الأداء الذي أذهَلَ به الهلال العالم أمام ريال مدريد في افتتاح مواجهات الفريقين في كأس العالم للأندية 2025 المقامة حاليًا في أميركا كان مُشرِّفًا بغض النظر عن النتيجة التي كان الهلال من وجهة نظر الكثيرين وبشهادات جاءت من الخارج يستحق أن يخرج بأفضل منها. الهلال لم يتعادل مع أعظم فريق في العالم وحسب، ولم يقاسمه السيطرة في بعض فترات المباراة وحسب؛ بل تفوق عليه تفوقًا واضحًا وكاسحًا في الشوط الأول بأكمله، واستحوذ بنسبة 56% وبتسديدات وصلت إلى 11 تسديدة مقابل 5 تسديدات لريال مدريد، و5 ركنيات مقابل لا شيء للمرينغي الذي تفوق قيمة لاعبيه السوقية قيمة لاعبي الهلال 10 مرات!. يحدث هذا في ظل حالة بدنية صعبة للهلال، وفي نهاية موسم كارثي بدنيًا بدليل اضطرار مدربه الجديد انزاغي لإخراج اثنين من أبرز عناصره (كانسيلو ومالكوم) في الدقيقة 64، ويحدث هذا في ظل غياب مهاجمه الأساسي متروفيتش، ويحدث هذا في ظل عدم تدعيم الفريق بأي صفقة أجنبية قبل البطولة بعكس خصمه الذي أضاف إلى كتيبته المليارية 3 صفقات جديدة قبل المونديال على رأسهم الإنجليزي ارنولد القادم من ليفربول، والأسباني هويسين مدافع بورنموث، وماستانتونو نجم ريفر بليت الأرجنتيني، مع استعادة نجميه المعارين رودريجيز وجيسوس، ولك أن تتخيل ماذا كان يمكن للهلال أن يفعل لو دعمت صفوفه بعنصر أو عنصرين أجنبيين، وتحديدًا في مركز الهجوم، وماذا كان يمكن أن يفعل بالفرص الثلاث المحققة التي أهدرها مهاجمه الصغير ماركوس ليوناردو؟!. الهلال فعل ما فعله أمام ريال مدريد بقائمة مكونة من 3 لاعبين سعوديين و8 عناصر أجنبية سيستغني بالتأكيد عن بعضهم بعد كأس العالم؛ وكان من المستحيل عند كثيرين أن يفعل الهلال ما فعله بهذه العناصر وبهذه الظروف والمعطيات؛ لكنه الهلال وعلاقته التاريخية بالمستحيل، وقاموسه الذي لا يعترف بالمنطق الكروي، وقد فعل ما يشبه ذلك أمام تشيلسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية 2022، حين قدم مباراة تاريخية أشاد بها السويسري ايفانتينو رئيس الفيفا، واستشهد بها في اجتماع كونجرس الفيفا على تطور الكرة السعودية!. شهادة ايفانتينو تبعتها شهادات وإشادات كثيرة بالهلال كمُنتج كروي عالمي تقدمه المملكة العربية السعودية للعالم، والأداء التاريخي الذي قدمه الأربعاء الماضي أمام ريال مدريد أجبر الملايين من عشاق ومتابعي كرة القدم في العالم على إنصاف الهلال (السعودي)، وأجبر كثيرًا من المتسرعين والمغيبين في أوروبا والعالم كله على إعادة النظر في قناعاتهم السابقة والمسبقة والصورة المجحفة التي رسموها عن الدوري السعودي وقوته وقدرته على أن يكون منتجًا عالميًا. الهلال العالمي الذي صُنِعَ بكل فخر في السعودية ليس بحاجة لأن ينتظر الإنصاف أو الاعتراف من مشجعين متعصبين أعماهم تعصبهم عن رؤية الحقيقة، وأخرسهم عن كلمة الحق، ولا ممن يسمون (مجازًا) أو (مزاجًا) بالإعلاميين الذين أصابوا المهنة بالمهانة، ولا من مراسلين أضاعوا رسالتهم، فالشهادة بفخر الوطن وإنصافه وإعطائه قدره تأتي من شخصيات كروية عالمية أبرزها رئيس الفيفا، وآخرها ما قاله تشابي الونسو عن الهلال بعد المباراة، ويكفي الهلال اعتزاز القيادة وتقديرها لما يقدمه من صورة مشرفة عن رياضة الوطن كما جاء في حديث الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية قبل المباراة، وإشادة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة بالظهور المشرف للهلال أمام ريال مدريد. يبقى التأكيد على حقيقة أجزم بأنَّ لاعبي الهلال ومدربه يدركونها، وهم لا يحتاجون للتذكير بأنَّ الطموح بعد هذا المستوى المشرف بات أكثر، والمسؤولية باتت أكبر، وأنَّ الوضع لا يقبل أي ارتخاء ولا استرخاء أمام سالزبورغ النمساوي الذي يتميز بحيوية شبابه ومتوسط أعمار لاعبيه البالغ 22 سنة، فالخسارة لا سمح الله تعني مغادرة البطولة مبكرًا، والفوز بإذن الله يعني التأهل بنسبة كبيرة، وأنَّ احترام الخصم والقتال إلى آخر ثانية هو الطريق الأضمن لتأهل مبكر ومريح.