حجاج المدينة.. وداع يفيض شكراً للمملكة

طوى حجاج بيت الله الحرام أجمل أيام العمر بأدائهم ركن الإسلام الأعظم، في مشهدٍ يفيض روحانية وامتنانا للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، وتتابع تدفق قوافل الحجيج تجاه المنافذ للمغادرة إلى بلدانهم، بينما شهدت المدينة المنورة انطلاقة الموسم الثاني مستقبلة آلاف الحجيج القادمين لزيارة المسجد النبوي الشريف، والصلاة في الروضة الشريفة، والسلام على النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم وخليفتيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضوان الله عليهما وذلك قبل مغادرتهم لديارهم، لقد كانت الرحلة الإيمانية أكثر من مجرد أداء فريضة، بل تجربة روحانية متكاملة امتزج فيها الإيمان بالتأمل، والدعاء بالدموع، والسكينة بالشكر، فمنذ لحظة وصولهم إلى أرض الحرمين الشريفين، كان في استقبالهم حضن دافئ من كرم الضيافة، وخدمات ورعاية متميزة عكست أعلى مستويات التنظيم والاهتمام تأكيد على حرص المملكة على توفير أجواء إيمانية آمنة وميسرة للحجاج لتكون رحلة العمر رحلة سلام وسهولة وطمأنينة.
دموع الامتنان
ويشهد مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة بعد انتهاء مناسك الحج تدفق الحجاج المغادرين إلى بلدانهم، وقد حملت أعينهم دموع الامتنان وقلوبهم دعوات لا تنقطع، غادروا بعد أن زاروا أطهر البقاع، ووقفوا عند مواطن نزول الوحي، وتفيؤوا في رحاب النبوة، وتشاركوا في برامج ثقافية وعلمية زادتهم علماً وبصيرة، وجالوا في معالم حضارية تحكي قصة المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة وتاريخهما العريق، تستمر رحلات المغادرة ووداع أشرف البقاع، لكن الحكاية لا تنتهي عند ذلك، بل تبدأ من جديد في أوطانهم، حيث سيحمل كل حاج قصته، يرويها لأهله وأحبابه، عن كرم المملكة العربية السعودية، وعظمة المشاريع والخدمات، وعن الأيادي البيضاء التي لازمتهم لتوفر لهم الراحة والطمأنينة، وفي كلمات ملؤها الامتنان، عبر حجاج بيت الله الحرام وهم يهمون بمغادرة الديار المقدسة عن شكرهم العميق لقيادة المملكة العربية السعودية التي يسرت لهم أداء الفريضة والزيارة، وسهلت عليهم أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، مقدمين تحية من القلب لكل الجهات الحكومية والأهلية والتطوعية التي بذلت جهودا كبرى في سبيل راحتهم، والتي جعلت من الضيافة عبادة، ومن الخدمة شرفاً.
عناية شاملة
بين جنبات المسجد النبوي الشريف، وفي أروقة المدينة المنورة التي تستحضر عبق النبوة وتاريخ الرسالة، اختتمت الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية موسم حج استثنائي وسط إشادة واسعة من ضيوف الرحمن الذين لمسوا عناية شاملة وخدمات نوعية منذ لحظة وصولهم إلى المدينة المنورة وحتى مغادرتهم إلى أوطانهم بعد أداء الركن الخامس من أركان الإسلام, وفي مشهد إنساني مهيب، بدأت المديرية العامة للجوازات في المدينة المنورة إنهاء إجراءات مغادرة الحجاج من خلال مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي، بعد أداء المناسك وزيارة المسجد النبوي الشريف، وأكدت الجوازات جاهزيتها الكاملة لإنهاء إجراءات السفر في مختلف المنافذ الجوية والبرية والبحرية، داعية الحجاج إلى الالتزام بمواعيد المغادرة المحددة وفق التنظيمات المعتمدة، ومع استقبال طيبة الطيبة لأفواج الحجاج القادمين من مكة المكرمة، فعلت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي خطة تشغيلية