فرع "البيئة" بالشرقية يقيم دورة تدريبية عن "أساسيات الزراعة العضوية"    من الرياض إلى العالم.. منتدى TOURISE يفتح آفاق الاستثمار في اقتصاد السياحة المستدامة ويستعرض فرصًا تتجاوز 9 تريليونات دولار    سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعا بدعم من القطاعات الكبرى    وزير الحج والعمرة يلتقي بأكثر من 100 وزير ومفتي ورئيس مكتب شؤون الحج ويحثهم على استكمال إجراءات التعاقد قبل 15 رجب    القيادة تعزي رئيسة جمهورية سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    منصة إحسان تدعم جمعية الإعاقة السمعية بجازان بمشروع توفير الأدوية للمرضى المتعففين    مجلس الوزراء: الموافقة على نظام حماية المؤشرات الجغرافية    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تعتمد برنامج جراحة الفم والوجه والفكين في تجمع تبوك الصحي    المنتخب السعودي على مشارف التأهل في مونديال الناشئين    بيان في الشباب بشأن أزمة الحارس بوشان وقرار الفيفا    المشهد السياسي العراقي في ضوء الانتخابات البرلمانية الجديدة    أمانة الشرقية تحصد المركز الأول في فئة أفضل مشروع اجتماعي    أمير الشرقية يكرم مدارس المنطقة بدرع التميز والاعتماد المدرسي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية بولندا بذكرى إعلان الجمهورية لبلاده    مجموعة شركات SAMI تحصد ثلاث جوائز للتميز في توطين الصناعات العسكرية    ب "رؤية ما لا يُرى".. مستشفى الملك عبدالله ببيشة يُفعّل اليوم العالمي للأشعة    الفقد والادعاء.. حين يساء فهم معنى القوة    قصيدة اليقين    لماذا دخل الشرع البيت الأبيض من الباب الجانبي؟لأنها زيارة خاصة لا رسمية    أنت أيضا تحتاج إلى تحديث    هجوم روسي بمسيرات يوقع قتيلا شرق أوكرانيا    سعر برميل النفط ينخفض إلى 63.93 دولار    «التواصل الحضاري» ينظّم ملتقى التسامح    ضبط 21647 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    95 مليون ريال لصيانة ونظافة وتشغيل 1400 مسجد وجامع في المملكة    استبعاد تمبكتي من معسكر الأخضر.. واستدعاء الشهراني وكادش    «الشورى» يدعو مركز المناطق الاقتصادية في الرياض لاستكمال البناء المؤسسي والخطة الإستراتيجية    تعاون سعودي- إماراتي لمكافحة جرائم الفساد    الديوان الملكي: وفاة وفاء بنت بندر    خادم الحرمين يدعو لإقامة صلاة الاستسقاء الخميس    تحت رعاية ولي العهد.. تنظيم المؤتمر العدلي الدولي الثاني بالرياض    وسط ضغوط على المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. الاحتلال يمنع خروج المحاصرين في أنفاق رفح    لجان الكرة وقرارات غائبة أو متأخرة    شلوتربيك أولوية لبرشلونة في يناير    يوثق التحولات التاريخية والحضارية للمشاعر.. «الدارة» تطلق ملتقى تاريخ الحج والحرمين    وعكة صحية تدخل محمد صبحي المستشفى    1.7 مليون دولار تعويضاً على تنمر النظارات    النصر يتصدر بالمحلي    علامات تكشف مقاطع الفيديو المولدة بال AI    يتباهون بما لا يملكون    تقديراً لجهودها في إبراز خدمات المملكة لضيوف الرحمن.. نائب أمير مكة يكرم وزارة الإعلام بمؤتمر الحج    أمريكي يبحر 95 كيلومتراً داخل يقطينة    أكد أن المنظومة تشهد تحولاً نوعياً.. وزير البلديات: تشغيل ذكي وإدارة رقمية لخدمة ضيوف الرحمن    ممرض ألماني يخدر المرضى ليهنأ بليلة هادئة    موانع حمل للرجال (1)!!؟    الأخضر تحت 19 عاماً يدشن تدريباته في معسكر الأحساء استعداداً لكأس آسيا    خديعة القيمة المعنوية    أزمة الأطباء الإداريين    «الرياض الصحي»: البحث العلمي شريكٌ محوري في التحول الصحي    رئيس جامعة جازان يطلق منصة "ركز" للاستثمار المعرفي    "مسام" ينزع (1.044) لغمًا من الأراضي اليمنية خلال أسبوع    البنيان يرعى «التعليم المنافس» في «الملك سعود»    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عزاء أبناء الأصدقاء
نشر في الرياض يوم 31 - 01 - 2023

كان معي يضحك ويتبادل أطراف الأحاديث، يهمس إلى هذا، وإلى ذاك ينصت. كان بيننا مبتهجًا إلى آخر مداه. مستبشرٌ متفائلٌ منذ صبحيته الباكرة تلك التي جاءت بأمسيته الفاجعة. جلست وإياه على مائدة الإفطار وكان كل شيء في موقعه تمامًا: الشمس، والشروق، والطعام، وعينيه الخارجتين للتو من النعاس. لم يفصلنا عن الحديث إلا اتصال واحد، كنت أتحمّد فيه لأحد أصدقائي بسلامة زوجته وأباركه مولوده الجديد. ولم يكن من صديقي «الرويلي» الجالس أمامي إلا أن بادر بمباركته دون أن يعرف، أو يعلم عن صديقي -ذاك- حتى اسمه، لكنه نبل يسير على الأرض، وقلب ينبض بالحياة والعطاء. «وضحكنا ضحك طفلين معًا».
