ينص دستور الولاياتالمتحدة على أن لمجلس النواب السلطة الوحيدة في توجيه الاتهام إلى رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية ومساءلته، ولمجلس الشيوخ السلطة الوحيدة في محاكمة الرئيس وإتمام إجراءات العزل... ولكن لا يجوز إدانة أي رئيس داخل مجلس الشيوخ دون موافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين. إن سلطة الكونجرس هذه تشكل عنصرًا أساسيًا في نظام "الضبط والتوازن" داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومن خلال عملية المساءلة يوجه مجلس النواب الاتهام إلى مسؤول في الحكومة الفيدرالية بما في ذلك الرئيس ونائبه ثم يحاكمه بتهمة "الخيانة أو الرشوة أو غيرها من الجرائم الفيدرالية". في إجراءات الإقالة يوجه مجلس النواب الاتهام إلى مسؤول في الحكومة الفيدرالية من خلال الموافقة -بأغلبية الأصوات الضئيلة- على مواد الإقالة، وبعد أن يرسل مجلس النواب مواد الاتهام إلى مجلس الشيوخ، ينعقد اجتماع مجلس الشيوخ -بوصفه محكمة عليا للإقالة- للنظر في الأدلة، والاستماع إلى الشهود، والتصويت لتبرئة المسؤول المعزول أو إدانته. وتقوم لجنة من الممثلين تسمى "المديرين" بدور المدعين العامين أمام مجلس الشيوخ. في كتابه "الفيدرالية" كتب ألكسندر هاميلتون "أن المساءلة هي وسيلة للتحقيق في سلوك رجال الدولة المتهمين بانتهاك الثقة العامة". هذا هو الدور المثالي للمساءلة والمحاكمة داخل الكونجرس الأمريكي، ولكن الواقع يشكل صورة مختلفة ومشوهة انحرفت عن المقاصد التي ألهمت المشرعين الأوائل نحو إقرار عملية المساءلة في الدستور الأمريكي. لقد أصبح المشرعون داخل الكونجرس من كلا الحزبين يوظفون هذه المادة الدستورية المتعلقة بمساءلة الرئيس لتحقيق مكاسب حزبية وسياسية ،وذلك نتيجة ارتفاع حدة الاستقطاب بين الحزبين داخل المشهد السياسي في واشنطن. أصبحت عملية المساءلة داخل مجلس النواب منذ عقود من أهم وسائل تصفية الحسابات والانتقام وعرقلة قدرة الرئيس على إنجاز مهامه ومشاريعه الانتخابية، والدليل على ذلك أن العديد من رؤساء الولاياتالمتحدة تعرض للمساءلة، وعلى الرغم من ذلك لم يتم إدانة أي منهم! الرئيس جو بايدن لا يخرج عن هذا السياق بعد أن صوتت أغلبية ضئيلة من أعضاء مجلس النواب الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون هذا الأسبوع لصالح التفويض الرسمي بإجراء مساءلة بهدف عزل الرئيس بايدن. وفي هذا السياق وصف الرئيس بايدن تحقيقات العزل: "بأنها لا أساس لها من الصحة وهي حيلة، وأن الشعب الأمريكي يريد أن يعمل الكونجرس لصالحهم بدلاً من الانشغال بإجراءات المساءلة لغرض عزله". وفي بيان مطول كتب بايدن: "يحتاج الشعب الأمريكي إلى قادته في الكونجرس لاتخاذ إجراءات بشأن الأولويات المهمة للأمة والعالم". وقد أصاب في ذلك كبد الحقيقة خصوصًا أن مجلس الشيوخ لن يدين الرئيس بايدن مع وجود أغلبية ديموقراطية، وكذلك استحالة اتفاق الثلثين وهو ما حرص عليه الآباء المؤسسون لكي لا يكون عزل الرئيس مسألة عبثية.