في الوقت الذي تكثف رئاسة الحرمين الشريفين جهودها لتعظيم الخدمات النوعية للمعتمرين والقاصدين وفق اعلى المعايير العالمية، تعطي في ذات الوقت الجوانب الارشادية والتوجيهية والبحث العلمي والعلوم الفقهية اهتماما منقطع النظير، كون هذا المحور يستهدف طلاب العلم الشرعي والباحثين والخبراء في مجال العلم الشرعي حيث يعتبر المسجد الحرام قبلة للمسلمين ومنارة اشعاع لتكريس قيم التسامح والوسطية. ويعد برنامج "صناعة الأصولي"، وهو احد البرامج للمجتمع عامَّة وللشباب خاصَّة، ووقايةٌ لهم مما يَرِدُ عليهم من أفكار دخيلة هدّامة واعداد الدراسات والأبحاث التي تساهم في الارتقاء بالصناعة الأصولية البحثية. وهذا البرنامج الذي تبناه الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، عمليا وبحثيا ومبادرات وتنفيذا، يهدف لاعداد نماذج من الأصوليين الذين يحسنون التعامل مع الأدلة الإجمالية الشرعية بنفس شمولي، وأدوات معاصرة وفق رؤية معتدلة. تعد صناعة الأصولي من أهم مقومات الأمن الفكري؛ ففي تحقيقِ صناعةِ الأصولي حمايةٌ للمجتمع عامَّة وللشباب خاصَّة. إطلاق برنامج صناعة الاصولي 2 وعندما يرعى الرئيس العام انطلاق برنامج "صناعة الأصولي (2)" غدا الاحد، فان هذا البرنامج سيعضّد مشروع صناعة الاصولي لطلاب العلم والباحثين بمادة علمية ترقى به إلى أن يكون ملماً ومحيطاً بأدوات وآليات الأصوليين لاستنباط الحكم الشرعي من أدلته الإجمالية، إضافة إلى التعريف بأهم فروع علم أصول الفقه، والوقوف على أهم معالم المدارس الأصولية المختلفة. وسيتحدث الرئيس العام خلال الدورة التأهيلية في علم اصول الفقه وتأهيل طلابه في اطار مبادرة صناعة الاصولي 2 الثلاثاء القادم في محاضرة بعنوان "علم اصول الفقه واثره في تنمية الملكة الفكرية الصحيحية، فيما سيتحدث فضيلة الشيخ الدكتور سعد الشثري عن "الجدل الاصولي الفقه".. وسيتطرق فضيلة الشيخ الدكتور غازي العتيبي عن "مقدمة في دلالات الالفاظ.. اما الشيخ الدكتور حسن بخاري سيلقى الضوء اصول فقه الحنفية وسيتحدث الشيخ الدكتور عبدالرحمن القرني عن علاقة علم الفقه بغيره من العلوم. جودة الاستدلال وصحة التنزيل وعرّف الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، في معرض شرحة لصناعة الأصولي بالقول "بأنها تنمية الهيئة الراسخة في نفس الأصولي بحيث تمكِّنه من حسن التصور للمسائل والقواعد الأصولية، وجودة الاستدلال وصحة التنزيل.. وأوجز الرئيس العام أهمية صناعة الأصولي من خلال عدد من النقاط منها أن موضوع صناعة الأصولي يحظى باهتمام بالغ لدى الأوساط العلمية، مع ما يجري في حياة الناس من تطورات هائلة، ونوازل متتابعة تحتاج إلى بيان أحكامها تخريجًا على القواعد الأصولية والمقاصد الشرعية، وجرأة كثير من غير المؤهلين في هذا الزمان بالتصدر للاستنباط من النصوص الشرعية، والإفتاء في الوقائع المستجدة والنوازل المعاصرة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأنها من أهم الوسائل لحفظ الدين الإسلامي الحنيف، وأهم الوسائل للدفاع عن أدلة الشريعة أمام الملحدين والمتشككين، إضافة إلى حاجة الدارسين والباحثين في تخصص الفقه المقارن وكذلك القضاة إلى الصناعة الأصولية. وهناك عدة عوامل لصناعة الأصولي ومنها الاستعداد والذكاء الفطري، والطبيعة المعتدلة، والرغبة في اكتساب الملكة الأصولية، العناية بضبط قواعد العلم وكلياته ومقاصده؛ كونها من أكبر أسس اكتساب الملكية والمهارات اللازمة لممارسة الصناعة الأصولية. قيمة الرسوخ وتنمية الحس الاجتهادي وسيعمل المشروع على تدعيم وتعزيز قيمة الرسوخ والتمكين العلمي، وتعميم النظرة المنفتحة والشمولية على جميع المدارس الأصولية، والتعريف بالأدلة الشرعية الإجمالية، ومعايير وضعها عند الأصوليين على اختلاف مدارسهم، وكذلك تنمية الحس الاجتهادي، وحسن توظيف القواعد الأصولية في الواقع المعاصر. ويتمثل المشروع في خمسة دورات مركزة وهي الجدل الأصولي، أصول فقه الحنفية، علاقة علم أصول الفقه بغيره من العلوم، مقدمة في دلالات الألفاظ، علم أصول الفقه وأثره في تنمية الملكة الفكرية الصحيحة. مهارة تحرير