أمير الرياض يستقبل ابن عياف وسفير كازاخستان    نائب أمير المنطقة الشرقية يشهد حفل تخريج طلاب كليات الأصالة    أمير الحدود الشمالية يرعى حفل تخريج 1,444 متدرباً من منشآت التدريب التقني والمهني    أمير القصيم: دعم القيادة أسهم في منجزات رائدة    «تلبيس الطواقي»..!    مستقبل الطيران السعودي    «إغاثي الملك سلمان» يكرم «إنسان»    ماذا بعد وفاة الرئيس الإيراني ؟    غرور الهلاليين وتواضع الأهلاويين    استدعاء رونالدو لتشكيلة البرتغال في «اليورو»    ولي العهد يطمئن الجميع على صحة خادم الحرمين    تكريم الفائزين والفائزات بجائزة الشيخ محمد بن صالح    أشيعوا بهجة الأمكنة    سالم يشارك بفاعلية في تدريبات الهلال استعداداً للقاء التتويج بلقب الدوري    إسرائيل تخشى أوامر الاعتقال وتستمر في الانتهاكات    إصدار 700 ألف صك عبر البورصة العقارية    القبض على مقيم لترويجه حملات حج وهمية في مكة المكرمة    الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 28 يونيو    «الذكاء الاصطناعي» الأوروبي.. إنفاذ القانون والتوظيف    IF يتصدر شباك التذاكر    الجامعة العربية تؤكد أهمية حوار الحضارات كتنوع ثقافي متناغم    نائب وزير الخارجية يقدم واجب العزاء والمواساة في وفاة رئيس إيران    تعليم الطائف يعلن ترتيب شرائح النقل عبر نظام نور لمعلمي ومعلمات التعاقد المكاني    نائب أمير مكة يستقبل مدير عام الجوازات والوفد المرافق له    من أعلام جازان .. الدكتور إبراهيم بن محمد أبوهادي النعمي    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    غرق 10 فتيات بعد سقوط حافلة بمجرى مائي في القاهرة    مدير مكتب التعليم بالروضة يفتتح العيادة المدرسية بمتوسطة زهير بن أبي أمية    أمير منطقة تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    أخضر الملاكمة بالمعسكر الدولي    ريال مدريد: كروس قرر إنهاء مسيرته الكروية بعد يورو 2024    السعودية تحقق أكبر تحسن إقليمي في قطاع السياحة منذ 2019    سبل تطلق حملة للتحذير من التصيد الإلكتروني    تاج العالمية تفتتح مكتبها في الرياض ضمن 19 موقعا عالميا    أمير القصيم يستقبل ووفداً من أعضاء مجلس الشورى ونائب المحافظ لخدمات المساندة بالتدريب التقني    سيطرة سعودية على جوائز "الفضاء مداك"    وزير الإسكان يشهد توقيع "الوطنية للإسكان" 5 مذكرات تفاهم    إطلاق "مانجا إنترناشونال" للأسواق الدولية    النفط يتراجع والذهب في ارتفاع    طلاب الاحساء يحصدون 173 جائزة لوزارة الثقافة    أكثر من 5.5 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أبريل الماضي    كفاءات سعودية تتحدث الإندونيسية بجاكرتا    حرس الحدود يحبط تهريب 295 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    أمطار متوسطة إلى غزيرة بالجنوب وخفيفة على 4 مناطق    رسميًا.. الاتحاد يعلن رحيل رومارينهو وغروهي    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    5 فوائد للمشي اليومي    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    العجب    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدور مجلة ثقافية ذات بصمة سعودية أمر لا يحتمل التأخير
المثقفون ل «ثقافة الخميس»:
نشر في الرياض يوم 22 - 04 - 2010

تتساءل النخب الثقافية في المملكة عن ضرورة وجود مجلة ثقافية جادة جامعة تضم هذا الزخم الثقافي في كل الآداب والفنون وتحمل بصمة الثقافة السعودية وتلبي طموحات المتلقي وتلم شتات الكتابات الإبداعية والنقدية والدراسات المتنوعة في المسرح والسينما والفنون البصرية وكذلك الموروث الشعبي الذي تزخر به مناطق المملكة، وهي بذلك تسد حاجة المشهد الثقافي الملحة في ايجاد نافذة هامة على نتاجنا الثقافي، حيث ألف المثقف السعودي مطلع كل شهر إلى التعامل مع المجلات الثقافية العربية الباذخة كدبي الثقافية والعربي الكويتية والدوحة القطرية والهلال المصرية ونزوى العمانية، فهو بين هذه المجلات إما قارئ أو مشارك، على الرغم من وفرة المنتوج الثقافي وتنوعه، لكنه ما زال في حاجة إلى أداة تضم هذا النتاج.
«ثقافة الخميس» عرضت هذا المحور على جمهرة من أبرز المثقفين الذين ساهموا في صياغة بعض المجلات الثقافية والملاحق الأدبية وكانوا من أفضل من عملوا في التحرير الثقافي في المملكة، إلى جانب تجاربهم الإبداعية في الشعر والرواية والقصة والكتابة النقدية في الابداع والفنون البصرية، إلا أن آراءهم جاءت موجعة ومفجعة تجاه هذا الموضوع فإلى تفاصيل هذا الاستطلاع.
في البدء يتساءل الروائي المعروف الأستاذ يوسف المحيميد عن غياب مجلة ثقافية جادة تلبي طموحات المثقف والأديب السعودي : لماذا لا توجد لدينا مجلتنا الثقافية المتميزة مثل غيرنا، أجيب بالقول، ومن خلال تجربتي القصيرة رئيساً لتحرير مجلة «قوافل» الثقافية الفصلية التي يصدرها النادي الأدبي بالرياض، ان المشكلة المحورية كانت مالية، فلك أن تتخيل ان اتصالاتي إلى جميع الأدباء في الداخل والخارج كانت من هاتفي المحمول الخاص، لأن النادي لا يتوفر فيه صفر دولي، ثم تأتي مرحلة استجداء الصحفيين الثقافيين الذين يعملون معك حباً بالثقافة لأن امكانات المجلة المادية لا تسعف بدفع مبلغ معقول يحفظ كرامتها، وبعد كل ذلك العمل والدأب والتواصل مع هؤلاء وإراقة ماء الوجه، تكتشف أن النادي يرفض أن يطبع أكثر من ألفي نسخة، نصفها هدايا، ونصفها الآخر المخجل عدد يتم تسليمه للموزع الذي يتذمر من الكميات القليلة المخجلة، يا أخي العزيز، رواياتي «فخاخ الرائحة» أو «الحمام لا يطير في بريدة» تبلغ الطبعة الواحدة منها بين أربعة وخمسة آلاف نسخة، وهي تعد كتاباً، فكيف يمكن توزيع مجلة في السوق بكمية تقل عن خمسة آلاف، وهي الحد الأقل لكي تُعرف المجلة وتنتشر في منافذ التوزيع؟
وعن مشكلات المجلات الثقافية يوضح المحيميد: اعتقد ان مشكلة مجلات الأندية الأدبية تتعلق بالتمويل، فميزانيات الأندية فقيرة، ولا تحتمل إنشاء مجلة لافتة مثل «دبي الثقافية» أو «نزوى» العمانية أو «البحرين الثقافية» وغيرها في الدول المجاورة، فمجلة شهرية مثل هذه المجلات تحتاج على الأقل مليون ريال، وهذا الرقم هو ميزانية أحد الأندية لمدة عام، ولجميع أنشطته من مطبوعات كتب وأنشطة منبرية ورواتب موظفين، فكيف تقوم الأندية بهذا الدور؟ أما المؤسسات الصحفية الكبرى، فليست على استعداد أن تدفع ريالاً واحداً لا تضمن ربحه الكامل والوافر، انظر إلى تجربة مجلة اليمامة، التي كانت مجلة ثقافية خالصة عند إنشائها على يد الرمز الراحل حمد الجاسر، ثم كيف تحولت في فترة لاحقة إلى مجلة منوعة شعبية واسعة الانتشار لكنها حافظت على صيغتها الثقافية الواضحة، حين كان جيل الثمانينيات من الأدباء يقودون دفتها، وانظر إلى حالها المحزن والمخجل الآن!
