ليلى بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب الأخيليّة، شاعرة عربية من بني عقيل من عامر بن صعصعة من هوازن، توفيت سنة (80ه)، وإذا ذُكِرتْ النساء الشواعر انصرف الذهن إليها مع (الخرنق بنت بدر 50ق.ه)، و(الخنساء 24ه)، و(ولادة بنت المستكفي 484ه)، وغيرهن. عاشت ليلى الأخيلية في عصر صدر الإسلام، والعصر الأموي، وكانت كما تذكر كتب التراجم: «شاعرة فصيحة، ذكية، جميلة. اشتهرت بأخبارها مع توبة بن الحمير». وتوبة هذا هو توبة بن الحمير بن حزم بن خفاجة العقيلي العامري، شاعر كان يحب ليلى الأخيلية، وكانت تحبه، كما يتضح من شعرها، غير أنه حينما طلبها من والدها رفضه والدها لاشتهار حبهما، وهو ما زاد في ذيوع صيتهما، ولا سيما أنهما شاعران، فانتشر ذكرهما، ورثته ليلى بغير قصيدة. كانت ليلى معروفة لدى كثير من أهل عصرها، بل إنها عُرفت عند بعض الأمراء والخلفاء في زمنها، فحظيت بمكانة لائقة، واحترام كبير، وكانت تنشدهم من شعرها، وربما نالت شيئاً مما كان يُمنح للشعراء، كما كان بعض الشعراء يحتكمون إليها، وكانت تفاضل بينهم، ومن هنا ندرك حسّها النقدي، على نحو ما اتسمت به الخنساء من بعض آراء نقدية مع شاعريتها. كما تميزت ليلى الأخيلية بنثرها الفني الرائق، قالت ذات يوم تصف توبة: «سبط البنان، حديد اللسان، شجي للأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر». ووفدت على الحجاج بن يوسف مرات، فكان يكرمها، ويقربها. ويرى بعض النقاد أن طبقتها في الشعر تلي طبقة الخنساء، وكانت بينها وبين النابغة الجعدي مهاجاة. ومراثيها المتنوعة من أجود شعرها، ومن جميل الشعر العربي. نالت حظّاً طيباً من الاهتمام الأدبي، والعلمي، والنقدي، فأُفردت لها بعض المؤلفات من قبيل: (نزهة السامر في أخبار ليلى الأخيلية) لابن المبرد الحنبلي (909ه)، و(ديوان شعرها) بتحقيق خليل إبراهيم العطية، وجليل العطية، و(ديوان شعرها) بتحقيق الدكتور واضح الصمد، و(أميرة شواعر العرب) للدكتور سعد بوفلاقة، إضافة إلى دراسات نقدية أخرى، ك (شعر ليلى الأخيلية) دراسة فنية، لخديجة عامر. وغيرها من الدراسات. لكن ليلى التي عُرفت بأنها شاعرة غزل، كانت شاعرة زاهدة، ومن يتأمل في ديوان شعرها يجد كثيراً من المعاني التي تدل على صبرها وزهدها، كإشارتها إلى فكرة الفراق المؤقت، والفراق النهائي، تقول مثلاً: «لعمرك ما الهجران أن تشحط النوى ... ولكنما الهجران ما غيّب القبرُ»، وتقول في أخرى: «لعمرك ما بالموت عار على الفتى ... إذا لم تصبه في الحياة المعاير = وما أحد حي وإن عاش سالما ... بأخلد ممن غيبته المقابر = وكل شباب أو جديد إلى بلى ... وكل امرئٍ يوما إلى الله صائر = وكلّ قرينَي إلفة لتفرّقٍ ... شتاتاً وإن ضَنّا وطال التعاشر»، وتقول أيضاً مركّزةً على التفريق بين الفراقين: (المؤقت، والنهائي): «فإنّكَ قد فَارَقْتَهُ لك عَاذِرا ... وأنّى لحيٍّ عُذرُ مَن في المقابر»، ومثله: «فيا تَوبُ ما في العيشِ خيرٌ ولا نَدى ... يُعدُّ وقد أَمسَيتَ في تُرْبِ نَفْنَفِ». بل إن في شعرها الغزلي معاني ساميةً كثيرة، تنمّ عن الشرف، والعفة، والحياء، والوفاء، فمن ذلك قولها: «وذي حاجة قلنا له لا تبح بها ... فليس إليها ما حييت سبيل = لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ... وأنت لأخرى فارغ وحليل = تخالك تهوى غيرها فكأنها ... لها من تظنيها عليك دليل». ومثل تلك المعاني الرقيقة كثيرة في شعرها.