المخرجة السعودية عهد كامل تقدم التجربة السينمائية «الأنضج» في مهرجان الخليج

تروي مأساة الإنسان العراقي في فيلم "القندرجي"

لعل ما يلفت الانتباه في الدورة الحالية من مهرجان الخليج السينمائي هو كثافة الحضور الجماهيري في كافة العروض وباختلاف أنواعها, الأمر الذي زاد من صعوبة الحصول على مقعد في أي صالة من صالات المهرجان الثمان, ففي دورات سابقة كان الحاضر للمهرجان يجد مقعده بسهولة حتى لو لم يأتِ إلا قبل انطلاق العرض بثوانٍ, أما في هذه الدورة فعليه أن يصارع منذ الصباح حتى يضمن حصوله على تذكرة تمنحه إمكانية مشاهدة الأفلام, وهذا لا شك أمر إيجابي, يؤكد أن الجمهور العادي بدأ يتقبل وجود السينما الخليجية, ويحرص على مشاهدتها, حتى لو كانت محاطة بالصالات التي تعرض أحدث الأفلام الأمريكية.
ولا يقف اختلاف الدورة الحالية, وتطورها, عند الحضور الجماهيري فحسب, بل أيضاً في نوعيّة الأفلام المختارة, ومستواها العالي, صوتاً وصورة, خاصة في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة التي شهدت حضور أفلام عالية الجودة, رفعت من سقف المنافسة, وجعلت من مهمة الفوز بالجائزة الأولى صعبة بالنسبة للكثيرين.
ومن الأفلام المختلفة والمؤهلة للفوز بالجائزة؛ فيلم (القندرجي) للمخرجة السعودية عهد كامل التي قدمت تجربة سينمائية ناضجة بامتياز, حققت من خلالها الشروط الفنية التي يتطلبها الفيلم القصير, من حيث الصوت, والإضاءة, والصورة التي ظهرت بالأبعاد السينمائية بكوادرها الواسعة, وعمقها, فضلاً عن القصة البسيطة التي سردتها المخرجة بطريقة "الإضمار" تاركة للمشاهد فسحة من التأمل في معنى الحكاية وأبعادها النفسية. وحكايتها تجري في العراق المحتل, وتدور حول الإسكافي "صابر" الذي خرج من سجن القوات الأمريكية بعد سنتين من الأسر, مُحملاً بعبء نفسي رهيب لم يستطع أن يخفيه حتى عن زوجته السعيدة, والتي لا تعلم أن من جاءها ليس إلا حطاماً وظلالاً هشة لرجلها السابق.
عمرو واكد في لقطة من الفيلم
تروي عهد كامل هذه المشاعر النفسيّة الثقيلة, بأسلوب بسيط, وعميق, مستغلة براعة الأداء للممثل المصري المحترف عمرو واكد الذي قام بأداء دور الإسكافي. كما لفتت الانتباه -هي- كممثلة, بأدائها المميز لدور الزوجة المكلومة, الحائرة بين شعور بالسعادة بعودة هيكل زوجها, وشعور بالحزن والغضب من الواقع المرّ الذي أفقدها روح الحبيب.
وباختصار يمكن وصف هذا الفيلم بالتجربة السينمائية الكاملة, فالكمال كان حاضراً في كل زوايا الفيلم, في الصورة, وفي أسلوب سرد القصة, وفي أداء الممثلين. وهذا الكمال متوقع ومنتظر من عهد كامل على اعتبار أنها درست السينما دراسة أكاديمية في أمريكا كما سبق لها التعاون مع المخرج الأمريكي بيتر بيرغ في فيلم (المملكة-The Kingdom) عام 2007.