بعد أيام فقط من اختتام فعالياته، لا يزال صداها يتردد في الأوساط العقارية العالمية. فقد استطاع معرض سيتي سكيب العالمي 2025 في الرياض أن يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن العاصمة السعودية أصبحت منصة عالمية تستقطب أهم صانعي القرار والمستثمرين في القطاع العقاري العالمي. تحت شعار "مستقبل الحياة الحضرية"، تجاوز المعرض كونه مجرد معرض عقاري تقليدي ليتحول إلى منصة شاملة تعكس تطلعات رؤية السعودية 2030. وقد أكد معالي وزير البلديات والإسكان ماجد بن عبدالله الحقيل في كلمة الافتتاح أن "سيتي سكيب أصبح منصة سعودية عالمية تعكس التطور العمراني والاقتصادي الذي وصلت إليه المملكة". لم تكن مشاركة الهيئة العامة للعقار مجرد حضور شكلي، بل جاءت كراعٍ تنظيمي واستشاري للمعرض، حيث استعرضت أحدث التشريعات والأنظمة التي تهدف إلى تطوير البيئة التنظيمية ورفع جاذبية الاستثمار في السوق العقاري السعودي. وشهد المعرض أرقاماً قياسية تجعله بحق أكبر معرض عقاري على مستوى العالم هذا العام، حيث بلغ عدد الجهات العارضة أكثر من 550 جهة، وشارك في الفعاليات أكثر من 470 متحدثاً عالمياً، فيما مثل الحضور أكثر من 120 دولة حول العالم عبر 10 أجنحة دولية. لم يقتصر دور المعرض على كونه سوقاً للصفقات، بل تجاوز ذلك ليصبح منصة شاملة لاستعراض أحدث الاتجاهات والتقنيات التي ستشكل ملامح مدن المستقبل. وشهد المعرض عرضاً واسعاً لمنتجات البروبتِك (التقنيات العقارية) التي تقدم حلولاً رقمية متقدمة في إدارة الأصول والتخطيط العمراني. كانت المشاريع السيادية الضخمة مثل "نيوم" و"القدية" و"الدرعية" بمثابة جوهرة التاج في المعرض. حيث أعلنت الشركة الوطنية للإسكان عن مشاريع بقيمة تتجاوز 26 مليار دولار، بينما كشفت مؤسسة حديقة الملك سلمان عن مشاريع تطويرية جديدة بقيمة مليار دولار، مما يسلط الضوء على كيفية تحول هذه الأحلام إلى واقع يُبنى بسرعة قياسية. كشف معالي الوزير الحقيل عن أن مساهمة أنشطة التشييد والبناء والعقار بلغت 13.8% من الناتج المحلي الإجمالي حتى الربع الثاني من 2025، كما يمثل القطاع 15.5% من إجمالي الوظائف في المملكة. واللافت أن سياسة الانفتاح لم تتعارض مع دعم المواطن، حيث ارتفعت نسبة تملك السعوديين للمسكن إلى أكثر من 65% بنهاية 2024، بفضل نمو التمويل العقاري الذي بلغ حجمه 960 مليار ريال. جاء نجاح المعرض نتيجة شراكة استراتيجية بين وزارة البلديات والإسكان والهيئة العامة للعقار وبرنامج الإسكان -أحد برامج رؤية 2030-، مما يعكس تكامل الجهود لتحقيق المستهدفات الوطنية. بختام فعاليات سيتي سكيب العالمي 2025، يكون المعرض قد نجح في ترجمة الرؤية السعودية الطموحة إلى واقع ملموس، حيث تحول التطور العمراني في المملكة من مجرد مشاريع بناء إلى "صناعة مدن لأجيال المستقبل". إن هذا النجاح ليس نقطة نهاية، بل محطة انطلاق نحو آفاق أوسع، تثبت من خلالها المملكة أنها قادرة على تقديم نموذج عالمي فريد في تحويل الرؤى الاقتصادية والتنموية الطموحة إلى واقع ملموس يصنع المستقبل.