باشرت رؤية 2030 عبر العديد من البرامج والمبادرات المؤثرة كل ما يلزم لجلب وتوطين قطاع صناعة السيارات وأجزائها بالسعودية، سعياً منها لتعزيز الأمن القومي وتحقيق المرونة الاقتصادية، والحصول على قيمة جديدة، فوضعت اللبنات المناسبة لخلق بيئة مواتية للنمو المستدام ليتضاعف حجم الاستثمار في هذا القطاع الحيوي الذي يتوقع نموه بمعدل 12 ٪ بحلول عام 2030، حيث تشير بعض التقارير والبيانات الرسمية إلى عزم صندوق الاستثمارات العامة على استثمار ما لا يقل عن 35 مليار دولار لتطوير صناعة السيارات الكهربائية حتى عام 2030، موزعة بنسبة 50 % للتصنيع، و25 % للبطاريات، و25 % للرقائق وقطع الغيار، وتوطين صناعة السيارات، كما يلاحظ تنامياً بالدعم الحكومي والإنفاق في المملكة على تطوير مصانع التجميع، سعياً لتحويلها لصناعة وعلى التوسع في تأهيل العمالة المتخصصة وتوفير القوى العاملة الماهرة وإنشاء مراكز التدريب والبحث التي يحتاجها القطاع إضافة إلى استكمال البنية الصناعية الأساسية القادرة على جذب المزيد من الاستثمارات الصناعية في صناعة السيارات من داخل المملكة وخارجها. سوق السيارات في المملكة ويأتي تصدر سوق السيارات في المملكة لسلم الترتيب في المنطقة بحصة تبلغ 37 % في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا داعماً ومحفزاً لنجاح ما تصبو إليه استراتيجية الرؤية لتوطين هذه الصناعة وتحقيق الاكتفاء المحلي وجعل المملكة مركزاً محورياً لصناعة السيارات في المنطقة، ورائدة في الحلول المبتكرة لصناعة مركبات صديقة للبيئة بشكل خاص حيث تستهدف السعودية إنتاج ما لا يقل عن 500 ألف سيارة محلية بحلول عام 2035، في حين تستورد السعودية حالياً أكثر من 800 ألف سيارة سنوياً، وهو ما يدلل على حجم سوق تقدره بعض الدراسات الحديثة بما يتجاوز 40 مليار ريال سنويا، إضافة إلى قطاع الخدمات الذي يشمل قطع الغيار والصيانة وهو نشاط ضخم حسب ما تشير إليه بعض التقارير التي تقدر حجم الاستثمار في قطع غيار ومحركات المركبات، بحوالي 2.9 مليار ريال، في ظل تجاوز عدد المصانع المسجَّلة بالمملكة لذلك النشاط ل194 مصنعاً متخصصة في إنتاج وصناعة قطع غيار السيارات 77 مصنعاً منها في منطقة الرياض بينما تأتي المنطقة الشرقية في المرتبة الثانية ب51 مصنعاً، ومكة المكرمة 46 مصنعاً، فيما يتوزع باقي المصانع على مختلف مناطق المملكة. مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات ويعكس العمل المتسارع الذي يتم في مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وهو أول مركز أساسي متكامل للصناعات المرتبطة بقطاع السيارات وحلول مستقبل النقل المستدام بالمملكة التصميم على بلوغ وتحقيق مستهدفات الرؤية بالنسبة لقطاع السيارات حيث ينتظر إسهام هذا المجمع المتكامل في دعم الصناعة المحلية، وزيادة صادرات المملكة إقليمياً وعالمياً، وتعزيز التنمية المناطقية، وتوفير بيئة داعمة وحوافز استثمارية لصنع فرص للقطاع الخاص كشريك ومورّد ومستثمر في قطاع السيارات والخدمات المرافقة، ويضم "مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات" العديد من المشاريع المشتركة لصندوق الاستثمارات العامة مع المصنعين العالميين منها، "شركة هيونداي الشرق الأوسط لصناعة المحركات" بالتعاون مع شركة "هيونداي موتور" لإنشاء مصنع عالي الأتمتة لتصنيع السيارات بالمملكة، واتفاقية المشروع المشترك مع شركة "بيريللي" "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للإطارات" لتأسيس مصنع للإطارات في المملكة. وخلال فترة وجيزة نجحت المملكة في توطين عمليات أكثر من أربع شركات رائدة لتصنيع المعدات الأصلية (OEMs)، وسبعة موردين رئيسين، مما قلل الاعتماد على الواردات وعزز سلسلة التوريد المحلية. وأطلقت شركة سير للسيارات، أول علامة تجارية وطنية للسيارات وهي "سير" في نوفمبر 2022، من خلال شراكة بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة هون هاي للصناعات الدقيقة (فوكسكون)، وتعمل "سير" على تطوير مجموعة مبتكرة من المركبات الكهربائية التي تركز على التنقل الإلكتروني، والاتصال، وتقنيات القيادة الذاتية، مما يعكس تركيز المملكة على التنقل المتطور والمستدام، ومن المتوقع أن تجذب "سير"، التي تُصمّم وتُصنّع سيارتها