من بين ملايين الأصوات هنالك أصوات تتهادى إلى مسامعنا، تعزف لنا الأدب والشعر والنصوص وترسم المشهد بطريقة لا تنسى يتناغم فيها الفن والثقافة والتعبير عن الكلمة ما بين نبرة قوية وهمسة رقيقة، من شأنها أن تكسب العمل أياً كان حياه وقيمة أخرى ومن هنا برز «التعليق الصوتي» كوسيلة تعبيرية و توضيحية وأصبح التوجه الكبير لاستخدامه في كافة المجالات إضافة قوية و مؤثرة. ويعرف التعليق الصوتي بأنه فن ممارسة الأصوات بشكل احترافي، كما أنه يطلق على الشخص الذي يقرأ المقالات والكتابات إما عبر البرامج التلفزيونية، أو الدراما الإذاعية، أو للبرامج والأفلام الوثائقية أو الترويجية وكذلك أفلام الرسوم المتحركة أو الافلام المدبلجة والمناسبات والاحتفالات وشمل مختلف الاحتياجات الفنية والأدبية ومن هذا يتضح أنه يتطلب مهارات عالية. «جمانة سهيل» أحد تلك الأصوات التي نقلت لنا الكلمة بمهارة عالية وعن بدايتها تقول لنا جمانة في عام 2016 استقلت من وظيفة استنزفت وقتي وأثرت على نفسيتي وفي نفس اليوم الذي غادرت به الوظيفة تصلني رسالة جوال إعلان عن دورة تدريبية في التعليق الصوتي! استوقفتني هذه الرسالة للوهلة الأولى، ثم دفعني الفضول والحماس لتسجيل بهذه الدورة واكتشاف عالم جديد، رغم قصرة فترة التدريب! ففي نهاية اليوم الأخير منها وصلني أول عرض لعمل صوتي أتقاضى عليه أجرا، وكانت بالنسبة لي انطلاقة جيدة لبداية المشوار. وعن التحديات التي واجهتها في مشوارها تذكر جمانة في بداية الأمر قائلة تعرفين أن أعداد المعلقين قليلة فما بالك بالنساء في هذا المجال ونحن في مجتمع تؤثر به الأعراف والتقاليد الاجتماعية إضافة إلى بعد المسافات التي تفصل بيننا وبين أستوديوهات التسجيل ما دفعني لتجهيز استوديو منزلي متكامل استطعت من خلاله ممارسة شغفي وتسجيل اعمالي وحتى زملائي استفادوا من هذا الاستوديو المنزلي لتسجيل أعمالهم. وتشدد «جمانة» على أهمية التدريب والثقافة والاطلاع لمن أراد الدخول إلى عالم فن ممارسة الاصوات أو التعليق حيث يتضح ذلك جليا على أعماله الصوتية من خلال القراءة والنطق السليم للنصوص وتنوع الأداء وكيفية التحكم بالصوت ومخارج الحروف فهي أهم أدوات المعلق الناجح وعدم اتقانها يزعج السامع ويؤثر على تذوق معاني الكلمات وجمال الصوت. بالإضافة إلى تمارين الإحماء وتقصد بها القيام بعدد من جلسات التمارين الصوتية قبل قراءة النص وهذه التمارين الإحمائية تساعد على التخلص من التوتر والقلق التي قد تصيب المعلق أو المؤدي خلال التسجيل الصوتي كما انها تساعد على استرخاء الشفتين واللسان والاستعداد النفسي لبدء العمل. ودعت «جمانة» الراغبين والراغبات الدخول لهذا المجال بعدم الاستعجال في تسجيل نصوصهم الصوتية بدون تأني ومعرفة النتائج وتقييم اعمالهم وفهم وتحليل الاعمال والوقوف عند الاخطاء والتعلم منها والاستفادة من توجيهات ذوي الخبرة داعية إلى تنويع الاداء والقراءات المختلفة حتى يتكمنوا من استبصار جمال أصواتهم والمحافظة عليها. وعن أكثر الأعمال الاقرب لها، هل هو في تقديم المناسبات والاحتفالات أو في التعليق الوثائقي والإعلانات الترويجية او في سرد القصص ترى جمانه أن لكل منها رونقه ومكانته الخاصة التي تميزه ويتطلب أداء مغايراً علاوة على الظروف المحيطة بأي عمل وكلها عندي جميلة ومحببة. وأخيراً سألتها عن بعض الطقوس التي سمعت عنها للمحافظة على جمال الصوت وأداء الحبال الصوتية لدى الفنانين والمعلقين ابتسمت وقالت طقوسنا بسيطة مثل تناول مشروبك المفضل من الأعشاب قبل البدء في التسجيل فهي تساعد على مرونة وارتخاء الحبال الصوتية وتقديم الأداء بشكل أفضل.