في المجلات الأخرى، تجد أن مجلة «نزوى» تصدرها جريدة عمان، ومجلة «دبي الثقافية» تصدرها مؤسسة الصدى الصحفية، ومجلة «البحرين الثقافية» تصدرها وزارة الثقافة البحرينية، بينما اصدار المجلة الثقافية لدينا يحظى بتخبط وفوضى واجتهادات، فكل ناد أدبي يجتهد، وبعض الأندية تصدر مجلات هزيلة جداً، تشبه كراسات المدارس من حيث محتواها الضعيف والهش، أو شكلها الفني البدائي الذي لا يمكن أن يجذب قارئاً يعيش عصر التميز والسرعة والصورة، فكم كنت أتمنى أن تجتمع الأندية وتصدر مجلة مشتركة ومهمة ب«القطة»، إذا كانت الوزارة عاجزة عن ذلك. وعن دور المجلة العربية ومجلة الفيصل يرى المحيميد: لدينا مجلتان هما ما ينتظر منهما أن تصنعا شيئاً لافتاً، المجلة العربية، والفيصل الثقافية، لكنهما حتى الآن لا تحققان الحلم ولا الطموح الذي نحمله كأدباء ومثقفين، يا أخي العزيز، أول شروط العمل الصحفي الثقافي أن تسعى إلى الأسماء والرموز المهمة في الوطن العربي وتستكتبها في مجلتك، لا أن تنتظر رحمة بريد لا يأتي إلا باجتهادات أنصاف أدباء ونقاد من أقاليم الدول العربية ونجوعها، وهل يعقل أن تخلو مجلات كهذه من أسس العمل الصحفي الحقيقي وهو الحوار والتحقيق والاستطلاع و.. و.. الخ؟ تلك التي لو تفرغ لها صحفي لديه وعي وحس صحفي ثقافي عال، لابتكر العديد من الموضوعات المثيرة واللافتة، بدلاً من المواد الميتة الأرشيفية..
ويأتي رأي الأستاذ ساري الزهراني المشرف على ملحق الرسالة حاملاً نبرة حزن على واقعنا الثقافي إذ يقول: لا بد أولاً من الإشارة إلى أننا شعب فاشل بدرجة امتياز في صناعة النجوم الفكرية والأدبية، والشعرية؛ مع هذا فلن أخوض في المعطيات التي أدت إلى هذا الفشل.
فإذا أقررنا بهذا وهو زعم أعتقد بصحته فهو - بلا شك - ينسحب على كل منجز ثقافي، أو أدبي، أو فكري ينحدر من سلالة هذا الفشل ويتساوق معه، أو يتقاطع به.
إن الذاكرة في هذا الشأن تختصر علينا الشيء الكثير حال استحضار العديد من المجلات التي تحمل طابعاً ثقافياً ك(مجلة المنهل) و(المجلة العربية) على اعتبار أنهما الأسبق حضوراً في المشهد الثقافي، ولكنهما ومع تقادم سنوات خروجهما والاحتفاء بمنجزهما في إثراء الساحة الثقافية ولو بالحد الأدنى؛ مع تقديرنا لكل المجهتدين الذين حملوا لواء كل المجلات ذات الطابع الثقافي إلا انها في الجملة لم تكن في يوم من الأيام منارة يُشار إليها بالبنان كما يشار مثلاً إلى مجلة (الرسالة) وما كانت تقدمه من منجز فكري ونقدي وثقافي ما جعل منها منارة ثقافية يتسابق إلى ودها والاتصال بها الأدباء والشعراء في كل أرجاء الوطن العربي، نشراً وقراءة.
ويختتم الزهراني رؤيته نحو هذه القضية قائلاً: ولا أظنني أجانب الصواب إذا قلت: اننا لن نستطيع في زمن «الفيس بوك» والفضاء المفتوح أن نحصد ثمار ما تبقى من عمر هذه المجلات الثقافية في ظل هذا الانفتاح الإعلامي المهول، أو نخلق مجلات تحمل صنو البقاء، أو الصمود، أو التأثير، أو حتى الاحتفاء.
