كثير من الموهوبين واللا موهوبين، ينتشرون في بطحاء وسائل التواصل الاجتماعي، لمحاولات للوصول إلى الشهرة وتحقيق آمالهم في عالم الفن.. ربما الفرص باتت كبيرة وكثيرة، عبر منصات التواصل الاجتماعي التي منحتهم فرصة، وجعلت البعض منهم يعتمد عليها بشكل أفضل. لكن هناك عدّة أسئلة تلوح في أوفق المدركين بجوانب الفن: «هل تعتمد الشهرة على الموهبة فقط؟ أم أن المنصات الرقمية أصبحت العامل الحاسم في صعود الفنانين؟». هذا السؤال يطرح نفسه بشكل أكبر في ظل التغيرات الجذرية التي يشهدها عالم الفن في السنوات الأخيرة، حيث إن الوصول لعالم الفن في متوسط القرن الماضي، يتطلب جهداً طويلاً وعملاً جاداً ومثابرة، ويعبر الفنانون عن أنفسهم عبر المسرح وتجاربهم والمشاركة في الفعاليات النادرة، وكان النجاح يعتمد على الفرص المتاحة في الساحة الفنية المحلية والدولية، كما أن فترة ستينات القرن الماضي، كانت المملكة تشهد فترة تحول ثقافي واجتماعي رائع، حيث بدأ الفن يبرز كأداة للتعبير عن الهوية الوطنية، وفي تلك الفترة الزمنية كان الفن التشكيلي والموسيقى والمسرح جزءًا من الحراك الثقافي، لكن الوصول إلى الجمهور كان محدودًا، وكان الفنانون بحاجة إلى شبكة علاقات قوية وفرص عرض محدودة للوصول إلى الشهرة، كما أن اليوم ومع ظهور منصات التواصل الاجتماعي، فقد تغيرت المعادلة بشكل واضح، حيث أصبح بإمكان أي شخص أن يعرض موهبته ويحقق شهرة في وقت قياسي، هذه المنصات الرقمية فتحت آفاقًا جديدة، وأتاحت الفرصة للمواهب الشابة للوصول إلى جمهور واسع دون الحاجة للمرور بالقنوات التقليدية، واليوم الفن السعودي، يشهد ازدهارًا كبيرًا، حيث يمكن للفنانين أن يعرضوا أعمالهم على منصات مختلفة، ويصلوا إلى جمهور عالمي، متجاوزين الحدود الجغرافية والزمانية التي كانت تقيدهم سابقًا، ورغم هذا التغير السريع، تبقى مسألة الاستمرارية والتأثير الحقيقي موضع تساؤل دائم في الأوساط الفنية، فالنجاح الذي تمنحه المنصات قد يكون لحظيًا، مرتبطًا بترندات مؤقتة وتغيرات ذوق الجمهور، بينما النجاح المتين ينبني عادةً على أساس متين من الموهبة والتطوير المستمر، على الرغم من أن المنصات الرقمية تتيح فرصًا أكبر للفنانين في اكتساب الشهرة بسرعة، إلا أن الفنان الذي يعتمد فقط على الانتشار الرقمي دون تطوير أدواته الفنية، غالبًا ما يجد صعوبة في الحفاظ على مكانته وسط المنافسة العالية، الفن الحقيقي يتطلب أكثر من مجرد ظهور عابر، إنه رحلة متواصلة من البحث عن التميز والإبداع، وبينما تساعد المنصات الرقمية على فتح الأبواب، فإن البقاء يتطلب موهبة صلبة، وعملًا متواصلًا، وقدرة على تقديم محتوى فني يتجاوز حدود اللحظة العابرة، في النهاية الفن ليس مجرد سعي وراء الشهرة، بل هو تعبير عميق عن الذات ورؤية فنية تتجاوز الزمن. عانت المواهب في العقود الماضية من التهميش والإبعاد