سؤال يتردد عند متذوقي الشعر ، لماذا يبدأ الشاعر بفعل الأمر؟ فعدد من قصائد الشعراء تبدأ بفعل الأمر: قم سو ، هات الدلال، دن القلم، . شب النار، . قم يا نديبي. وهذا الأمر يكون في مستهل القصيدة وبدايتها. ومن المعروف أن فعل الامر يأتي إما: استعلاء او التماسا او دعاء. السلمي: الشاعر يخاطب هاجسه للاسترسال بتلك العبارات ولأن الموضوع يهم الشعراء والمتلقين على حد سواء عرض الموضوع على عدد من الشعراء فجاء الجواب كالتالي: عبدالله المفضلي الشمري: الشاعر اكبر مشكله تواجهه مطلع القصيدة وهنا فعل الامر حتى يبدأ بالدخول في القصيدة وهو أمر صوري قابل للتنفيذ. طبعاً هذا اسلوب الشعراء القدامى .. سعد مطلق: اعتقد ان الشاعر مشغول ذهنيا هناك هاجس فكري. المقرن: الشعراء الذين تحدثوا بمثل هذا كان لديهم من يخدمهم ثم أصبح أمرًا متوارثًا ويقول محمد الدهيمي: قد يكون ذلك تأثراً بقصائد شهيرة وقديمة وأعتقد ان المخاطب في مثل هذا الاستهلال اما ابن الشاعر وهذا قد يكون مقبولاً او شخصية غير حقيقية في أغلب الاحوال مثل المندوب او المرسول وهنا فقط تكرار لنهج من سبقه من الشعراء أما ضيف الله أباالعون فيقول: وجهة نظري ديباجة تقليدية كمدخل للاسهاب بالقصيدة .. قوالب جاهزة كانت سائدة سابقا لكن الآن اختلف العصر والمعطيات فشبه انعدم استخدامها. فهي مجرد (مِشَدّ) للقصيدة ومدخل قوي في ذلك الوقت وأما رأي فهد إبراهيم المفرج فهو: الشروع في شرح الحالة وتهيئة جو القصيدة يستدعي الاستهلال المناسب لتلك الحالة ، فعندما يستفتح الشاعر قصيدته ب دنّ القلم فهذا يعني الشروع في موضوع مستقل بذاته وعندما يقول قم سو أو هات الدلال فهذا غالباً يبيّن أنّ الشاعر منزعج من موضوع ما ويريد طرحه وإيضاحه والاستهلال فنّ لا يجيده إلا القليل . والأمر أسهل وأيسر فهو لم يأمر أحدا في الحقيقة لا ولده ولا غيره ولكن الموضوع موضوع تهيئة جسر عبور للقصيدة فقط . فحينما يقول امرؤ القيس لصاحبيه مستهلاً معلقته: قفا نبكي من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ أليس هذا أمراً بالوقوف في أشهر معلقة عربية ؟ ولكنه قبل أن يشاركهم فقد أمرهم ، الأمر صريح في مطلع المعلقة . كما أسلفتُ الموضوع متعلق بتهيئة الدخول للقصيدة ليس له علاقة بأمر ولا بهاجس. ويبقى الشعر جميلاً حتى تُقتحم أسواره ويتم الدخول إلى أدق تفاصيله . عندما كان الشاعر الأعرابي مشتملاً ببردته سلب الألباب بقصيدته أباالعون: ديباجة تقليدية كمدخل للإسهاب و أما محمد العجلان، فيقول: قد يكون الخطاب من الشاعر لذاته لخلق جو من التفاعل مع القصيدة أو الحدث .. القباني حين لا يجد الأنثى يتخيلها أو يصنعها لكي يحفز ملكته للكتابة .. للشعراء مذاهب وطقوس مختلفة جداً يجدون أنفسهم دون أن يشعروا منساقين نحوها أو من خلالها، وهكذا هو الحال في الشعر العربي الذي يستخدم المثنى بدلاً من المفرد مثل ( قفا ) ( خليلي ) وغير ذلك. وأما خالد بن محمد المقرن فمن رأيه: أظن والله أعلم أن أغلب الشعراء الذين تحدثوا بمثل هذا كانوا من أمراء القبائل وعلية القوم وكبار السن ولديهم من يخدمهم ثم أصبح أمرًا متوارثًا لدى الشعراء وكذلك قد يدخل فيها مسألة أوزان البحور أو استهلال القصائد كما كان الوقوف على الأطلال لشعراء الجاهلية.. ويقول عبدالله السراء: الذي يظهر لي أنه موروث تناقله الأبناء عن الأجداد وساروا على نهجه وأصبح مألوفا لديهم وكانوا يفتتحون قصائدهم به كنوع من الفخر ويقول عبدالرحمن المحياوي: أفعال الأمر فيها تشويق للإنصات ويقول عبدالرحمن الفوزان: لستُ شاعراً لكن استهلال الشاعر يلفت انتباه المتلقي بل يشُده وفعل الأمر وأحياناً النداء يؤديان الغرض ويقول صهيب السلمي: هنا الشاعر عندما يستخدم تلك العبارات فهو يخاطب هاجسه للاسترسال . ويستخدمها في موضوع معين تاتي ملامح الموضوع بعدها مباشرة . بمعنى اوضح يستخدم واحدة منها او اثنتين كبداية استرسال بناء القصيدة . والبيئة التي يعيشها الشاعر تلعب دورا كبيرا في ذلك . وليس بالضرورة ان يستخدمها في كل قصيدة. المفرج: الشروع في شرح الحالة وتهيئة جو القصيدة ويقول عبدالعزيز الحمد: ليس بالضرورة ان يستهل الشاعر قصيدته بفعل امر فكثير من القصائد لاتبدأ بفعل امر لكن حتى بعض الشعراء في العصر الجاهلي بدأت قصائدهم بفعل امر مثل قول الشاعر امرؤ القيس ابن حجر في مطلع معلقته قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ عمرو بن كلثوم في مطلع معلقته يقول أَلَا هُبِّي بِصَحْنِكِ فَ0صْبَحِينَا ، ويقول الأعشى في مطلع معلقته وَدِّعْ هُرَيْرَةَ إِنَّ الرَّكْبَ مُرتَحِلُ والأمثلة كثيرة قديماً وحديثاً العجلان: خطاب من الشاعر لذاته لخلق جو من التفاعل مع القصيدة و يقول حسين القحطاني: اتوقع لكل فترة زمنية شعرية في الغالب تكون لها خاصيتها من حيث الاستهلال الشعري للشاعر في قصيدته مثلما كان الشعراء قديما في الغالب بداية قصائدهم لها علاقة بالاطلال. انتهى من آراء الشعراء وللحديث بقية ، ففعل الأمر له دلالاته التي لا تنتهي وخاصة عندما نعرف أن الشعر سلطة، وتلك السلطة موهبة خاصة بالشعراء يستخدمها الشاعر في تعديل وضع وتقويمه، ويقدم استشارة، وينصح ويثني ويمدح، وربما أمر وقدم بعده الرجاء أو الدعاء أو هيبة السلطة. فهد إبراهيم المفرج عبدالله المفضلي ضيف الله أباالعون عبدالله السراء حسين القحطاني محمد العجلان