من جهتها ترى القاصة والكاتبة الأستاذة فاطمة العتيبي عبر رؤيتها ان كل الآمال المعلقة على المجلات الثقافية قد تحطمت وأن الأمل بيد وزارة الثقافة والإعلام وقالت أيضاً: من المثير للحزن أن تخلو السعودية من مجلة ثقافية تمثل علامة أو إيقونة دالة على مكان صدورها، بحيث تكون احدى العلامات الحضارية في السعودية احتفي بمجلة دبي الثقافية كل مطلع شهر وتهفو نفسي لقراءة مجلة الدوحة ولا يفوتني عدد من مجلة العربي لكن في وطني تغيب المجلات الرصينة، جامعة الملك سعود الأشهر بين الجامعات السعودية لا تملك مجلة محكمة، المجلة العربية التي كانت مرشحة للتنافس لم تستطع طوال هذه السنوات أن توجد لها هوية رغم أن رئيس تحريرها هو في حد ذاته إيقونة وعلامة لكنه علامة بذاته وشخصيته ولم تبق مجلته بعد رحيله عنها على أي ملمح ثابت لأنه لم يكن ثمة ملمح ثابت!
يوسف المحيميد
تحولت المجلة العربية اليوم إلى مجلة ليس لها علاقة بالثقافة لا من قريب أو بعيد!! مجلة المعرفة كانت مرشحة لأن تشغل هذا الفراغ وأظن أن فكرة بعثها من جديد قامت على هذا الأساس لكن كل من تولوا زمام أمرها لم يكونوا من ذوي الاهتمامات الثقافية بل أنهم يحملون مشاعر سلبية تجاه الأدب والنقد والفنون على اختلافها لذا لم تنجح إلا في أن تكون بعيدة عن كل ما هو ثقافي فهي أمشاج غير مكتملة من التربية والبرمجة العصبية واعترافات واسقاطات وحوارات أعيد انتاجها، للنادي الأدبي في جدة مطبوعات مؤهلة لأن تكون نواة لمجلة ثقافية مثل نوافذ والراوي لكنها بحاجة إلى دعم لوجستي ومادي، مهم أن تنشط وزارة الإعلام والثقافة في أمر ايجاد مجلة ثقافية تكون علامة وإيقونة للابداع السعودي تنافس المطبوعات في الدول الأخرى فبلدنا غني وثري ومتنوع مما يمول المجلة فيما لو صدرت بمواد سخية ومميزة.
لكن حديث الناقد الأستاذ محمد الدبيسي يحمل بارقة أمل عن المجلات الثقافية الحالية رغم تخصصاتها وفي ذلك يقول:
تتداخل وتتعدد أسباب عدم وجود دورية ثقافية جامعة، معنية بكل ما ذكرته في سؤالك، وهذا يعود لتعدد الجهات التي تقوم على أمر الأنشطة الثقافية والأدبية والفنية وتعنى بها وتنظم أنشطتها لدينا. ولعدم وجود استراتيجية أو رؤية موحدة، تجمع شتات حماس تلك الجهات، وتنظم جهودها، فالدوريات الأدبية والثقافية رهينة لرؤية كل جهة من تلك الجهات ووعي القائمين عليها..
ومع ذلك ولأجله - ربما - كان ثمة دوريات نوعية رصينة حظيت بثقة المتابع المتخصص، والمتلقي العادي على حد سواء ف(علامات) نادي جدة، وعلى مدى عشرين عاماً صارت مرجعاً نقدياً مهماً للمهتمين بالأدب وقضاياه، و(القافلة) وخلال فترة زمنية تجاوزت ثلاثة عقود، أدت دورها الأدبي الثقافي بمسؤولية ومهنية متميزة.
و(دارين) بعد إعادة تشكيل هيئة تحريرها وإعادة تبويبها واعتماد رؤية معرفية جديدة لها أصبحت جديرة بمنافسة مجلات عربية عريقة في ذات المجال.