وشاع التهامس المتبسم من حولنا ولكن سعادتنا الطاغية لم تعطِ فرصةً واحدةً لأن نوقف جيوش البهجة والسرور التي جمعتنا مجدّدًا. خرجنا نحمل الصباح على وجوهنا وتسير بظلّه أقدامنا. وقفنا على البحر نعيد رسم آمالنا وطموحاتنا وتفاعلاتنا الصباحية مع هذه الحياة الواسعة. يحادثني والضحكة حاضرة كما لو أنني أمام بث مباشر للقطة كوميدية. وفي لحظة صوت موج صاعد.
انقلب بنا الحديث فجأة إلى مؤرخٍ عربيٍ شهيرٍ كنّا قد قرأنا عنه أنا وهو ثم قررنا كتابة مادة صحفية حول تجربته، بادرني بالسؤال:
* أتذكر تلك الشخصية التي كنا نود عمل مادة صحفية عن تجربتها التاريخية؟
* نعم ، نعم افتكرتها.
ورحنا نعيد سياقها من جديد ونحن «بملتقى جازان التاريخي» وكأننا ننشئ ملفًا تاريخيًا صحفيًا عنها، وظل البحر يشهد على ذلك البعث.
لحظتها لا أدري لماذا لم يتذكر من ملفاتنا الصحفية، وأوراقنا المشتركة، وأحلامنا الكبرى، وكل ما نحن فيه من سعادة باجتماعنا ذاك سوى تلك الشخصية التاريخية!؟ في لحظاتنا تلك لم أنتبه إلا إلى ذلك القرب المبهج لصدري، والسار لروحي بوجود توأمي الذي رُزقت به من رحم أمّنا الحياة.
واليوم، اليوم عرفت لماذا تعيد لنا الذاكرة شيئًا لا علاقة له بأحاديثنا الرئيسية، ولا حتى الفرعية. شيء له علاقة باستطراد الذاكرة الذي يشبه الإيحاء أو الحدس.
اليوم فقط علمت لماذا خرجت بنا ذاكرته إلى تلك الشخصية التاريخية التي فقدت ابنها وهو في زهرة شبابه.
اليوم وأنا أهاتفه لأعزيه في ابنه «فيصل بن محمد هليّل الرويلي» فقط اليوم وأنا استشعر دموعه المؤمنة بالقضاء والقدر، وأنينه الصامد الذي خرج لي من حلقه الجاف.
أي عزاءٍ سأحشده له في مكالمةٍ عن بُعد ولم تكتمل 24 ساعة بعد على فراقي له حين هبطنا معًا إلى مطار الرياض لأودعه وأحتضنه ثم أفارقه على أمل الالتقاء به قريبًا؟
أي عزاءٍ يليق بك في وفاة «فيصلنا» يا صديقي؟
أعلم أنّ الكلمات أثناء الموت ليست مثلها أثناء الفرح، وأنه مهما احتشد الناس من حولك ستظل دواخلك ودواخل من معك مذهولةً، ومصدومةً، ومألومةً، وواجمةً، وفاقدة، ومكلومة.. ولكنها أقدار ومصائب الحياة يا صديقي.
أعلم أن الإيجاز في الخطاب والتحلي بالصمت أمام صديقك الفاقد لابنه خيار جيد في مرحلةٍ ما، ولكني لم أستطع إتمام مراسم صمتي هذه أبدًا. لقد تخيلت انقلاب الأدوار، وانعكاسها بيننا، وكنت على يقين أنك ستغدو مثلي ولن تستطيع إطالة الصمت أو تركي في حالي وعزلتي المُكلفة. فإليكم همس الروح هذا وأنا على يقين أنك تعلمه وتعرفه. لقد ذهب حبيبك وحبيبنا «فيصل» إلى حياته الأخرى، ذهب بعدما أتمّ مناسك عمرته. ذهب بعد أقل من يوم من تغييره لملابسه البيضاء ليرتدي ملابس بيضاء أخرى يستعدّ فيها للقاء ربه مُطّهرًا شفيعًا لك ولأهل بيته.. وإن الله لأرحم بعباده من عباده...
وإنا لله وإنا إليه راجعون
*روائي وصحفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.