114 قتيلاً و71 جريحاً حصيلة قصف كالوقي سيطرت قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش السوداني، الإثنين على أكبر حقل نفطي في السودان يقع في إقليم كردفان، على الحدود مع جنوب السودان، وفق ما أفاد مهندس في الموقع. وقال المهندس العامل في حقل هجليج لإنتاج النفط في اتصال هاتفي مع فرانس برس "فجر الإثنين 8 ديسمبر، سيطرت الدعم السريع على الحقل، وقامت الفرق الفنية العاملة بالحقل بإغلاقه وإيقاف الإنتاج، وتم سحب العاملين بالحقل الى داخل دولة جنوب السودان"، علما أن المصدر انتقل بدوره إلى البلد المذكور. وأضاف "تم كذلك إغلاق محطة المعالجة الواقعة قرب الحقل والتي يمر عليها بترول جنوب السودان المنتج في مناطق شرق مدينة بانتيو الجنوب السودانية". وأفادت مصادر سودانية بأن قوات الدعم نفّذت، صباح الاثنين، هجوماً على حقل هجليج إضافة إلى مواقع تابعة ل اللواء 90 مشاة في في ولاية غرب كردفان بوسط البلاد. ونقل موقع "سودافاكس" عن مصادر محلية وعسكرية في الولاية قولها إن اشتباكات عنيفة اندلعت في محيط الحقل النفطي الاستراتيجي، الذي يُعد أحد أهم منشآت إنتاج النفط في السودان. وأضافت أن الهجوم تزامن مع تحركات لقوات الدعم باتجاه مواقع عسكرية بالقرب من اللواء 90 مشاة. وتشير التقديرات الأولية إلى سقوط ضحايا مع استمرار التوتر الأمني في المنطقة. من جانبه أدان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف، بأشد العبارات الهجمات المروعة التي أبلغ عنها في منطقة كلوقي بولاية جنوب كردفان، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 114 مدنيا بينهم عشرات النساء والأطفال داخل روضة أطفال. وأكد في بيان أن الاستهداف المتعمد للأطفال والمعلمين والعاملين الطبيين والمدنيين الذين حاولوا تقديم المساعدة للجرحى، كما ورد في تقارير إعلامية، يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. وأعرب رئيس المفوضية عن صدمته إزاء تكرار وتصاعد الفظائع المرتكبة ضد المدنيين في المنطقة، وعن بالغ قلقه من التقارير المتعلقة باستمرار القصف الجوي والهجمات بالطائرات المسيرة والاعتداءات على البنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس. ودعا إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار من قبل جميع الأطراف لوقف إراقة الدماء وضمان الحماية الكاملة للمدنيين، ولا سيما الأطفال والنساء وكبار السن بما يتوافق مع القانون الدولي. وحث على السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لتمكين إيصال الخدمات المنقذة للحياة إلى المجتمعات المتضررة، وشدد على ضرورة المساءلة عن جميع الانتهاكات، مطالبًا بإجراء تحقيقات مستقلة لضمان تقديم المسؤولين عن هذه الأعمال البشعة إلى العدالة. وكان الاتحاد الأفريقي قد أكد تضامنه مع شعب السودان، وجدد التزامه بالعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لمنع المزيد من الفظائع ودعم العودة إلى الحوار والسلام والاستقرار. كما أدان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الهجوم الذي تعرضت له إحدى شاحناته قرب بلدة حمرا الشيخ في شمال دارفور، بالسودان، يوم الجمعة الماضي. وأوضح البرنامج الأممي أن الشاحنة كانت جزءًا من قافلة أكبر تضم (39) شاحنة محملة بمساعدات غذائية حيوية في طريقها لدعم الأسر الجائعة التي نزحت إلى طويلة، شمال دارفور، بحثًا عن الغذاء والأمان. وفي هذا الصدد، دعا برنامج الأغذية العالمي إلى إجراء تحقيق فوري ومستقل في الحادث ومحاسبة الأطراف المسؤولة، مشددًا على أن الوصول دون عوائق إلى الأسر الأكثر ضعفًا في دارفور وجميع المناطق المتضررة من المجاعة أمر بالغ الأهمية.