وأحسب أن من التجليات الايجابية لتعدد الجهات المعنية بالثقافة لدينا، ظهور مجلة (الخطاب الثقافي) وهي نموذج للمجلات التي تصدرها المؤسسات الاكاديمية العليا، وتتميز بأبحاثها العلمية وفقاً لاختصاصها، وهي أبحاث رصينة، وهي فعلاً مجلة للخطاب الثقافي، بالمعنى المعرفي للخطاب الثقافي وتمثلاته، وسياقاته التفسيرية والتطبيقية.
وهناك مجلات ثقافية وأدبية ذات طابع كلاسيكي مثل المنهل والجوبة وغيرها، وفيها تنوع معقول يلبي حاجة المتلقي، ويسهم في إذاعة الإنتاج الأدبي، ناهيك عن دور المنهل في مسيرة أدبنا الوطني واستيعابها لمراحله التأسيسية.
ويشير الدبيسي إلى مكانة مجلات الأندية الأدبية ودورها المتواضع قائلاً: أما باقي اصدارات الأندية الأدبية واتكاء دوافع إصدارها على تقليد سائد يتمثل في حرص كل ناد على اصدار مجلة، ومع تميز بعضها، فهناك تكرار واضح، يصل أحياناً إلى درجة التماثل والاستنساخ في أسماء كتابها وموضوعاتها، ولا اعتقد ان ثمة فلسفة وراءها أو رؤية تحريرية توجهها، أو أن لها هدفاً سوى التنافس والمحاكاة بين الأندية في مستوى وعي تعبر تلك المجلات عن نوعيته وخصائصه..؟
وعوداً على بعض سؤالك.. فليس لدينا ثقافة مسرحية أو سينمائية على صعيد الحضور الفعلي لهذه الفنون، وبالتالي فالطرح النظري لقضاياهما لا تسنده أرضية تتمثل جوهر وجودهما الحقيقي، بالرغم من بعض المجلات التي أسلفت الحديث عنها لا تعدم وجود أطروحات تتناول قضايا المسرح والسينما والفنون التعبيرية بعامة، من جوانب متعددة.
الكاتبة والفنانة التشكيلية الأستاذة ضياء اليوسف تناولت هذه القضية من عدة جوانب حيث ترى: ان ذكر أسماء لمجلات معينة هي دعوة للتأثر تقليدية جداً وقد يكون الوصول إليها - بالنظر إلى الكوادر الثقافية الرائعة لدينا - أمر متعلق بصياغة تقنيات شبيهة للانتاج.. وهذا أمر أظنه يسير.. بينما يكمن السر الابداعي في البحث المتواصل عن خطوات بناءة تبدأ من حيث انتهى الآخر لا إلى حيث انتهى الآخر.
بالطبع هذه الدعوة ل«تقليد» مجلات أخرى سيحيلنا إلى نضوج إعلامي نستلطفه كوننا جمهورا وفيّا لهذه الأسماء.. لكن هل نحن كمثقفين محليين قادرين على تقبل هذا النوع من الإبداع من الداخل؟ وهل نحن قادرون على دعمه والاستمرار في رصد تميزه؟ أظننا أقرب إلى التحديق في النواقص والأخطاء التي بدورها وبالطبع مع هذا المستوى من الاهتمام الذي نوليه لا تزال تزيد وتكبر. أظن أن الأسماء المطروحة هي أسماء تتقاطع مع الزمن وقد مرت بالمراحل التي تمر بها مجلاتنا الثقافية لكن نوعاً من التقبل كفل لها النماء
محمد الدبيسي
الطبيعي لانتاجها. وفي النهاية «الشغف» هو الغالب في الصناعة الثقافية خصوصاً.. فكلنا يعرف أن ثمة مجلات من تلك المذكورة تحرر بكوادر قليلة جداً جداً نسبياً لكنها تخرج كمادة حيوية يرفدها ذلك الشغف في أسلوبه النوعي المميز وطاقته المؤثرة. لذلك أظن بأننا ما لم نتدارك مرحلتنا الثقافية بإيماننا وسعادتنا بما نفعل لن نحقق ما نأمله.. الشغف أساسي في اختيار أهدافنا لبناء الوعي الثقافي الذي نتمناه.. انه يمثل تلك الطاقة التي تداوم على صنع نفسها في كل جديد وضمن كل مناخ خلاق لتؤكد على حضور الابداع في الملامح التي نرجوها وربما بشكل أفضل.. انه الريادة والريادة قد يتأثر صنعها بالدعم المادي كما يلمح له ذكر هذا النوع من المجلات تحديداً.. لكنه دعم من الواجب أن يدرس اقتصادياً بعناية فلا يجب مطلقاً التحديق إلى جهة واحدة فقط لتوقع الدعم.. من جهة أخرى فإن العجلة الثقافية بحاجة إلى المادة فعلاً لنتحرك والفضاء الاقتصادي الثقافي فضاء مشجع لحمل أكثر الصفات المميزة لحضور الابداع لكنه وبالطبع ليس شرطاً وحيداً له.
