بعد أن تسببت جائحة فيروس كورونا في اضطرابات عالمية واسعة النطاق، باتت أي تطورات صحية جديدة تشكل جرس إنذار، مع الوضع في الاعتبار الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي أحدثتها الجائحة. ومن ضمن هذه التطورات، أصبح فيروس "جدري القرود" يشكل مصدر قلق وسط انتشاره في عدة دول حول العالم ومحاولة عدم تكرار مشكلة صحية عالمية جديدة. وقالت ماديسون مولر، محررة الشؤون الصحية بوكالة بلومبرج للأنباء، إن الاختبارات الأمريكية لجدري القرود لتحديد مدى انتشار الفيروس وأين تظهر حالات جديدة، ليست كافية، وفقا لخبراء الأمراض المعدية والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يشعرون بالقلق إزاء الاستجابة البطيئة لتفشي المرض الذي تضررت منه بالفعل 32 دولة. وأشارت إلى أنه رغم أن المختبرات الحكومية لديها القدرة على اختبار ما يصل إلى ثمانية آلاف عينة في الأسبوع، فإنها تستخدم 2 % فقط من هذه القدرة، مما يشير إلى أنه يتم إجراء حوالي 23 اختبارا لجدري القرود يوميا. وتقول مولر إنه عادة ما يشاهد جدري القرود في البلدان الأفريقية حيث تنجم الحالات البشرية عن انتشار الحيوانات المصابة، وينتشر بسبب الميول الجنسي غير المستقيم. وعلى الرغم من أنه لا ينتشر بالسرعة التي ينتشر بها كوفيد 19، فقد تم تسجيل أكثر من 1600 حالة على مستوى العالم منذ أن بدأ مسؤولو الصحة في تتبعه الشهر الماضي ، بما في ذلك 72 حالة في الولاياتالمتحدة حتى يوم الثلاثاء الماضي. وقال كريلينشتاين إن الوضع يعيد للأذهان الأيام الأولى لكوفيد 19، عندما سمحت الاختبارات المعيبة من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بانتشار الجائحة دون اكتشافها في الولاياتالمتحدة. وأضاف في مقابلة: "من المثير للقلق أن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها لا تضغط من أجل ذلك بنفسها ، خاصة بعد كوفيد 19". وتابع: "هذه فترة حرجة، حيث يصبح من الصعب السيطرة على تفشي المرض مع مرور الوقت". ويتم تشخيص جدري القرود في مختبرات الصحة العامة المعينة بنوع من الاختبارات الجزيئية المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء، والتي تسمى (بي سي آر)، والتي تتعرف على المواد الوراثية الفيروسية. وفي الوقت الحالي، يتم إجراء جميع الاختبارات من خلال شبكة المختبرات الحكومية، والتي يقول الخبراء إنها مرهقة، مما يؤدي إلى تأخيرات محتملة في تحديد الحالات الجديدة وخطر فقدان الانتشار المجتمعي على نطاق أوسع. وذكر ديلون: "هذا التحدي المتمثل في توسيع نطاق الاختبارات وإضفاء الطابع اللامركزي عليها استجابة لتفشي المرض مع سلاسل انتقال واسعة الانتشار وغير معروفة ليس بالأمر الجديد. لقد كان موضوعا شائعا في العديد من حالات تفشي المرض الأخيرة"، بما في ذلك الإيبولا وفيروس زيكا، وبالطبع كوفيد 19. وحث الخبراء على تطبيق اللامركزية في الاختبارات ودعم التوسع في المختبرات والمستشفيات القادرة على إجراء اختبارات "بي سي آر"، خاصة في أماكن مثل عيادات الصحة الجنسية حيث يظهر العديد من مرضى جدري القرود. وقال مايكل مينا، عالم الأوبئة السابق في جامعة هارفارد: "نحن بحاجة ماسة إلى التأكد من أن كل مستشفى لديه مختبر (مختبر للفيروسات الجزيئية) ويجب أن يكون قادرا على اختبار مرضاهم بحثا عن جدري القرود". وأوضح راج بنجابي، كبير مديري الأمن الصحي العالمي والدفاع البيولوجي في البيت الأبيض، يوم الجمعة أنه تم إجراء أكثر من 300 اختبار (بي سي آر) لجدري القرود وكانت هناك زيادة بنسبة 45 %. ويقول مسؤولو الصحة الأميركيون إنهم يعملون على توسيع نطاق الاختبارات لتشمل الشركات والمختبرات الحكومية الأخرى. ونشرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تعليمات عبر الإنترنت، حتى تتمكن المختبرات من البدء في إعداد اختبارات جدري القرود الخاصة بها.