في ليلة مقمرة تلألأت بالأضواء التي لاحقته داخل الملاعب وخارجها، نور أو كما لقب ب»الأسطورة»، حيث شهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الخامسة، العرض الأول للفيلم الوثائقي الرياضي «نور» في قاعة العرض الرئيسية التي امتلأت بكامل طاقتها الاستيعابية، «نور» الحكاية التي أعادت الجمهور إلى الأزقة الأولى من حارات مكة التي صاغت نجماً كروياً فذاً. حيث كانت البداية من حارة الطندباوي، عندما بدأ الفيلم سرده هناك، حيث كان الطفل الصغير محمد نور هوساوي، يركض كل يوم خلف حلمه، متنقلاً إلى الملعب أحياناً مجاناً مع الكداد، لا شيء يملكه سوى حماسه، ولا شيء يسبق خطاه سوى شغفه بكرة القدم. أصدقاء الطفولة يظهرون في المشاهد الأولى، يروون قصصاً صغيرة، لكنها كفيلة بأن تعيد تشكيل ذاكرة جمهور يعرف نور اللاعب، ولا يعرف نور الإنسان. وبعفوية كاملة، يروي نور أحداث حياته، تلك العفوية التي جعلت الفيلم يأسر القلوب، من عمر السابعة عشرة بدأ المشوار الكروي، برقم «19»، ثم رقم «8»، وبدأ فصل النجومية والنجاحات، ليؤكد نور: كل ما زادت نجوميتك كل ما زادت مسؤوليتك داخل الملعب. في الفصل الثاني من الفيلم، يظهر رفاق البطولات، ليكملوا الرواية أصوات تشهد على لاعب لم يكن مجرد نجم في كرة القدم، بل قائد وإنسان ومنافس شرس في الملاعب. كما ويستعيد نور لحظة إنسانية خالدة، حين قال له الملك عبدالله بن عبدالعزيز –رحمه الله– بعد إيقافه ببطاقة حمراء: نعطيك بطاقة بيضاء، وقفة أبوية أعادت ترتيب المشهد، ومنحت محمد نور، عباءة الثقة من جديد والتوهج بالملاعب. ويعترف نور، بمرارة الخسارة، مؤكدًا أن بعضها الهزائم تقهر، مثل مباراة كلاسيكو الاتحاد والهلال عام «2008»، في نهائي الدوري الذي سمي لاحقاً بدوري شعرة ياسر اثر الهدف الذي سجله الكابتن ياسر القحطاني في مرمى الاتحاد. «نور» ليس فيلماً عن لاعب فقط.. يعتبر الفيلم صورة جريئة عن صمود الإنسان، واحتمال الضوء، والقدرة على النهوض مهما اشتد الظل، لتتحول رسالة للأجيال، والإرث الذي يبقى، حتى بعد أن تتوقف صافرة الحكم، ويسدل ستار نهاية الفيلم، الذي أخرجه عمر المقري. حيث يعتبر إرث محفور في الصخر وهو الذي أكده محمد نور، وما قدمه خلال مسيرته الكروية «كما يقول نور في تفاصيل الفيلم، أنه حفّر في الصخر، فمن طفل يسافر إلى الملعب مع الكداد، إلى قائد صنع أمجاد الاتحاد، إلى لاعب مثل المملكة في كأس العالم «2002 و2006» ليبقى نور، صفحة لا تطوى.