قتل النظام السوري وزبانيته أكثر من مليون سوري، ودمّر معظم المدن، وهجر أهلها، ثم يتسابق شبيحته وميليشياته الطائفية في الاحتفال بالانتخابات الرئاسية، بعد أن زج الموظفين والأهالي وطلاب الجامعات للتصويت بالإجبار، فيما غابت عن لعبة الانتخابات مناطق سورية واسعة وخمسة عشر مليون مهجّر، حتى أضحت مجرد مسرحية لن تمنح الأسد قبولاً وشرعية دولية، وحتى لأقرب مؤيديه، لتكريس حكمه الاستبدادي. نعم، الانتخابات الرئاسية السورية شكلية، إذ إن الأمر محسوم ومعروف مسبقاً قبل إجرائها أن الأسد هو الفائز فيها، ولكن تبقى الكلمة الأخيرة لحلفائه، وليس للناخبين السوريين، لا سيما أن النظام الإيراني، الحليف العسكري للأسد، هو من راقب الانتخابات في محاولة لإضفاء بعض مظاهر النزاهة والشفافية عليها، مع اعتماد الآلة الإعلامية للنظام وحلفائه على اصطناع كثافة غير حقيقية للتصويت، لا سيما في السفارات السورية التي اشترطت توفر جواز سفر ساري المفعول، وهو شرط بطبيعة الحال لا يتوفر إلا لدى بضعة آلاف من السوريين الذين فروا من ديارهم تحت وابل القنابل والصواريخ، وبالتالي لن تقدّم هذه الانتخابات إلاّ صورة الشرعية الشعبية المزيفة، التي يحاول الأسد وحلفاؤه ترويجها للبقاء في الحكم، ثم الترويج بأن الحرب قد انتهت، وانتصر ما يدعى بحلف المقاومة، وحلّ الاستقرار. مهزلة الانتخابات لا تنطلي حتى على أقرب المؤيدين لهذا النظام! من هذا الذي لا يزال مقيماً في سورية ويستطيع أن يعارض النظام ونهجه؟ ويرشح نفسه للرئاسة؟ سوى أن يقوم بدور كومبارس، ربّما كان الأمر في زمن سابق مادة للضحك والتندر، لكن الآن تحوّل إلى مأساة، لأن هناك دماء قد جرت، وما زالت تجري، والله يعلم إلى متى؟! ويبقى القول إن العالم يدرك أن النظام السوري يكذب، كما يدركه السوريون، ومع ذلك يستمر في مسرحيته لإحباط السوريين، وإعلان النصر عليهم فوق ركام مدنهم وقبور شهدائهم!، كلّ ذلك لعلّه ينجح بالالتفاف على القرارات الدولية والحل الأممي متمثلاً بالقرار 2254، والذي يشمل انتخابات حرة ونزيهة بدستور جديد تحت إشراف أممي. لذلك يجب ألاّ يُنظر إلى انتخابات الأسد بأنها دليل على قوته ونفوذه، بل يتعيّن النظر إليها على أنها دليل على استفادة حلفائه من حالة التقاعس الدولي في تنفيذ ما يسعى إليه لتسوية النزاع، لأن فوز الأسد المعلوم مسبقاً هزيمة ليس للسوريين فحسب، بل للنظام الدولي الذي عجز عن حلّ المأساة السورية.