تهتم دول العالم بسلاسل الإمداد بوصفها مجالًا حيويًا لأمنها الوطني، إذ يُشكل تدفق إمدادات الغذاء والدواء والطاقة شرطًا أساسيًا لتحقيق الأمن الوطني لأي دولة، وركيزةً لضمان استقرارها الداخلي، واستقلالها عن الدول بما يضمن عدم تعرضها للابتزاز الاقتصادي أو السياسي. تطورت إدارة سلاسل الإمداد (Supply Chain Management) حتى تجاوزت عملياتها استخدام الطرق التقليدية المعروفة، إلى استخدام العديد من التقنيات الدقيقة، وهو ما يعرف اليوم ب"سلاسل الإمداد الذكية"، التي زادت من كفاءة عمليات الإمداد وسرعت وتيرة إنجازها والقدرة على ضبط مراحلها، التي تشمل العديد من الخطوات ومن أهمها: التخطيط، التواصل، الشراء، الصناعة، النقل، التخزين، والتوزيع، وخدمات العملاء. وفي المملكة تحقق الكثير من النجاحات في مجال سلاسل الإمداد، وذلك من خلال إعداد مئات البرامج والمبادرات الرائدة، وخاصة ما تضمنته رؤية 2030، ومنها المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، وهدفها تعزيز مكانة المملكة لتكون مركزًا عالميًا فاعلًا في سلاسل الإمداد على المستوى الدولي. وذلك انطلاقًا من قوة الاقتصاد السعودي الكبير والمزدهر، الذي يحتل موقع الصدارة في الوطن العربي، ويعد واحدًا من بين العشرين الكبار على مستوى الاقتصاد العالمي. مدعومًا بموقع المملكة الجغرافي الإستراتيجي، الأمر الذي يؤهلها لتكون منطقة تواصلٍ بين عشرات الدول. يضاف إلى ذلك سياستها المرنة القائمة على التواصل مع دول العالم كافة، وبناء علاقات الصداقة والتعاون بما يحقق المصلحة للجميع. ومما تضمنته رؤية السعودية 2030 في هذا الجانب الحيوي والأساسي لنهوض واستقرار أي دولة، هو ما تم إنجازه من عملٍ مميزٍ ومتواصلٍ لإعداد وتوظيف الكثير من الكوادر الوطنية في مختلف التخصصات؛ وذلك لضمان الإشراف والتنفيذ المستمر لعمليات سلاسل الإمداد وفق أعلى المعايير وأكثرها أمانًا. يأتي ذلك إدراكًا من القيادة السعودية لأهمية وخصوصية هذا المجال، وحتى لا يكون ورقةً للضغط الاقتصادي أو السياسي من أي طرف، خاصةً في أوقات الأزمات. لا شك أن توظيف شباب الوطن في المجالات كافة، وبخاصةٍ في مجال سلاسل الإمداد، يعد ضرورةً استراتيجية وليست خيارًا يمكن تأجيله أو التباطؤ فيه، بل عملًا وطنيًا ينتظر كل محبٍ لبلاده ومجتمعه، أن يرى اكتمال إدارته والإشراف على جميع مراحله ومرافقه، وسائر عملياته تحت أنظار شبابنا المخلصين والمتطلعين لكل ما يخدم قيادتهم وشعبهم، ويُسهم في تحقيق المكانة المرسومة لمستقبل السعودية العظمى. * كاتب ومستشار إعلامي د. محمد بن عبد الله البقمي