قرأت استطلاع رأي أجرته شبكة التلفزيون الأميركية "سي أن أن" مع بعض السياح لمعرفة أفضل المطابخ العالمية، وقد رتب السياح المطابخ العشرة الأولى كالتالي: فقد احتل المركز الأول المطبخ الإيطالي، وثم المطبخ الصيني، ومن ثم المطبخ الفرنسي، ومن ثم المطبخ الإسباني، ويليه المطبخ الياباني، فالمطبخ الهندي، فالمطبخ اليوناني، ومن ثم المطبخ التايلاندي، ليأتي المطبخ المكسيكي في المرتبة التاسعة، والمطبخ الإنجليزي في المرتبة العاشرة. يتضح من هذا الاستطلاع أن القارة الأوروبية تغلبت على جميع قارات العالم بخمسة مطابخ (الإيطالي، والإسباني، واليوناني، والفرنسي، والإنجليزي)، يأتي بعدها القارة الآسيوية بواقع أربعة مطابخ (الصيني، الياباني، الهندي، التايلاندي)، وتأتي قارة أميركا الشمالية بالمطبخ المكسيكي فقط، وغابت باقي القارات ومنها القارة الإفريقية الغنية بالمأكولات اللذيذة شمال القارة في الدول التي تقع على البحر الأبيض المتوسط، وغاب عن الاستطلاع على مستوى الأقاليم المطبخ العربي بكل دوله، وكذلك غاب المطبخ الروسي والمطبخ التركي والمطبخ الإيراني. ربما الاستطلاع وضع هو الخيارات لمن قدم له الاستطلاع، وبذلك يجبر المجيب على الرد وفق الخيارات الموجودة. في المجمل أعتقد أن هناك خيارات عدة لم تذكر، ولم يخترها السياح، ولربما أن السياح كانوا من جنسيات محددة، وهذا قد يكون قد أثر على نتيجة الاستطلاع، ورغم تحفظي على بعض المطابخ التي اختيرت لكن تبقى مطابخ عالمية يجب أن يعمل غيرها من الدول على عولمة مطابخهم إن رغبوا بذلك. مراجعتي للاستطلاع حرك مشاعر الرغبة لدي وتساءلت: لماذا لا يكون المطبخ السعودي هو أحد هذه المطابخ العالمية؟ الوصول للعالمية يساهم في إبراز الموروث والثقافة السعودية في مختلف المجالات، ومن هنا كان التركيز على تطوير وإبراز المطبخ السعودي لما للطعام دور محوري ومركزي في ثقافات الشعوب وتاريخها. يعود تاريخ المطبخ السعودي بمكوناته المختلفة إلى العصور القديمة، وقد تأثر بالثقافات المختلفة التي مرت بالمنطقة، وكذلك بالمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة. يتميز المطبخ السعودي حالياً بأكلاته المتنوعة التي تختلف من منطقة إلى أخرى لتنوع التضاريس والمناطق والبيئة والجغرافيا والثقافة في مناطقنا المختلفة، فنتج عنها المطبخ النجدي "مطبخ المنطقة الوسطى"، والمطبخ الأحسائي ضمن مطبخ "المنطقة الشرقية"، والمطبخ الشمالي، والمطبخ الجنوبي، ومطبخ المنطقة الغربية، كما ساهم موقع السعودية كطريق تجارة عالمي بين ثلاث قارات إلى ورود مختلف أنواع البهارات إليها من بلاد العالم، ولأن بها قبلة المسلمين مكةالمكرمة والمدينة المنورة التي يزورها ملايين البشر سنوياً، جعلها حاضنة للثقافات بأنواعها، وفي هذا المطبخ يوجد الكثير من الأكلات الشهية والتي تجمع بين التنوع الغذائي المفيد للإنسان وطيب المذاق في وصفات لذيذة ولمختلف الوجبات الصباحية والمسائية، وتتعدد الوصفات بين الأطباق الرئيسة والجانبية وأطباق الحلويات والمخبوزات، ويضاف إلى ذلك تنوع المشروبات الحارة والباردة. وحتى يصبح المطبخ السعودي عالمياً فهناك عمل طويل وكبير، ونحن على ثقة أن هيئة فنون الطهي تولي هذا الأمر الاهتمام والرعاية باعتبارها المشرفة على تنمية وتطوير قطاع الطهي والنهوض بمقوماته ووضع الآليات والضوابط ذات الصلة به كونها المرجعية لهذا القطاع؛ كما تسعى للتعريف بالأطباق السعودية محلياً وعالمياً وبما يجعلنا نفخر بتراثنا وتحقيق رسالتها في أن يكون فن الطهي السعودي خير سفير للتوعية بتاريخ وثقافات المملكة عالمياً. لن أنسى عبارات صديقاتي من مختلف الجنسيات خلال إقامتي في هولندا وهن يتذوقن الأطباق السعودية اللذيذة التي تزخر بأصناف عديدة وشهية، وهذا كان الحال بعدد محدود من الأطباق فما بالكم بالمطبخ السعودي الكبير المتنوع!
