العاشر من ذي الحجة يوم مأساة الخراف العظيم والقصص الحزينة لشركائنا في الكوكب، حيث تتوجه الأنظار للمسالخ الوقورة لأداء الشعيرة الفضيلة، آلاف الأغنام التي تصل بواسطة (الونيتات) القديمة لتسجل حضورها في السوق باكراً، ليسطر البائعون والجزارون بطولاتهم السنوية بمشاركة قديرة مع أبرز المفاوضين والسماسرة الكرام، حيث يقود الذباحون أغنامهم لمجلسهم الأخير مبرهنين على قدرة الإنسان الضعيف في توجيه قطيع كامل من الماشية بمجرد أن يجر قائدها لمثواه المحتوم لتجري خلفه الجماعة طوعاً كونها لن تخالف الالتزامات والأعراف الخاصة بها لآخر قطرة دم عدا بعض المتمردين من حد السكين وهم قلة لا يذكرون، مجسدة بذلك روح المبدأ في الكريه من الأمور. وعلى هذا الجو الكرنفالي البديع في سوق الماشية يمتعنا السيد المسلخ بالكاريزما المعهودة بالرغم من التحسينات التي طرأت عليه مقارنة بالماضيات من السنوات سواء على مستوى المنشآت الحديثة أو التنظيم أو مدة الانتظار أو حتى على توزيع الأعمال إلا أن المسالخ تعاني من مسألة الذبح، فبجانب رائحتها المعطرة بالدماء وتعالي الصرخات هنا وهناك تجد الأضاحي تموت قبل أن تذبح وهي ترى رؤوس وجثث سابقاتها أمامها، حقاً أنا لا أعلم ما إذا عاشت تلك الأنعام حياة كريمة طوال حياتها ولكن ما أعلمه حقاً أنها لم تذبح بطريقة لائقة على الأقل. أيها السادة الدماء ليست مزحة حمراء ثقيلة أو نكتة تلوكها ألسنتنا بطعم المرارة، إنها قضية حقيقية لكرامة الأحياء كلها الإنسان والحيوان، إنها قضية احترام الشعيرة الفضيلة وحق الأضحية في الموت الكريم.