إلى ذلك، أعلنت حكومة جنوب كردفان في السودان ارتفاع عدد ضحايا القصف بطائرة مسيّرة على مدينة كالوقي إلى 114 قتيلًا، بينهم 63 طفلًا، إضافة إلى 71 جريحًا بعضهم في حالة حرجة. وقالت السلطات "إن الهجوم نُفّذ عبر مسيّرة إستراتيجية أطلقت أربعة صواريخ أصابت روضة أطفال ومستشفى ومناطق سكنية مكتظة، فيما نُقل عدد من المصابين إلى مستشفيات خارج المدينة بسبب ضعف الخدمات الطبية". معارك ضارية تشهد منطقة كردفان الاستراتيجية في السودان قتالا عنيفا بين الجيش وقوات الدعم السريع التي شجعها تقدّمها في إقليم دارفور وسيطرتها الكاملة عليه. وحشدت قوات الدعم السريع وحداتها في هذه المنطقة الخصبة والغنية بالنفط والذهب الواقعة في وسط السودان، وصعّدت هجماتها فيها مع الميليشيات المتحالفة معها بعد سيطرتها على الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور. ويرى المحللون أن تركيز قوات الدعم السريع على هذه المنطقة يرمي إلى كسر القوس الدفاعي الأخير للجيش حول وسط السودان، سعيا إلى استعادة العاصمة الخرطوم وسواها من المدن الكبرى. وفي ظل تَناقُض تصريحات الأطراف المتحاربة، يتعذر التحقق بدقة من المعلومات الواردة من منطقة كردفان بسبب صعوبة الوصول إليها وانقطاع الاتصالات. لكنّ مسؤولين محليين وعاملين في المجال الإنساني، إضافة إلى الأممالمتحدة، يشيرون إلى تكثيف القصف والضربات بالطائرات المسيّرة، ويتحدثون عن نزوح للسكان وخطر وقوع فظائع. لماذا كردفان؟ يشكّل إقليم كردفان الشاسع المقسّم إلى ثلاث ولايات والمعروف بالزراعة وتربية الماشية، صلة وصل استراتيجية لحركة الوحدات العسكرية وعلى المستوى اللوجستي، إذ يقع بين المناطق التي يسيطر عليها الجيش في الشمال والشرق والوسط ومنطقة دارفور في الغرب والتي باتت قوات الدعم السريع تسيطر عليها. ويشتهر كردفان اقتصاديا بإنتاج الصمغ العربي وبزراعة السمسم والذرة الرفيعة وحبوب أخرى، تُسهم، إلى جانب الماشية، في الثروة الزراعية للسودان. وتضم المنطقة مناجم ذهب ومنشآت نفطية حيوية، تُشكّل مصادر دخل مهمة للمجهود الحربي. من هي الأطراف المتقاتلة؟ يمتلك الجيش الذي يقوده عبدالفتاح البرهان، دبابات صينية وطائرات سوفياتية ومسيّرات تركية أو إيرانية الصنع، بحسب موقع "أفريكان سيكيورتي أناليسيس" المستقل في ستوكهولم. أما قوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق وخصمه الحالي محمد حمدان دقلو، فانبثقت من ميليشيات الجنجويد العربية التي استعان بها الرئيس المخلوع عمر البشير لسحق تمرّد لمجموعات عرقية غير عربية في دارفور. وتحالفت قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو. ومكّنها هذا التقارب من تعزيز عديدها ومواقعها في جبال النوبة وفي بعض مناطق ولاية النيل الأزرق الواقعة بالقرب من إثيوبيا، والتي تقع منذ مدة طويلة تحت سيطرة هذا الفصيل المتمرد. على أي جبهات تدور المعارك؟ يتركز القتال على مدن الأبيض وكادوقلي والدلنج وبابنوسة التي يتمركز فيها الجيش بكثافة. وتقع الأبيض، المحاصرة منذ أشهر، وهي عاصمة ولاية شمال كردفان، على طريق استراتيجية تربط دارفور بالخرطوم، وتضم مطارا استُخدم مدة طويلة لأغراض لوجستية عسكرية. واستعاد الجيش أخيرا مدينة بارا، الواقعة على بُعد 60 كيلومترا شمالا على الطريق نفسها. وأكدت قوات الدعم السريع الأسبوع الفائت أنها "حررت" بابنوسة، في ولاية غرب كردفان، لكنّ الجيش نفى ذلك. وفي جنوب كردفان، يحرم الحصار المطول لكادوقلي والدلنج آلاف المدنيين من الغذاء والدواء. وإلى الجنوب، تتعرض جبال النوبة لضغط متزايد حول كاودا، معقل الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، إذ يسعى الجيش إلى إضعاف هذا الفصيل المتحالف مع قوات الدعم السريع. وضع المدنيين أكدت الأممالمتحدة في نوفمبر المنصرم حال المجاعة في كادوقلي، وصنفت الدلنج على أنها معرضة لخطر المجاعة. ومنذ عام 2024، أُعلِنَت أجزاء من جبال النوبة مُعرّضة للمجاعة. ويدفع المدنيون العالقون وسط المعارك ثمنا باهظا. وأعلنت منظمة الصحة العالمية الاثنين أنّ 114 شخصا بينهم 63 طفلا، قُتلوا الخميس بضربات مسيّرات نُسبت إلى قوات الدعم السريع على روضة أطفال ومستشفى في كلوقي، على بُعد نحو 70 كيلومترا شرقي كادوقلي. والأربعاء، قُتِل ستة أشخاص على الأقل في ناما بولاية غرب كردفان جرّاء هجوم بطائرة مُسيّرة نُسب إلى الجيش. وفي 29 نوفمبر، أسفر هجوم بطائرة مُسيّرة أطلقها الجيش على كاودا عن مقتل 45 شخصا، بينهم طلاب، في جنوب كردفان. وفي 3 نوفمبر، أدى هجوم بطائرة مُسيّرة نُسب إلى قوات الدعم السريع عن مقتل 45 شخصا في جنازة بمدينة الأبيض، وفقًا للأمم المتحدة. وأشارت المنظمة الدولية إلى أن أكثر من 45 ألف شخص نزحوا من كردفان منذ نهاية أكتوبر المنصرم.