واسعة تهدف إلى إثراء التجربة الروحية والمعرفية للزوار، حيث تم تجهيز الروضة الشريفة وأروقة المسجد النبوي بعناية استثنائية، تضمنت خدمات سقيا زمزم، والتعطير، وتبديل السجاد، وتوفير عربات الجولف لنقل كبار السن وذوي الإعاقة، استفاد منها أكثر من 10 آلاف حاج يومياً، كما وفرت الهيئة خدمات نوعية في مراكز الخدمة الشاملة ومرافق الضيافة الخاصة بالأطفال، وفعّلت الشاشات الرقمية لبث المحتوى التوعوي، وذلك بالتكامل مع باقي القطاعات الأمنية والصحية والخدمية، لضمان بيئة تعبّد مريحة وآمنة، وفي جانب النظافة والصحة العامة، نفذت أمانة منطقة المدينة المنورة المرحلة الثانية من خطتها التشغيلية لموسم الحج، عبر أكثر من 6,400 عامل ومشارك و825 آلية ومعدة، ركزت على النظافة العامة في الساحات والطرق والمواقع ذات الطابع الإسلامي، إلى جانب أعمال الرقابة الصحية على الأسواق التجارية ومحطات الوقود، وصيانة المرافق العامة والإنارة، وشجعت الأمانة، ضمن مبادراتها المجتمعية، مشاركة الفرق التطوعية في خدمة الحجاج، في بادرة تعكس روح العطاء المتأصلة في مجتمع المدينة، كما عززت جهودها بإطلاق رسائل توعوية مرئية ومسموعة لمساعدة الزوار على التنقل بسهولة في المدينة وضمان سلامتهم، أما وزارة التجارة، فقد كثفت جهودها الرقابية الميدانية من خلال أكثر من 5,327 زيارة تفتيشية، شملت المنطقة المركزية للمسجد النبوي، ومساجد قباء والقبلتين، ومحاور الطرق المؤدية للحرم، بالإضافة إلى الأسواق، ومراكز الذهب، ومواقع الخدمات والتموين، وهدفت هذه الحملات إلى التأكد من توافر السلع، وجودة المنتجات، والتزام المنشآت بأنظمة حماية المستهلك.
منظومة صحية
وفي إطار الاستعدادات الصحية، أعلن تجمع المدينة المنورة الصحي عن تجهيز 37 سريراً لحالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس، موزعة على عدد من المرافق الصحية داخل المدينة المنورة، من بينها مركز الصافية للرعاية العاجلة القريب من ساحات المسجد النبوي، ومستشفى الحرم، ومستشفى أحد، ومراكز الرعاية الموسمية، وقد تم تزويد هذه المواقع بأجهزة متطورة تعتمد على تقنية توزيع ضغط الهواء ورذاذ الماء لتبريد الجسم المصاب، في خطوة تعكس الاستعداد الكامل لأي طارئ صحي، كما تم تدريب أكثر من 325 كادراً صحياً للتعامل مع هذه الحالات، ما أسهم في تعزيز منظومة الاستجابة السريعة وتقديم الرعاية الفورية للحجاج، لا سيما في ظل ارتفاع درجات الحرارة هذا العام، وقد أبدى ضيوف الرحمن امتنانهم لما لمسوه من كرم الضيافة، وسلاسة التنظيم، والتفاني في تقديم الخدمة، مشيرين إلى أن لحظة دخولهم إلى المسجد النبوي والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ستظل محفورة في ذاكرتهم كأجمل اللحظات في حياتهم، وأشاد عدد من الحجاج بالعناية التي حظوا بها منذ وصولهم وحتى مغادرتهم، والتي لم تقتصر على الجوانب اللوجستية، بل شملت بعداً إنسانياً وروحياً، حيث شعروا بأنهم محل ترحيب وتكريم في كل خطوة، وتأتي هذه الجهود المتكاملة امتداداً لرؤية المملكة 2030، التي تجعل من خدمة الحجاج والمعتمرين محوراً رئيساً في برامجها، وتعزز من مكانة المدينة المنورة كوجهة إيمانية رائدة في العالم الإسلامي، ومقصداً روحياً وثقافياً يعكس أبهى صور العناية والاحترام لضيوف الرحمن.
مسجد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-
تطييب الزوار
خدمات متكاملة
تطييب المسجد النبوي
توديع الحجاج
استعدادات صحية متكاملة
افتتاح وحدات خاصة بالإجهاد الحراري