بالكامل داخل المملكة، استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 150 مليون دولار، وأن تصل مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي السعودي، بشكل مباشر، إلى 30 مليار ريال (نحو 8 مليارات دولار)، مع توفيرها ل30 ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر بحلول عام 2034، وفق بيان تأسيسها. كما بدأت لوسيد عمليات التجميع في عام 2023 وأقامت مصنعًا محليًّا في المملكة، وهو أحد أكبر الاستثمارات الأمريكية من قبل صندوق الاستثمارات العامة، كما أوجدت لوسيد تغييرات جذرية في سوق المركبات الكهربائية العالمية، مع خطط للوصول إلى إنتاج يصل إلى 150,000 سيارة سنويًّا في المملكة، مما يعزز مكانة السعودية مركزًا عالميًّا لصناعة المركبات الكهربائية. تصنيع سيارات متطورة في المملكة ونجحت وزارة الصناعة والثروة المعدنية، بالتعاون مع صندوق الاستثمارات العامة، في جذب شركة هيونداي موتور لإنشاء مصنع تصنيع سيارات متطور في المملكة، تبلغ قيمة الاستثمار الإجمالي أكثر من 500 مليون دولار، وستُنتج المنشأة 50,000 مركبة سنويًّا، تشمل المركبات الكهربائية ومحركات الاحتراق الداخلي، مما يعزز قدرات التصنيع المحلية بشكل كبير. وأطلق صندوق الاستثمارات العامة الذي تضم محفظته الاستثمارية العديد من الاستثمارات بالشراكة مع القطاع الخاص، لتعزيز البنية التحتية ودعم تطوير قدرات سلاسل الإمداد المحلية، بالشراكة مع الشركة السعودية للكهرباء، شركة "إيفيك" التي تستهدف إنشاء شبكة من نقاط الشحن السريع، يصل عددها إلى 5 آلاف شاحن للسيارات الكهربائية بحلول 2030، موزعة على أكثر من ألف محطة في المملكة. كما تم بالفعل سابقاً إنشاء سلسلة من محطات الخدمة المخصصة للسيارات الكهربائية، من قبل "إليكترومين"، وهي شركة حلول التنقل الإلكتروني المتكاملة والمملوكة بالكامل لشركة "بترومين" بلغ عددها 12 محطة، وسيصل ذلك العدد إلى 40 خلال عامين، وجاري التوسع في تأسيس شبكة من نقاط شواحن التيار المتردد". وأعلنت شركات عالمية عن عزمها على ضخ استثمارات ضخمة بقطاع السيارات الكهربائية بالمملكة، عبر تشييد وإنشاء محطات شحن ومراكز خدمة وصيانة، خصوصاً أن التوقعات بوصول عدد المركبات التي تعمل بالبطاريات في المملكة إلى 400 ألف بحلول عام 2030. الأكاديمية الوطنية للسيارات والمركبات ولأن نقص القوى العاملة الماهرة، معوق يقف أمام هذا الطموح الكبير كان الالتفات له من أولويات الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي أطلقت العديد من الاستثمارات والمبادرات القطاعية لتذليل مختلف العقبات وتطوير قطاع السيارات لخلق فرص عمل للسعوديين والمساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي، وكان إنشاء الأكاديمية الوطنية للسيارات والمركبات (NAVA) خطوة محورية في تجهيز القوى العاملة السعودية بمهارات متقدمة في تصنيع المركبات الكهربائية والتقنيات الحديثة في صناعة السيارات، حيث تشكل القوى العاملة الماهرة عنصرًا أساسيًّا في تحقيق طموحات المملكة في قطاع السيارات، وللتغلب على نقص المواهب المحلية المؤهلة، أطلقت وزارة الصناعة والثروة المعدنية العديد من المبادرات منها: برامج تدريب متخصصة ومنح دراسية من خلال الأكاديمية الوطنية للسيارات (NAVA) وبالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للصناعة، وتوفر المملكة تدريبًا متقدمًا في تصنيع المركبات الكهربائية والتقنيات الحديثة-، كذلك أطلقت برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث: بالتعاون مع الجامعات العالمية الرائدة، حيث تستثمر المملكة وتفتح الباب للمستثمرين في كل نشاط يدعم تعليم المواهب المحلية في تخصصات متعلقة بصناعة السيارات ومن ذلك برنامج تنمية القدرات البشرية الذي يعمل كجزء من رؤية 2030، ويركز هذا البرنامج على بناء قوة عمل وطنية مستدامة تلبي متطلبات صناعة السيارات المتنامية، وقد أعلنت الأكاديمية الوطنية لصناعة السيارات والمركبات مؤخراً عن إطلاق "معجم مصطلحات تصنيع السيارات الكهربائية وصيانتها"، وذلك ضمن شراكة استراتيجية مع وزارة الصناعة والثروة المعدنية ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، بهدف تطوير وتعزيز المحتوى العربي التقني في قطاع المركبات.