أكد الدكتور سعد الغامدي أستاذ الدراسات العليا العربية سابقاً بجامعة أم القرى أن تسمية وزارة الثقافة لهذا العام 2023 بعام الشِّعر العَرَبي، اهتمام يمكن أن يصف بالعالمي بما أنه تراثٌ إنسانيٌّ لأمة عظيمة، مشيراً في هذا الحوار إلى أن الشعر ديوان العرب وسجل لتاريخهم. مؤكداً أن الشعر العربي يمدّ ثقافتنا المحلية بالمزيد من الإبداع والإنجاز، حيث يزداد نتاج الشعراء بوجودهم في بيئات أدبية ناضجة، فإلى الحوار: * كيف تسهم تسمية عام 2023 بعام الشعر في إبراز هذا المكون الحضاري؟ * لا شك أنّ تسمية العام 2023 بعام الشعر العربي ستسهم في إبراز الشعر العربي وإشهاره على نطاق واسع، فعلى الرغم من أنّ الشعر العربي حظي باهتمام يمكن أن يوصف بالعالمي بما أنه تراثٌ إنسانيٌّ لأمة عظيمة ذات رسالة ولغة خالدتين وذات تراث عظيم مكتوب بهذه اللغة الباقية عبر العصور دون تغيير كبير إلا أنّ ما أحدثته وسائل التواصل وغيرها من مستجدات من صرف لكثير من الناس عن ما هو جادّ وحضاري حقيقي أوجد حاجة للتذكير بما للعرب من تراث غنيّ وبخاصة الشعر الذي كان ديوان العرب وسجلاً لتاريخ المشاعر والأحداث المهمة التي في بَعْثِها بعثٌ للهمم، وفي التذكير بها تذكيرٌ بضرورة المضيّ إلى الأمام في شتى مجالات الإبداع والبناء والتحضر، من هنا كان فكرة تسمية عام من الأعوام بعام الشعر العربي إحدى وسائل البعث للاهتمام بهذا المنجز العربي الإنساني الإبداعي. * كيف تقرأ دور الشعر العربي في تكوين الثقافة المحلية؟ * الشعر العربي فصيحُه وعاميّه لمّا كان مكوّناً ثقافياً محلّيّاً وعربيّاً عظيماً أساساً، كان قادراً على أن يمدّ ثقافتنا المحلية بالمزيد من الإبداع والإنجاز وتشكيل الفكر والاتجاهات وتوجيهها نحو ما هو أرقى وأفضل للمجتمع المحليّ بخاصة وللمجتمعات الناطقة بالعربية بعامة ومنذ زمن طويل حديث وقديم كان الشعراء يزداد نتاجهم وإبداعهم مع وجود بيئات أدبية تحضنهم كالأسواق التي كانت تُنشد فيها الأشعار ويتنافس فيها الشعراء، وكعناية الخلفاء والأمراء والموسرين بالشعراء والشعر، وحديثاً المسابقات الشعرية وجوائز الحكومات والمؤسسات والأندية والأمسيات الشعرية. * ما القمة المعنوية التي قد يحدثها عام الشعر العربي في وجدان الشعراء؟ * يحدث آثاراً كبيرة في وجدان الشعراء، ويحفز كثيرين على محاولة قول الشعر والإبداع فيه، وإنّ عام الشعر وما تم فيه ويتم من فعاليات سيكون دافعاً ومضيفاً قيماً معنوية للشعراء ونقاده والمعنيين به لكي يقدموا المزيد والمزيد من الإبداع في مضمون الشعر، ولغته، وصوره، وأثره. * هل بالإمكان أن يثير الشعر العربي حراكاً أدبياً رفيعاً في المملكة؟ * لا شكّ أنه بإمكان الشعر العربي، وعامه، والاحتفاء به بشتى الطرق أن يحدث ويولد حراكاً أدبياً رفيعاً في المملكة قد يمتد، بل أرجح أنه سيمتد إلى خارجها خصوصاً لو أضيف إلى فعالياته استضافة شعراء العرب المبدعين شيباً وشباباً رجالاً ونساءً مشاركين مع شعراء السعودية في أمسيات ومسابقات ونحوها. وسيزيد من ذلك ما لو عُنِي بالشعر الفصيح المغنى من قبل قدامى المغنين السعوديين ومحدثيهم، خاصة ما موضوعه المدائح النبوية، والوطنيات، وموضوعات الشعر الأخرى المحببة للجماهير مع إيصاله إلى أنحاء العالم، وكذلك العناية بترجمة الشعر عند إنشاده وغنائه، والحراك الشعري فصيحاً وعامّيّا سيمكن للغة العربية فصيحها ولهجاتها عند الشعوب، وسيزيدها حياة وتمكناً على ألسنة الناس. * ارتباط الشعر باللغة العربية هل يتأثر بالعاميات واللهجات الدارجة؟ * الشعر الفصيح واستمراره على الألسنة وكذلك العامّيّ يحدّ بل قد يمنع احتلال لغات عالمية لألسنتنا وأفكارنا. ولعل وزارة الثقافة تفكر بأعوام للرواية والقصة والأقصوصة والمسرحية ولكافة الأشكال والأنواع الأدبية خدمة للغة العربية لغة القرآن بجميع مستوياتها، والعاميات العربية ليست عدواً للفصحى ولا مضارة لها كما يدّعي بعضهم ذلك، بل إنها حفظت الفصحى ألفاظها وتراكيبها إلى حد كبير، وكانت وعاء لها وقت تدهور التعليم قبيل القرن العشرين، كما ساعدت كثيراً في إحياء الفصحى على الألسنة وقت عصور النهضة العربية الحديثة، وما ذلك إلا لصلتها القوية بها فهي منها وإليها، وهكذا نجح شعراء الإحياء وعلماء العربية والشرعية في البعث الجديد للغة العربية ونصوصها العظيمة القديمة، ونبغ فينا شعراء وأدباء من طراز رفيع باقيةٌ آثارُهم حاضرةٌ إبداعاتُهم شعراً ونثراً. كلنا نتطلع إلى حضور قوي في شتى المجالات اللغوية والأدبية والفنية والعلمية والصناعية والزراعية وكل ما يشرفنا ويرفع مستوانا الحضاري بين دول العالم المتقدم. وفق الله المسؤولين في بلادنا إلى كل ما يحقق لها النماء والتقدم. الغامدي: الشعر يحمي ألسنتنا من احتلال اللغات الأخرى