أمير تبوك يعزي الشيخ عبدالله الضيوفي في وفاة شقيقه    تخريج دورات للكادر النسائي بالحرس الملكي    أمير منطقة تبوك يكرم غداً المشاركين في أعمال الحج بمدينة الحجاج بمنفذ خاله عمار    أمير تبوك يستقبل مدير فرع الديوان العام للمحاسبة بالمنطقة    أسهم أوروبا تنهي خسائر دامت 5 أيام وتصعد في أول جلسات الأسبوع    بيان خليجي وتحركات سعودية لاحتواء الحرب بين إسرائيل وإيران    وزير خارجية إيران: واشنطن يمكنها وقف هجمات إسرائيل "باتصال هاتفي واحد"    سلال غذائية لحلب السورية    الأمير سعود بن نهار يطلع على سير الإختبارات في الطائف    الأهلي المصري يرفع عقوبة تريزيجيه إلى مليون جنيه    انخفاض أسعار النفط بأكثر من دولارين    أمير المنطقة الشرقية ونائبه يستقبلان إدارة نادي الخليج    رافد" تدعو أولياء الأمور للتسجيل في النقل المدرسي للعام الدراسي القادم    نائب وزير الحج والعمرة يتفقد مقارّ إقامة الحجاج الإيرانيين في مكة    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي    أمير القصيم يستقبل رئيس النيابة العامة    أمير منطقة جازان يناقش سير العمل بمطار الملك عبدالله الدولي الجديد    مسلسل شارع الأعشى يكتسح جوائز الدانة    ترتيب مجموعة منتخب السعودية في الكأس الذهبية    تجمع القصيم الصحي : اعتماد "سباهي" لثلاثة مراكز صحية    إضافة خدمة الشحن "IM2" إلى ميناء جدة الإسلامي    زراعة 31 مليون شجرة في المنطقة الشرقية    "مُتحف السّيرة النبوية" بالمدينة المنورة يُثري تجربة ضيوف الرحمن ب25 جناحًا تفاعليًا    نمو مبيعات التجزئة في الصين مايو الماضي بنسبة 6.4%    كبار السن.. ذاكرة الأمة وركيزة إنسانية تستحق الحماية    سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة: مشاركة المنتخب السعودي في الكأس الذهبية تأتي تعزيزًا لحضور المملكة الدولي وتبرز دعم القيادة لقطاع الرياضة    الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط.. خطوات جريئة وتقدم حقيقي    رياح و حرارة شديدة على اجزاء من معظم مناطق المملكة    بمتابعة مستمرة من أمير تبوك.. مدينة الحجاج بحالة عمار تواكب عودة ضيوف الرحمن إلى أوطانهم    مواسم تمضي… وحصاد ينتظر    آن الأوان أن تسمى الأمور بأسمائها في الشرق الأوسط    الضربات المتبادلة مستمرة.. إسرائيل تستهدف 80 موقعاً بطهران.. وإيران ترد بصواريخ على حيفا    رحيل الإذاعي عبدالعزيز قزان    أفراح آل حداد و اتوتا بزواج حسام    سلامة يحتفل بزفاف نجله الوليد    الهلال يستعيد كانسيلو قبل مواجهة ريال مدريد    البلجيكي برايس يقترب من قيادة النصر    وزير التعليم يكرم بن نوح لتميزه العلمي    الضيف الذي غادر بيوتنا… وماذا بقي من البركة؟    "تحت السواهي".. مسرحية تبرز المواهب الوطنية    في بطولة كأس العالم للأندية.. تشيلسي يواجه لوس أنجلوس.. وبوكا يلاقي بنفيكا    وقفات مع الحج    المفتي وأعضاء اللجنة الدائمة يستقبلون المستفتيين    "التطبيقات الذكية" تعزز التحول الرقمي في السياحة    علماء يبتكرون دواء جديداً ل" القاتل الصامت"    إيران تمدد تعليق الرحلات الجوية    مصرع 3 أشخاص جراء الفيضانات في "وست فرجينيا" الأمريكية    الكلمة حين تصير بيتا للمشاعر    تطوير الذات بين الوعي والتفكير النقدي    مدينة الحجاج بحالة عمار تواكب وداع الحجاج    الهوية الرقمية تخفي جوازات السفر قريبا    سعوديات يستوحين تصاميمهن من النخلة    باحثون يحولون الضوء إلى مادة صلبة    خطوات مدعومة علميا لنوم عميق    الكارديو أم رفع الأثقال أولا    100 دقيقة مشي تحمي الظهر    وزير الحج والعمرة يطمئن رئيس بعثة الحج الإيرانية    نائب أمير جازان يستقبل مفوض الإفتاء ومدير فرع الرئاسة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعداءٌ لا يطرقون الأبواب
نشر في الرياض يوم 26 - 04 - 2025

الخطر في هذا العصر يتسلّل في الظلام، يزحف بخفاء كأفعى، ويتوارى كعقرب سام. يتنكّر في هيئة رأي هادئ أو خبرٍ عابر، ويُبثّ من حيث نظن الأمان: من الشاشة، من المنصة، من معلومة تبدو موثوقة. يتخفّى خلف أقنعة، ويطلّ في هيئة تحليل أو تقرير، يُساق عبر قنوات خفية: من فضائيات مشبوهة ومنصات تواصل تتزيّن بالمهنية، بينما تمرّر رسائل مسمومة، وتستضيف شخصيات مهزوزة، وتمنحها ألقابًا رنّانة مثل «خبير في الدراسات الاستراتيجية»، وهم في حقيقتهم أدوات للطعن المنهجي، والتشكيك المنظّم، وزرع الأوهام التي تُفرغ الإنجاز من أثره، وتُقوّض الثقة بتهييج خادع.
