرشحين ينتظرون لحظة الدخول للإدلاء بأصواتهم د.عبد الله دحلان جمال الفاخري