حين تحدث جيري إنزيريلو، الرئيس التنفيذي لمجموعة الدرعية، أثناء عرض فيلم الوجهة، أكد أن اهتمام سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لا يقتصر على تحسين جودة حياة السعوديين، بل يتجاوز ذلك ليشمل جودة حياة الإنسان على مستوى العالم. رؤية تتجاوز الحدود، وتركّز على بناء مستقبل أكثر توازنًا بين الإنسان والبيئة. هذا التوجه تجسّد بوضوح في مشروع "ذا لاين" بمدينة نيوم، الذي صُمم ليكون نموذجًا حضاريًا متقدمًا، يُعلي من قيمة الإنسان والطبيعة، ويبتعد عن الضجيج والتلوث والازدحام الذي أصبح سمة المدن التقليدية. ولي العهد أوضح أن المدن الحالية تستهلك أعمار الناس في التنقل، بينما يواجه العالم تهديدات خطيرة مثل احتمالية تشريد مليار إنسان بسبب تغيّر المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر. وتشير الأرقام إلى أن 90 ٪ من سكان العالم يتنفسون هواءً ملوثًا، وهناك 7 ملايين وفاة سنويًا بسبب التلوث، إضافة إلى مليون وفاة نتيجة حوادث المرور. "ذا لاين" ليست مدينة خيال، بل استجابة واقعية لهذه التحديات؛ فهي تحافظ على 95 ٪ من الطبيعة، وتُلغى فيها الشوارع والسيارات والانبعاثات الكربونية، وتمنح السكان إمكانية الوصول إلى كل احتياجاتهم اليومية خلال خمس دقائق فقط، مع القدرة على التنقل من أقصى نقطة إلى أخرى خلال 20 دقيقة، وكل ذلك باستخدام طاقة متجددة بنسبة 100 ٪. إنها مدينة صُممت لتجعل حياة الإنسان أسهل، وأطول، وأكثر صحة. الرؤية التي يقودها الأمير محمد بن سلمان لا تتوقف عند حدود المدن الذكية، بل تمتد إلى الاستثمار في العقول. تأسيس كلية الأمير محمد بن سلمان لريادة الأعمال جاء ترجمة لهذه الرؤية، بهدف تخريج جيل من الرياديين والمبتكرين القادرين على إحداث فارق حقيقي في مجتمعاتهم، والمساهمة في حلول عالمية لحياة أفضل. ولم يكن إيلون ماسك ببعيد عن هذا الاتجاه، فقد أشار في لقاء تلفزيوني إلى أن الابتكار في تحلية المياه لم يعد عائقًا، داعيًا إلى إنجاب مزيد من الأطفال دون القلق من الموارد. السعودية خير مثال؛ إذ أصبحت أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، بطاقة تفوق 6.6 ملايين متر مكعب يوميًا، باستخدام أقل كميات من الطاقة عالميًا. لم تُعلن المملكة عن حجم ما أنفقته للوصول إلى هذه الابتكارات، لكن المؤكد أنها استقطبت عقولًا من مختلف أنحاء العالم، ساهمت في إنجازات علمية تخدم البشرية، وستنقل خبراتها لاحقًا إلى بلدانها. وهذا بحد ذاته يُعد استثمارًا إنسانيًا يعود بالنفع على العالم أجمع. ولأن جودة الحياة لا تكتمل بدون صحة، أطلقت السعودية في عام 2018 مؤسسة "هيفولوشن"، وهي منظمة سعودية غير ربحية تُعد اليوم أكبر جهة تمويل غير ربحية عالميًا في مجال أبحاث إطالة العمر الصحي. لا تسعى المؤسسة لأن يعيش الإنسان حتى المئة، بل أن يعيش سنوات عمره بصحة وعافية. وتسعى إلى تسريع الابتكارات في علم الشيخوخة والتقنيات الحيوية، لتطوير علاجات متقدمة تكون متاحة للجميع، وبتكلفة في متناول اليد. ما تفعله السعودية اليوم هو أكثر من تنمية، وأكثر من مشاريع ضخمة، إنه استثمار طويل الأمد في الإنسان، أينما كان، من أجل أن يحيا حياة أفضل على هذا الكوكب المشترك.