إن التحدث عن الشغف بالثقافة وعن «المادة» هو إشارة أيضاً وبشكل ما إلى ضرورة إلغاء التحزب والانتصار للجمال وفقط.. للجمال. ان الممارسات السلبية للشللية ونظام «أنا وصديقي» لاشك تؤثر في المحصلة النهائية للانتاج الابداعي لدينا والأمر لا يتعلق بحالة.. انه ظاهرة.. فلا يفيد توفير «مادة» ستتداول بين الأصدقاء، هذا تصدير لثقافة هي إما هشة أو مفتعلة.
وتوضح اليوسف في ختام حديثها رأيها عن مجلات الأندية الأدبية قائلة: مجلات النوادي الأدبية حالياً جيدة في مرحلتها وقادرة على الوصول إلى مستوى المجلات التي ذكرتموها مع اعتماد الشغف والادارة الاقتصادية للموضوع بالاضافة للاعتناء بتوفير المرونة في طرح المادة الثقافية ونبذ شيخوخة الفكر البطيئة والروتينية والمملة والتركيز على مواكبة طبيعة العالم اليوم الثقافية في الانتاج وفي التفاعل. التركيز على صنع «الفارق» من خلال دعم وتأكيد الأنواع الجديدة والمعاصرة للابداع هو الطاقة التي من شأنها أن تحيي لا المجلات الثقافية فقط إنما تفاعلنا أيضاً وموقعنا من العالم.
ومن الجنوب يأتي صوت الشاعر والكاتب الأستاذ أحمد عسيري ملحاً في أهمية وجود مجلة ثقافية تستوعب ثقافتنا وأفكارنا وتضم شتات ابداعنا فقال: نحن بحاجة مُلحة إلى مجلة ثقافية تستوعب الخطاب الثقافي الراهن. بكل مقتضياته ومرتكزاته الراسخة في الوعي المعياري والإجرائي. ويتعالق مع الحقبة الزمنية. وينتمي إلى عصره ومنظوره. فلدينا وفرة ورصيد معرفي يبحث عن آنية ووعاء يليق به. لتتقاسم معه الفاعلية وتجليات المرحلة. وتنضح بالابداع ونبرة الاستحضار المنشود. وتوق الجموح والتجاوز والتخطي. لقد مللنا فوضى التشرذم. وتوزع التجارب وتخليق تلك الاهتمامات المبعثرة والمتشظية. فوقعنا في دوامة (المعاضلة) التي تحول بيننا وبين المغامرة الابداعية. من خلال مجلة ثقافية تشيع المعرفة الحقة. وتنهض بذلك المخزون وتستبطن تلك العوالم، لقد مللنا مجلات الإمتاع والمؤانسة. والتي اطفأت فينا فتيل الرغبة والطموح. وبعثت فينا أشواك التصحر واليباب. انني أتصفح تلك المجلات القادمة من وراء الحدود فأشعر بالامتعاض والانكسار وأحس بما يشبه الطرقات على جمجمتي كما يفعل ملاكم متمرس. إنها تثير عاصفة من حوار الذات. وتطرح أمامك اسئلة كرمح افريقي حاد. كيف صنعوا هذه المجلات وأشعلوا ذاكرة الكتابة بهذا الرقي؟ كيف وظفوا التنمية في خدمة الثقافة؟ كيف خرجوا بهذه الأعمال من الشكل التقليدي الممجوج إلى هذه الفضاءات والابتناءات؟ كيف امتاحوا تجاربهم وبحثوا لها عن حواضن بهذا الجمال والحرفية؟ لقد ازدهرت تلك المطبوعات حين اطفأت داخلها حمى الرتابة. وعززت حضورها بالمدهش من الثقافة الحية والمتحركة. إنني أدعو وزارة الثقافة والإعلام والمؤسسات الثقافية في بلادنا لتبني إصدار مجلة ثقافية تشعل الضوء وتدون تاريخنا المعرفي. الذي يخرجنا من أكمام التثاؤب. وأعشاش الأمنيات. ولتجسر الهوة بيننا وبين الآخرين ولتحررنا من قبضة الغياب الممض والشاحب وتوصلنا إلى فسحة الاحتفالية والارتواء بذلك المنجز المتوثب بين أيدينا كنجمة ساحلية. نريدها كالشمس كالمطر كوعاء العطر حين تخصب حقولها بكل العطايا. وتغمرنا بصباحات الوعي المثمر. تعبنا من التحديق في صادرات غيرنا وكأننا طارئون على موائد الفكر وسلال الابداع ومرايا التاريخ. نريد مجلة ترتب الفوضى والشتات. وتملأ دواخلنا بالدهشة. وتوقظ جذوة العراك والحراك والتجاذب. نريد إصداراً يطوف المعمورة كالقنديل الأخضر على رفوف وأجنحة هذا التراب المعشب ليلتقط منه هذه الشرفات والإضاءات والتدفقات والإشراقات. ولتكون وثيقة وصك إثبات أننا شعب يتمتع بالبحث الدائم عن الجوهري والاكتمال الابداعي والدينامية عبر أطروحاته التي تفصح عن حيوية متعاظمة. ووعي مبكر غير منحجب عن اللحظة أو مصطدم بجدار العصر.
بدورها تطرح القاصة والكاتبة الأستاذة شريفة الشملان أهمية البحث في تراثنا الشعري وكذلك الاهتمام بالموروث الشعبي فتقول:
جميل أن يكون لدينا مجلة ثقافية أدبية متخصصة بالاضافة لما لدينا من مجلات ودوريات تنشر عبر جمعيات الثقافة أو عبر الأندية الأدبية.
عندما نتكلم عن مجلة ثقافية أدبية سعودية فإننا لا نعني التقوقع ونبقى في زاوية بعيدة، لكن نرى أن تكون لنا مجلتنا الخاصة التي تضاهي المجلات الأدبية الثقافية في العالم وفي العالم العربي خصوصاً، فإننا نعني مجلة أكثر التصاقاً بالثقافة والوطنية والبحث عن سبل رعايتها والاهتمام بها ككل، لغة من خلال الأدب والنصوص الأدبية تقديماً ودراسة ونقداً..
لدينا كم كبير من الشعر الجاهلي، يحتوي على جميل العبارة ويتحدث عن مواقع مجهولة بالنسبة لأغلب مواطنينا، فما بالنا بالعرب، لذا من المهم للمجلة الثقافية تحديد هذه المواقع جغرافياً ووضعها أمام القارئ.
كذا تبسيط بعض القصص التراثية، والتفكير بتحقيق بعض المراجع.. إن مجلة وطنية للعناية بالثقافة عامة كثقافة الموروثات الشعبية، وحكايات الأغاني والأهازيج الشعبية، والاحتفالات في المناسبات الخاصة والأعياد، الاهتمام بأغاني تنويم الأطفال وترقيصهم، كذا الأمثال الشعبية، وتدوين الكثير مما لدينا لم يدون بعد.. كل ذلك يتم عبر مجلة ثقافية أدبية..
هناك شعر مجهول وشعراء لا نعلم عنهم الكثير نبعوا من هذه الأرض، فتكون من مهمة محرري المجلة الثقافية البحث عنهم وتقديمهم للقراء..
المجلة الثقافية الأدبية الشهرية هي مجلة تتابع الأحداث الثقافية والأدبية وتجول حول العالم لتقدم لنا دراسات ثقافية وعلمية ونقدية عن الانتاج الثقافي المميز من مسرحيات وكتب وأفلام..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.