المصطلحات ومن المهارات الأساسية لصناعة الأصولي وهي مهارة تحرير المصطلحات منها النظر في الكتب التي اعتنت بالتعريفات الاصطلاحية وملاحظة ما قد يورده بعض الأصوليين على التعريفات وما يجاب عنه في النقاش الأصولي والموازنة بين أكثر من تعريف لأهل العلم وإبداء الفروق بينها، ومهارة تحليل النص الأصولي المتضمنة القدرة على كشف العلاقات بين مكوِّنات النص الأصولي إما بتفكيك أجزائه أو بتركيب عناصره المتفرقة أو بالمقارنة بين مكوناته وذكر أساليب عدة لتنميتها. وشرح الشيخ السديس معوقات صناعة الأصولي وأوجزها بأنها الطابع التجريدي لعلم أصول الفقه وغلبة الجانب النظري على الجانب العملي التطبيقي وتعقيد الأسلوب وصعوبة المسائل والحديث عن مسائل كثيرة تعد من نوافل القول في علم الأصول أو لا مدخل لها في الغرض الذي من أجله وضع هذا العلم، كمسائل اللغات، وعدم الحديث بتفصيل عن مقاصد الشريعة، وأنَّ غلق باب الاجتهاد وتحجير النظر حطَّ من قيمة علم الأصول عند طالبيه، عدم وجود البيئة الخصبة، والتربة الصحيَّة، والمناخ الملائم لنموِّ فنِّ صناعة الأصولي، من خلال عدم توفير الأدوات والإمكانات اللازمة لذلك. تعظيم دور الإبداع والابتكار وتحقق آثار صناعة الأصولي محبة الله تعالى وتعظيم دور الإبداع والابتكار والإتقان في الأوساط العلمية، وتفعيل المعايير الصحيحة والسليمة في التحصيل الأصولي، وتعزيز وتنمية المهارة الأصولية ونقل المسائل الأصولية من حيز التنظير إلى رحابة التطبيق، واستنهاض همم طلاب العلم الشرعي عمومًا، وشحذ أفكارهم، وتطوير ملكاتهم، وتنمية مكتسباتهم من خلال إعداد الجو الملائم والمناخ المناسب ليكونوا نواة رواد صناعة الأصول. وتحرص رئاسة الحرمين بنشر ثقافة صناعة الأصولي بين الأوساط العلمية المختلفة، من خلال برامج التوجيه والتثقيف بشتّى الوسائل والوسائط المؤتمرات، والندوات، والمحاضرات، والاجتماعات، والتِّقانات، وزيادة العناية بصناعة الأصولي عبر مناهج التعليم، وخطط التربية فضلا عن تبيان أثر علم أصول الفقه في كثير من المسائل الشرعية والقانونية المعاصرة وإعداد نماذج من الأصوليين لإتقان التعامل مع الأدلة الإجمالية الشرعية بنفس شمولي، وأدوات معاصرة، كما سيقدم البرنامج مادة علمية متكاملة تمكن المستفيد من الإلمام والإحاطة بأدوات وآليات الأصوليين لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلته الإجمالية، وتعريفه بالأدلة الإجمالية المتفق على قطعيتها، والأدلة الإجمالية المختلف فيها بين المدارس الأصولية. ويهدف البرنامج في مخرجاته إلى صناعة أصولي واسع الاطلاع على مذاهب وقواعد وضوابط الأصوليين، ذي نظرة شمولية وأدوات معاصرة، والمرجعية في الرسوخ العلمي في أصول الفقه بمختلف مدارسه، وضبط قواعده وضوابطه، والتمرس على توظيف تطبيقاته على المسائل المعاصرة. كتاب صناعة الأصولي وأصدرت الرئاسة العامة كتاب (صناعة الأصولي)، من إعداد الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس.ً وهو كتابٌ يؤسِّس لتمكين طلبة العلم في فن أصول الفقه، ويحتوي بين طياته على تعريف مفهوم صناعة الأصولي، وأهميتها، وضوابطها، ومهاراتها، وآثارها، والعديد من المواضيع التي تشرح صناعة الأصولي الذي ييعد من اهم العلوم الشرعية والبدء به من أساسه في توضيحه وتسهيله على المتعلمين عموماً، وطلبة العلم الشرعي خصوصاً. وتهدف الرئاسة العامة من خلال طرح مبادرات وحزمات نوعية لصناعة الاصولي للاعداد والتكوين لطلبة علم متخصصين في علم أصول الفقة تخصصاً دقيقاً يُعنى بكافة تفاصيله التي بُني عليها، يفهمون مقاصد الشرعية فهماً صحيحاً،و يدركون شموليتها واتساعها ومرونتها واحتوائها وصلاحيتها وإصلاحه وتنطلق التي سيتم تدشينها من الاستشعار بأهمية هذا الفن وضرورة تأهيل المتعلمين له وتنزيل هذه الأصول تنزيلاً صحيحاً مناسباً لمرادات الشريعة في التيسير على الناس وربطها بمفهوم التسامح من خلال معرفة مقاصد الشريعة وأنها جاءت بالرحمة والتخفيف واستيعاب الناس لتك المقاصد يجعل المتعلم لها بعيداً عن الأهواء مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالدين.