في فصل الصيف يحرص الكثير من الناس على السفر والترحال، منطلقين إلى أقاصي الأرض وذلك طلباً للراحة والاستجمام وقضاء أوقات لا يريدون نسيانها، وكثيرًا ما تكون أهم الوجهات التي يسافر إليها الناس تحتوي على مناظر طبيعية وأجواء باردة ليتخففوا من الحر اللاهب الذي كانوا يعايشونه في بلدانهم، وكم هو جميل لو كان ذلك المكان السياحي يحتوي على مسطحات مائية كالبحيرات مثلاً أو البحار أوالمحيطات، حيث إن امتزاج لون الطبيعة المخضر بلون البحر الأزرق الصافي يعطي شكلاً ومنظراً أكثر بهاء، ولنتحدث عن البحر فقد خصصت موضوع هذه المقالة للتأمل فيه، فهذا البحر المعروف بكبره والذي يكون موضع التشبيه غالباً بالشيء الكبير، فعندما نرى بيتاً أو مدينة كبيرة نقولها أنها كالبحر، هذا البحر كم أعطى لساكنيه الشيء الكبير، فالبحر قد أمن لساكنيه موارد عيشهم بفضل الله، نظراً لما يحتويه من أنواع المأكولات البحرية ومن أهمها السمك الذي يعتبر الطبق المفضل لكثيرين حول العالم، وأيضاً يحتوي البحر على الأحجار الكريمة كاللؤلؤ الذي كان أحد الموارد التجارية لدول الخليج سابقاً، بالإضافة إلى ذلك فقد كان هذا البحر سبباً في تغيير نظريات واعتقادات قد آمن بها الكثير من الناس ثم تبين خطؤها، فقد كان يُعتقد أن الأرض ليست كروية ثم أُثبتت كرويتها عندما قام البحارة أثناء عصور الاستكشافات الجغرافية بالدوران حول الأرض وذلك عن طريق البحار والمحيطات، وأعني بذلك البحار البرتغالي ماجلان الذي اكتشف أن الأرض كروية عندما انطلق من شبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا والبرتغال) بإتجاه الغرب، فوجد نفسه قد وصل إلى جزر الفلبين وهي شرقي الكرة الأرضية، ومما أعطى البحر لساكنيه تلك المكانة القوية التي جعلت دول البحار والمحيطات صاحب القوة والسلطنة قديماً، فمثلاً كانت البرتغال أقوى دولة بحرية في العالم نظراً لبروز العديد من البحارة، وأيضا لوجودها على ساحل المحيط الأطلسي، كذلك تُذكر تلك الدولة العربية القوية وأقصد سلطنة عمان، التي برز فيها البحارة كالبحار المسلم ابن ماجد والملقب (أسد البحار)، فقد كانت قبل بضعة قرون امبراطورية تمتد أملاكها من سلطنة عمان وبعض الإمارات القريبة منها إلى شرقي إفريقيا وتحديداً في تنزانيا والتي كانت أشهر مدنها زنجبار، ومن المعلوم أن سلطنة عمان تطل على بحار شاسعة وسواحل طويلة فهي تطل على بحر العرب والخليج العربي وخليج عمان، ومما أعطى البحر لساكنيه تلك الثروات الكبيرة المستخرجة من باطن الأرض، وأعني ما يُعرف بالذهب الأسود وما نسميه دائماً (البترول)، وأشهر مثال لما أعنيه هي دول الخليج العربي التي تعتبر من أغنى الدول إنتاجاً للنفط والغاز المصاحب في العالم، وهناك حقول نفطية بحرية معروفة مثل حقل السفانية في المملكة العربية السعودية، وكذلك حقل الجليعة في الكويت والذي تم اكتشافه مؤخراً، والبحار توجد بها طاقة هائلة وهي طاقة الأمواج، فالعديد من الدول بدأت في الاستثمار في هذه الطاقة وإقامة مشاريع لإنتاج الطاقة من الأمواج تساعد على توليد الكهرباء، وهناك العديد من الدول التي قامت بتنفيذ تلك المشاريع، وقد يرى البعض أنه وكما أن البحر أعطى لساكنيه تلك المزايا والتي قد لا تكون موجودة في الأماكن غير الساحلية فقد أعطى البحر ذلك الجو المشبع ببخار الماء وأقصد الرطوبة والتي يصعب التكيف معها خصوصاً في الأجواء الحارة، وتحديداً هذا الشهر وأقصد شهر أغسطس، ولكن ما أعطانا البحر من المنافع كان كثيراً بفضل الله، وختاماً نقول: الحمد لله على نعمة وجود البحار. م. مصعب الداود