وفي فضاء التواصل، تتزاحم الأصوات ويتكاثر التدليس، وتتصاعد حملات تبدأ ب(هاشتاقٍ) عابر، لكنها تُدار أحياناً بخبثٍ مدروس، يستهدف تشويش الوعي، وتحريك الانفعالات، وجرّ الرأي إلى متاهات الفتنة. في هذا المشهد، لا يكون المواطن مجرّد متلقٍّ، بل طرفاً فاعلاً في تشكيل الوعي الرقمي. فكل تفاعل غير مدروس، وكل تعليق عابر على معلومة زائفة، قد يفتح ثغرة للتضليل، ويُلبس الباطل ثوب القبول، ويجعل من صاحبه – من حيث لا يعلم – ناقلاً لأجندة خفية. ولهذا، فإن التحقّق من المعلومة، والتأمّل في سياقها، والتريّث قبل إعادة نشرها، ليست رفاهية معرفية، بل فطنة ومسؤولية وطنية.
ولا يقل خطر المحتوى المسموم عن خطر المعلومة المضلّلة، حين يُروّج له عبر حسابات مموّلة أو أعمال تتخفّى خلف البهرجة والتزييف المُفسد. ينال من القيم بألفاظ ومشاهد مبتذلة، ويشوّه الهوية والصورة الذهنية، ويُصوّر النبل وكأنه تخلّف أو عبء. وهنا يتجلّى الفارق بين نقدٍ مخلص يُقدّم التقويم، وخطابٍ يُمعن في تشويه الحسن وتقبيحه، متدثّر بأقنعة التزييف.
في وجه هذا كله، يتقدّم الوعي كحائط صدٍّ أول. إما أن يكون حاضراً فيحمي، أو غائباً فيُغري المتسلّل بالجرأة. لكنه لا يكفي أن يكون وعياً فردياً؛ لا يشتدّ أثره إلا حين يتحوّل إلى ثقافة جماعية، تقاوم وتبني، تُدرك أن صمتها ليس حياداً، بل مبادرة واعية في الاحتراس والإبلاغ.
ومع ذلك، لا يُلقى العبء كله على الأفراد؛ فالوعي لا ينمو من فراغ، بل يحتاج إلى رعاية وسقاء. بيئة حاضنة تتكامل فيها الجهود: من المناهج التعليمية التي تغرس القيم وتعزز الانتماء، وتُرسّخ التفكير النقدي لا بوصفه مهارة ثانوية، بل كأداة لتحليل الواقع وتمييز الحقيقة من الباطل؛ إلى الإعلام الوطني الذي يكشف ما يُمرَّر من خلف الستار، ويقدّم المعرفة الموثوقة في زمن الضجيج والفوضى.
وتأتي الأسرة بوصفها النواة الأولى لبناء الضمير وتعزيز المسؤولية، وترسيخ قيمة الوطن في وجدان الأبناء منذ اللحظة الأولى للوعي. أما المنابر الدينية والثقافية، والبرامج التوعوية، فهي ركيزة توعوية وواجهة فكرية، تغرس الإدراك، وتسدّ الفراغات التي تتسلّل منها رسائل التشويش، وتُثبّت الوعي بوصفه ممارسة لا تغيب.
وفي خضم هذا الواقع المربك، لا تنجو إلا الأمم التي تبني وعيها كما تبني جيوشها، وتحصّن فكرها كما تصون حدودها. وهنا يبرز النموذج السعودي، الذي يمضي بثبات وثقة نحو مستقبل مشرق وواعد، تتحقق فيه نهضة شاملة تعيد تشكيل الإنسان والمكان والاقتصاد، وتدفع بالتنمية في مختلف قطاعاتها، وتُرسّخ حضوراً فاعلاً على الساحة العالمية؛ برؤية لا تقتصر على المشاريع العملاقة والتطوير الممنهج، بل تمتد لتعزيز الأمن والاستقرار والرخاء في وجدان المواطن، واستحضار قيمة الوعي كركيزة أولى، لا لحماية المنجز فقط، بل لصناعة الغد أيضاً.
في المحصلة، الوعي ليس ترفاً ولا رفاهية فكرية. هو الحارس الذي يُفشل الخديعة قبل أن تُدس، ويُغلق الثغرة قبل أن تُرصد. ينبع من التفاصيل اليومية: من البيت إلى الشاشة، ومن الشارع إلى الكلمة. فالغفلة تفتح الباب، والنقد الواعي هو من يُنبه، والوعي هو من يصون، والنزاهة هي ضميره، والتكامل هو درعه، يحفظ تماسك الجبهة الداخلية، ويُغلق المداخل قبل أن تنفذ منها يدُ العبث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.